سلّط تقرير مطوّل نشرته صحيفة "معاريف" العبرية يوم الجمعة الضوء على المستجدات السياسية في سوريا، خاصةً مع توجه وفود دولية إلى العاصمة دمشق لعقد لقاءات مع الإدارة الجديدة التي يقودها أحمد الشرع.
وأوضح المحلل السياسي جاكي هوجي في تحليله أن إسرائيل تتعامل مع أحمد الشرع (المعروف سابقًا بأبو محمد الجولاني) بحذر، وتحاول قراءة توجهاته. أشار هوجي إلى أن إسرائيل مقتنعة بأن الشرع كان شخصية ذات خلفية جهادية، رغم أنه يبدو الآن في ثوب مختلف. في المقابل، ازدادت التحركات الدولية تجاه دمشق، مع توافد وفود من بلدان كتركيا، فرنسا، الولايات المتحدة، إيطاليا، الأردن، وقطر، لعقد لقاءات مع الشرع وبحث مستقبل العلاقات معه.
يشير التقرير إلى أن هذه الزيارات ليست من باب المجاملة الدبلوماسية فحسب، بل تأتي في إطار مساعٍ لاستيعاب الرئيس الجديد وبناء قنوات اتصال معه. ووفقًا للمحلل، يرى البعض في النظام السوري الجديد فرصة اقتصادية رغم ظروف البلاد المأساوية. تقف سوريا الآن بصفتها دولة مفككة بأزمة إنسانية واقتصادية خانقة، لكنها أيضًا بؤرة اهتمام للمستثمرين الأجانب الباحثين عن إعادة الإعمار.
يلفت هوجي الانتباه إلى أن الأولوية لدى أحمد الشرع تكمن في إصلاح الاقتصاد السوري والتخلص من العقوبات الدولية المفروضة على البلاد، لا سيما تلك المفروضة من الولايات المتحدة، والتي تعزل سوريا عن الاقتصاد العالمي. الشرع يؤكد في حواراته أن نظام الأسد قد انتهى، مطالبًا المجتمع الدولي بالتوقف عن "معاقبة الضحية".
كما تناول المحلل محاولات الشرع لإعادة بناء وحدة سوريا المجتمعية والسياسية. أشار إلى اجتماعاته مع ممثلي التنظيمات الجهادية والعمل على دمجها ضمن الجيش الوطني السوري الجديد، رغم تحديات مقاومة بعض الأطراف مثل الأكراد لهذا النهج. ويرى المحلل أن الشرع يسعى لتأسيس نسيج مجتمعي موحد يرفض تقسيم البلاد إلى كيانات منفصلة.
أثار التقرير أيضًا قضية العلاقة بين سوريا والولايات المتحدة. فالخطوة الأمريكية بإلغاء المكافأة المخصصة لتسليم الشرع تعكس تحولًا في النظر إليه كقائد شرعي لسوريا بدلاً من اعتباره إرهابيًا. يأتي ذلك في ظل استمرار وجود قوات أمريكية داخل الأراضي السورية لمكافحة الإرهاب.
رغم المخاطر، يعتقد المحلل أن هناك فرصًا كبيرة كامنة وراء هذا التغيير السياسي في سوريا. لكن الأسئلة تُطرح حول نوايا الشرع وتوجهاته المستقبلية، وعن إمكانية إقامة علاقات دولية معه. يرى الإسرائيليون الوضع في سوريا كتحدٍّ وفرصة في آنٍ واحد.
واستطرد التقرير في الحديث عن مقالة كتبها رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت ونُشرت مؤخرًا في صحيفة "واشنطن بوست"، حيث وصف بينيت المرحلة الحالية بأنها لحظة حرجة تتقاطع فيها مخاطر كبيرة مع فرص غير مسبوقة. هذه الديناميكية تدفع إسرائيل إلى إعادة تقييم موقفها من التطورات الجديدة في سوريا خصوصًا على ضوء التغيرات الإقليمية والدولية.
الخلاصة التي يقدمها التقرير تكمن في أن سوريا الجديدة تشكّل لغزًا صعب الحلّ: هل ستكون نمطًا جديدًا من الدول المنهضة للعنف والمآسي التي عصفت بها أم أنها ستعود إلى ذات المشهد المظلم؟