آخر الأخبار

بين حماية الممتلكات والمشاركة... أهم الآليات لجعل طفلك يشارك مع الآخرين دون التنازل عن حقوقه

شارك الخبر

إن الطبيعة الفطرية لأي إنسان هي حماية ممتلكاته وأشيائه الخاصة، سواء أكان كبيرًا أم صغيرًا.

لكن أحيانا يتعرض الطفل للعديد من الضغوطات من طرف والديه ومقدمي الرعاية لمشاركة أشيائه مع الآخرين.

ورغم السلوك الطبيعي الذي يقوم به الطفل، "وهو حماية أشيائه وممتلكاته" فإن الكثير من الأهالي ينظرون إلى ذلك على أنه أنانية، معتبرين أن المشاركة الدائمة هي القرار الصحيح.

في هذا الموضوع سنعمل على تصحيح بعض المفاهيم حول المشاركة، ونقدم لك آليات لجعل طفلك يُشارك مع الآخرين "في الظروف الأنسب" التي سيتم ذكرها.

أولا: لماذا لا يرغب طفلك بالمشاركة؟

الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة ينظرون إلى العالم من منظور شخصي جدًّا. فكرة أن الأشياء يمكن أن تكون "للآخرين" أو يمكن مشاركتها مع الآخرين تُعد جديدة وصعبة الفهم بالنسبة إليهم. كما أن هذه المرحلة تشهد تطور إحساس الطفل بالاستقلالية، وذلك يدفعه لاختبار الحدود والتعبير عن رغباته بطرق قد تبدو عنيدة.

علاوة على ذلك، فإن مفهوم المشاركة يتطلب إدراك مشاعر الآخرين، وهو أمر لا يتطور عادةً بشكل كامل إلا بعد عمر الثالثة. لذا، لا داعي للقلق إذا كان طفلك يرفض مشاركة ألعابه، أو يصيح "مُلكي!" بشكل متكرر.

فهو يتصرف بطريقة فطرية، له كامل الأحقية فيها، وعليك الاعتراف بأحقيّته، ومع ذلك يمكنك تعليمه المشاركة في العمر المناسب وبالطرق المناسبة، ولبعض الأشياء المحدودة.

هل يجب أن أُجبر طفلي على المشاركة؟

التصرف السليم هو ألّا تفعلي ذلك، وألّا تضعي أولوية للمظهر الاجتماعي أو مجاملة الآخرين على حساب طفلك، حيث إنه يستمد الأمان والثقة والحماية منك، ولا يمكنك خذلانه في هذه المواقف، فالطفل يتوقع منك حماية ممتلكاته كما تحمينه تمامًا، ولهذا من المهم الوعي على هذه النقطة.

إذن ما الذي يمكن لطفلي مشاركته؟

مع كل ما سبق ذكره، يمكنك تعليم طفلك مشاركة بعض الأشياء التي ستستمر معه في حياته، فكما لا يمكنك مشاركة ملابسك أو مكياجك مع الآخرين، لطفلك الحق في عدم مشاركة أشيائه. لكن هناك بعض الأشياء التي نتشاركها في الحياة، ويجب أن نعلمها للطفل، مثل:

مشاركة الطعام

إن تعليم طفلك مشاركة طعامه مع الأشخاص الآخرين وحتى الغرباء يعلمه قيم الرحمة والعطف والصدقة، فمشاركة الطعام تعني الكثير في مختلف الثقافات، فهي تعني الخير الذي ينتشر عبر العالم، والدعم والمساعدة لمن يحتاج إليه، كما يمكنك تنمية شعور أن وجبة الشخص الواحد يمكنها في الحقيقة أن تكفي لأكثر من شخص، وتزرع في قلوبهم المحبة والتعاطف.

مشاركة اللعب والنشاطات

بالتأكيد لا يمكنني مشاركة قلم الكحل مع صديقتي، لكنني سأشاركها لحظات الفرح والاستمتاع كالخروج معًا في نزهة وتقاسم تكاليف الغداء خارجًا، أو دعوتها إلى حضور فيلم في السينما معي، كل هذه الأنواع من المشاركة لا تؤثر في خصوصية ممتلكاتي، وهذا ما يجب تطبيقه مع الطفل وتعليمه إياه، فالفرق بين مشاركة الممتلكات ومشاركة اللعب دقيق جدًّا ويحتمل الخطأ. علمي طفلك أن مشاركة ألعابه مع أصدقائه بغرض الاستمتاع بالوقت هو أمر جيد لجميع الأطراف، ودعيه يثق بأنها ستعود إليه في نهاية الأمر؛ لأنها ملك له.

ممتلكات الآخرين

قد يشعر الأطفال بأن كل شيء تطاله أيديهم هو ملك لهم، لذلك قد يلجؤون لأخذ ألعاب الآخرين عنوة باعتبارها ملكًا لهم، هنا يمكنك استغلال هذه الفرصة لإيصال فكرة الممتلكات بشكل أكبر، فعندما تساعدين طفلك على حماية ممتلكاته، وتقدّرين تعلقه بها، ويثق هو بأنك تتفهمينه. ستجدين منه تقبلًا أكثر عندما تتحدثين عن ممتلكات الآخرين، وأنه يجب أن يستأذن إذا أراد اللعب بها، مثل هذه المواقف هي حجر أساس لتعليم طفلك قيمتين مهمَّتين في الحياة:

قيمة الشعور بالآخر، ومقارنة مشاعر الطفل الآخر بمشاعره عندما لا يرغب مشاركة ألعابه.

قيمة المشاركة، حيث يقتنع أكثر بأنه إذا شارك الآخرين بعضًا من ألعابه سيتمكن من اللعب بألعاب الآخرين، فيتعلم التبادل.

تحذيرات إياك أن تقعي فيها

طفلك يعتبرك الأمان بالنسبة له، ويمكن لتصرفات بسيطة "هدفها هو مجاملة ضيفتك وطفلها"، أن تسبب صدعًا كبيرًا في نفسية طفلك، فاحذري فعل هذه الأشياء:

إجبار طفلك على المشاركة

إنّ إجبار طفلك على إعطاء ممتلكاته لطفل آخر مهما كان السبب تجعله يتعلم معنى التنازل، وفقدان قيمة الذات، وهذا ما سيؤثر في حياته لأعوام طويلة، فيصبح فريسة سهلة للإجبار في مجالات أخرى، كالإجبار على فعل شيء لا يريده، أو الإجبار على التنازل عن حقوقه.

كما أن الإجبار المستمر يؤدي إلى نتيجة عكسية، فقلة شعور طفلك بالأمان والثقة يجعله في وضع المدافع عن نفسه بشراسة، فلا يقبل أبدًا بمشاركة حتى الطعام.

تقديم المساومات التي تُجبره ضمنيا

مثل "دعه يلعب بها 5 دقائق" ثم يعيدها إليك، مثل هذه المساومة تجعله يُساوم على أشياء كثيرة في حياته عندما يكبر، ويتعرض لعلاقات سامة تُساومه طوال الوقت للتخلي عن مبادئه.

الإقناع المُلح

تلجأ بعض الأمهات لإنهاء الجدل القائم بين الأطفال للإلحاح بإقناع طفلها الذي لا يُظهر أي رغبة في الاقتناع، وهذا يجعله ضحية لتحدي أفكاره الخاصة عن نفسه، وزرع الشك في نفسه بأن ما يراه خاطئاً، يجب أن يغيره؛ لأن أمه تُلح، مثل هذا الشعور قد يمتد لحياته كاملة، ليخلّف إنسانًا مهزوزًا غير واثق من نفسه.

وختامًا، نريد أن نذكرك بأنكِ أم، والبوصلة الأولى لحياة طفلك بأكملها، فمن المهم أن تُعطي الأولوية لطفلك على حساب الآخرين، طفل صديقتك لن يستمد منك الثقة حتى تعملي على إرضائه بدل طفلك، دعي عنك المجاملات على حساب طفلك، وركزي على بناء مبادئه وشخصيته بطريقة سليمة.

كل العرب المصدر: كل العرب
شارك الخبر


إقرأ أيضا