في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
طهران- في توقيت بالغ الحساسية، حزم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حقائبه إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للمرة الخامسة منذ تولي الأخير السلطة قبل 10 أشهر، في حين تعتقد إيران أن ملفها وحلفاءها الإقليميين في صميم مباحثاتهما التي من شأنها تحديد مسار التصعيد في الشرق الأوسط للمرحلة المقبلة.
فبعد مرور نحو ستة أشهر من الهدنة التي وضعت حدا للحرب التي شنتها إسرائيل ومن ورائها الولايات المتحدة على الجمهورية الإسلامية، تذكّر قمة فلوريدا الأوساط الإيرانية بسياسة الخداع التي مارسها الرجلان قبيل حرب يونيو/حزيران الماضي وإن حمل نتنياهو معه إلى الولايات المتحدة ملفات تخص مصيره السياسي.
وعلى وقع التحركات الدبلوماسية التي يقودها ثنائي نتنياهو-ترامب منذ عودة الأخير إلى البيت الأبيض مطلع العام الجاري، بهدف تقويض قدرات إيران وحلفائها في محور المقاومة، يعتبر الإيرانيون أن اجتماع الرجلين ليس مجرد لقاء روتيني بين حليفين قديمين، بل محطة مفصلية في التخطيط لمستقبل الصراع في الشرق الأوسط.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقرأ الباحث الإيراني قمة فلوريدا في إطار الاستعدادات لمرحلة جديدة من المواجهة في الشرق الأوسط، محذرا من أن بلاده "لا ينبغي" أن تأخذ على محمل الجد الرسائل التي تفيد بعدم الرغبة في حرب ثانية بين الطرفين طالما سلوك الجانب المقابل وخطابه يوحي بتصاعد منسوب التصعيد العسكري.
ويُفسر المتحدث نفسه، المناورات العسكرية الإيرانية المتواصلة وعلى رأسها التمارين الصاروخية الأخيرة على أنها رسالة ردع إيرانية تهدف إلى إيصال تحذير واضح توازيا مع مباحثات فلوريدا، معتبرا الزيارة ليست مجرد تحرك دبلوماسي روتيني، بل أقرب إلى "مناورة سياسية وقانونية معقدة" تهدف إلى تخطي جملة من التحديات والعقبات التي تحيط بنتنياهو.
ويشير زواري إلى أن الملف الإيراني كان وسيبقى الحاضر الأكبر في مباحثات نتنياهو وترامب، مؤكدا أن بلاده لن تكون معنية بما يصدر في البيانات الرسمية بعد سياسة الخداع التي مارسها الرئيس الأميركي عشية الجولة السادسة من مفاوضاته مع طهران وأفضت إلى إشادته بالهجوم الإسرائيلي على الأراضي الإيرانية.
وفي هذا الإطار، تُفهم المحاولة الإسرائيلية للاعتراف بإقليم أرض الصومال لإحداث تغيير جوهري في ميزان القوى الإقليمي -والكلام لزواري- بهدف استكمال الحروب الإسرائيلية وتحقيق الأهداف التي عجز عن تحقيقها نتنياهو في حرب يونيو/حزيران الماضي، من الترويج لرواية "التهديد الوجودي الإيراني الذي يجب اقتلاعه".
وتكمن الخطورة الإستراتيجية لقمة فلوريدا -من وجهة نظر زواري- في احتمال قيام "مقايضة سياسية كبيرة" يقدم خلالها الجانب الإسرائيلي تنازلات أو أن تعهدا للجانب الأميركي بإظهار مرونة في ملف غزة الذي يعدّه ترامب إنجازا شخصيا مقابل الحصول على ضوء أخضر أو دعم مطلق في أي مواجهة محتملة مع طهران.
في المقابل، يرى مراقبون إيرانيون أن بعضهم قد يقع في فخ الرواية الإسرائيلية حول أهداف الزيارة، خاصة في ظل الخبرة التي اكتسبها الجانب الأميركي من نتائج الحروب السابقة على طهران، وفاعلية سياسة "أقصى الضغوط" التي تكاد تثمر في شل الاقتصاد الإيراني، ما يجعل "العدو" يفضل اعتماد إستراتيجية "ألف طعنة" بدلا من المواجهة العسكرية المباشرة.
في السياق نفسه، يرى الباحث السياسي مصدق مصدق بور، أن حصول نتنياهو على دعم مباشر من ترامب لمعاودة الهجوم على إيران أمر مستبعد، رغم أمله في استدراج الولايات المتحدة وقوى غربية أخرى للضغط على النظام في طهران، معتبرا أن طلب إسرائيل العودة إلى المواجهة يعكس فشلها في المعركة السابقة.
وفي حديثه للجزيرة نت، يعتقد الباحث الإيراني أن إضعاف إيران سواء عبر العودة للحرب أو عبر المسارات الدبلوماسية يشكل أكبر المطالب الإسرائيلية من ترامب، مشددا على أن القمة الأميركية الإسرائيلية تحمل في طياتها محاولة يائسة من نتنياهو لتحويل أزماته الداخلية والخارجية إلى عنصر ضغط على الحليف الأميركي.
وبما أن نتنياهو يرى في شن الحروب متنفسا للهروب من أزماته المتزايدة –وفق مصدق بور- فإنه سيعمل على إقناع مضيفه على مواصلة الحروب سواء على حلفاء إيران في " محور المقاومة" أو الحصول على ضمانات لدعمه في حال عاود الكرة لتسجيل إنجاز على حساب طهران، بعد أن اصطدم بقدرات صاروخية لم يكن يتوقعها في حرب يونيو/حزيران الماضي.
ويشير المتحدث نفسه إلى أن زيارة نتنياهو إلى فلوريدا جاءت مدفوعة بخطاب تصعيدي واضح من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وشخصيات جمهورية مؤثرة في واشنطن، للتأثير على قرار ترامب بالتوجه نحو عمل عسكري جديد ضد إيران التي تظهر بدورها ثقة عالية في قدراتها على المواجهة، مستفيدة من دروس الحرب الماضية.
واعتبر مصدق بور أن "فشل الهجمات الإسرائيلية والأميركية السابقة في تحقيق أهدافها، سواء في تدمير المنشآت الحيوية وشل القدرات الدفاعية أم إثارة اضطرابات داخلية، دليلا على متانة الجبهة الداخلية الإيرانية"، مؤكدا أن نتيجة الصراع بين محور المقاومة و"الاصطفاف الصهيوأميركي" ستحدد ملامح الخارطة الجيوسياسية للشرق الأوسط لسنوات قادمة.
وفي الوقت الذي تتابع فيه الدوائر السياسية والاستخبارية في طهران قمة فلوريدا تحسبا لأي تطورات محتملة، تسوّق الرواية الرسمية الإيرانية لفكرة أن معادلة الردع تبدلت بعد حرب الأيام الـ12.
وتؤكد أن الصواريخ الباليستية لا تزال قادرة على استهداف تل أبيب، وأن الأسلحة التي أُدخلت أخيرا إلى الخدمة، ولا سيما في مجالي المقاتلات والدفاعات الجوية، من شأنها جعل أي مغامرة عسكرية جديدة باهظة التكلفة لجميع الأطراف.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة