أظهرت إحصائيات جديدة أصدرها مركز "آمان" ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد ضحايا الجريمة والعنف في المجتمع العربي خلال عام 2024، حيث بلغ إجمالي الضحايا 239 شخصاً، بزيادة واضحة مقارنة بالسنوات السابقة.
وفقاً للتقرير، شهدت منطقة الشمال العدد الأكبر من الضحايا، حيث سُجلت 107 حالات قتل، تليها منطقة المركز بـ 93 حالة، ومنطقة الجنوب بـ 28 حالة، بينما سجلت القدس 11 حالة فقط. كما برزت مدينة الرملة كأكثر المدن تضرراً بـ 18 ضحية، تليها اللد بـ 16 ضحية ورهط بـ 13 ضحية.
وأوضح التقرير أن الفئة العمرية من 25 إلى 39 عاماً كانت الأكثر استهدافاً، حيث شكّلت 46% من إجمالي الضحايا. كما لفت الانتباه إلى ارتفاع عدد الضحايا من القاصرين (0-17 عاماً)، حيث بلغ عددهم 12 قاصراً، وهو الأعلى منذ عام 2012.
النساء في دائرة العنف
على صعيد النساء، سُجلت 22 حالة قتل في عام 2024، وهو رقم غير مسبوق مقارنة بالأعوام السابقة، مما يعكس تفاقماً في حوادث العنف ضد النساء في المجتمع العربي.
أما بشأن دوافع الجرائم، فقد أشار التقرير إلى أن 68% من الحالات تعود إلى صراعات بين عصابات الجريمة المنظمة، بينما 25% كانت نتيجة أسباب اجتماعية أو اقتصادية. كما سُجلت حالة واحدة من القتل برصاص الشرطة.
نتاج سياسة التمييز الممنهج
وحول الموضوع، قال الشيخ كمال ريان، رئيس مركز "أمان": ظاهرة العنف والجريمة في المجتمع العربي ليست وليدة الصدفة أو حالة عشوائية، بل هي انعكاس لعقود من التمييز الممنهج والإهمال المتعمد من قبل مؤسسات الدولة تجاه المجتمع العربي في كافة المجالات. إن نقص الخدمات الأساسية، خاصة في مجالات الأرض والمسكن، التعليم، التوظيف، والبنية التحتية، ساهم بشكل كبير في خلق بيئة خصبة لتفشي الجريمة والعنف.
واضاف: الانتشار الواسع للأسلحة غير المرخصة، والتي غالباً ما تكون مصادرها الجيش والشرطة، فاقم من هذه الظاهرة، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة والفقر في المجتمع العربي، مما عزز من دائرة العنف وأدى إلى انهيار النسيج الاجتماعي.
واوضح: إلى ذلك، غياب القرار السياسي الحاسم من الحكومة الحالية وأجهزة الدولة لمواجهة هذه الظاهرة بشكل جدي ساهم في تمكين عصابات الإجرام من التمدد والنمو داخل البلدات العربية. إن إيقاف معظم البرامج والخطط الحكومية التي كانت تهدف إلى مكافحة العنف وتطوير المجتمع العربي، خاصة في السنوات الأخيرة، أدى إلى تصاعد خطير في أعداد ضحايا الجريمة. لقد شهدنا في العام الحالي أرقاماً غير مسبوقة تعكس تقاعس الدولة عن القيام بدورها تجاه المواطنين العرب.
واسهب: إضافة إلى ذلك، لا يمكننا إنكار الدور السلبي لبعض العوامل الداخلية في المجتمع العربي، مثل العادات المتوارثة كالثأر وما يسمى "العائلة الكبيرة"، التي تحتاج إلى مواجهة مجتمعية شاملة تقوم على التوعية، تثقيف الأجيال الشابة، وإيجاد حلول بديلة لحل الخلافات بطرق سلمية.
المطالب، ارادة سياسية
وعن المطالب قال: إننا في مركز آمان نؤكد أن الحلول الجذرية لمكافحة ظاهرة العنف والجريمة تبدأ بتفعيل الإرادة السياسية وإعادة إحياء البرامج والخطط التي تم إيقافها، مع تعزيز التعاون بين السلطات المحلية، المجتمع المدني، والدولة. على الجميع تحمل مسؤوليته لإيقاف هذا النزيف المتواصل الذي يهدد مستقبلنا جميعاً.