آخر الأخبار

مع تراجع الصين.. شيفرون تتصدر المشهد في نفط فنزويلا

شارك
منذ أكثر من 100 عام في فنزويلا: تعاون مثير للجدل بين شركة النفط الأمريكية شيفرون وشركة النفط الوطنية الفنزويلية (PDVSA)صورة من: MIGUEL ZAMBRANO/AFP/Getty Images

هل باتت أيام حاكم فنزويلا مادورو معدودة؟ بعد مصادرة القوات الأمريكية لناقلة نفط فنزويلية قبالة سواحل الدولة النفطية فنزويلا ، بدأت الدلائل تشير إلى قدوم العاصفة. وذلك لأنَّ الولايات المتحدة الأمريكية ليست الوحيدة المهتمة بفنزويلا، التي تملك أكبر احتياطيات نفطية في العالم، بل الصين أيضًا.

الخبير في العلاقات الصينية الأمريكية-اللاتينية ، بارسيفال ديسولا ألفارادو يقول: "أنا متأكد من أنَّ من سيصل إلى السلطة في كاراكاس، أيًا كان، ستكون مكالمته الأولى مع ترامب ، والثانية مع شي جين بينغ ".

والخبير ألفارادو هو مدير مؤسسة أندريس بيلو (مركز أبحاث الصين وأمريكا اللاتينية)، ومقرها في بوغوتا ومدريد. وكان من أعضاء فريق السياسي المعارض الفنزويلي خوان غوايدو ، وكان مسؤولًا هناك عن العلاقات مع بكين .

"الصين لا تريد مشاكل مع الولايات المتحدة الأمريكية"

في حوار مع DW، شكّك ألفارادو في أنَّ بكين ستدافع عن فنزويلا ضد أي تدخل أمريكي محتمل. وقال: "لن يكون هناك أكثر من مجرد دعم دبلوماسي وسياسي".

وأضاف: "أعتقد أنَّه من غير المحتمل جدًا أن تدعم الصين مادورو بشكل استباقي، أو تبيعه أسلحة، أو أن تقوم بأية استثمارات جديدة كبيرة. فالصين لا تريد مزيدًا من المشاكل مع الولايات المتحدة الأمريكية".

والصين حاليًا هي أكبر مستورد لصادرات النفط من فنزويلا. وبحسب تحليل أجرته إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فقد صدّرت فنزويلا في عام 2023 نحو ثلثي صادراتها النفطية إلى الصين، و23 بالمائة منها إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

العقوبات الأمريكية تؤثر على صناعة النفط في فنزويلا

لقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مستورد للنفط الفنزويلي قبل فرض إدارة ترامب عقوبات على شركة النفط الوطنية الفنزويلية (PDVSA) في عام 2019 ومنع فنزويلا من الوصول إلى السوق المالية الأمريكية في عام 2017. وبعد ذلك انهار في فنزويلا إنتاج النفط والصادرات.

وبحسب منظمة الدول المصدرة للنفط ( أوبك ) فقد انخفض تصدير النفط الخام من فنزويلا في عام 2021 إلى نحو 500 ألف برميل يوميًا. ولكن هذا الاتجاه نحو الانخفاض بدأ قبل ذلك بكثير.

وبعد بلوغ إنتاج فنزويلا ذروته إلى نحو ملياري برميل في عام 2015 (انظر الرسم البياني)، انخفض بشكل متواصل. وقد أدى سوء الإدارة والفساد ونقص الاستثمارات في قطاع النفط إلى انخفاض إنتاج النفط في فنزويلا بشكل مستمر على مر السنين.

هل تنقذ شركة شيفرون اقتصاد فنزويلا؟

فقط منذ عام 2023 تم من جديد تسجيل زيادة طفيفة في الإنتاج. وفي عام 2024، بلغت الصادرات 655 ألف برميل، وارتفعت في تشرين الثاني/نوفمبر هذا العام إلى 921 ألف برميل.

والمفارقة هنا أنَّ الولايات المتحدة الأمريكي هي التي سمحت بهذا الاتجاه الإيجابي، وليس الصين. وذلك لأنَّ واشنطن خففت عدة مرات بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022 عقوباتها المفروضة على فنزويلا .

وهكذا منح في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) شركة النفط الأمريكية شيفرون موافقات استثنائية لاستئناف صادرات النفط الخام من مشاريعها المشتركة في فنزويلا. وفي تشرين الأول/أكتوبر 2025، حصلت شيفرون أيضًا على تصريح لإنتاج النفط في فنزويلا من جديد.

وحول ذلك، قال الدكتور فرانسيسكو ج. مونالدي، وهو خبير في سياسة الطاقة في أمريكا اللاتينية في معهد بيكرز بجامعة رايس في هيوستن بولاية تكساس لـDW: "يعود سبب زيادة إنتاج النفط في فنزويلا إلى شيفرون". كما أنَّ أنشطة شيفرون باتت تمثل الآن نحو ربع إنتاج فنزويلا من النفط.

مادورو: "شيفرون يجب أن تبقى في فنزويلا 100 عام أخرى"

وأثار هذا ردود فعل حماسية لدى حاكم فنزويلا، الرئيس نيكولاس مادورو بالذات. فبعد ترخيص الولايات المتحدة لشيفرون في تموز/يوليو 2025، أعلن في قناة تيليسور التلفزيونية الحكومية: "شركة شيفرون موجودة في فنزويلا منذ 102 سنة، وأتمنى أن تستمر الشركة في العمل هنا من دون مشاكل 100 عام أخرى".

وعلى العكس من شيفرون، تقتصر استثمارات الصين حاليًا على بعض الأنشطة الخاصة. ومن الفترض مثلًا أنَّ شركة "تشاينا كونكورد ريسورسز" الصينية قد بدأت استغلال حقلي نفط في فنزويلا. وبحسب تقارير إعلامية من المقرر استثمار أكثر من مليار دولار أمريكي في هذا المشروع من أجل التمكن حتى نهاية عام 2026 من إنتاج 60 ألف برميل من النفط الخام يوميًا.

توقف تدفق الأموال الجديدة من بكين

وبحسب تقرير صادر عن مركز سياسات التنمية العالمية فقد توقفت البنوك الصينية المملوكة للدولة، مثل بنك التنمية الصيني وبنك التصدير والاستيراد، عن منح كاراكاس أية قروض جديدة منذ عام 2016. أما الديون المقدّرة بنحو 60 مليار دولار أمريكي فقد تم تسديد القسم الأكبر منها من خلال عمليات إعادة الهيكلة وتصدير النفط.

المزيد من العملات الصعبة في الخزائن الفارغة: الرئيس الفنزويلي مادورو يحتفل بزيادة صادرات فنزويلا النفطية من جديدصورة من: Cristian Hernandez/AP Photo/picture alliance

توقف القروض والاستثمارات الحكومية الصينية وانخفاض العلاقات الدبلوماسية إلى أدنى مستوى وكذلك المحادثات مع المعارضة - كل هذا يمثل بحسب رأي الخبير بارسيفال ديسولا ألفارادو مؤشرات واضحة تشير إلى أنَّ بكين لا تدعم الرئيس مادورو دعمًا غير مشروط.

لقد انتقدت بكين في عام 2011 انعدام الشفافية في استخدام قروضها، وذلك عندما اختفت فجأة 8 مليارات دولار من دون أثر. "شعرت السلطات الصينية بخيبة أمل كبيرة بسبب حجم الفساد والهدر"، كما يقول الخبير ألفارادو.

"العقوبات مسمار آخر في نعش التواجد الصيني"

وبحسب تعبيره فإنَّ العقوبات الأمريكية لم تكن السبب الرئيسي الذي أدى لانسحاب الصين من فنزويلا: "العقوبات كانت مجرد مسمار آخر في نعش" تواجد الصين.

ولهذا السبب لن يتغير الوضع كثيرًا بالنسبة للصين حتى في حال تغيير النظام في كاراكاس، بحسب رأي الخبير ألفارادو: "اقتصاديًا، لا أرى أية خسائر كبيرة".

ويضيف الخبير ألفارادو أنَّ الشيء الوحيد الذي سيتغير هو نفوذ الصين الجيوسياسي: "بعد تغيير النظام في كاراكاس ستفقد بكين الاتصال بالحكومة الفنزويلية وشبكتها".

أعده للعربية: رائد الباش

DW المصدر: DW
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا