آخر الأخبار

كيف يوظف نتنياهو قضية المدعية العسكرية بإسرائيل؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

القدس المحتلة- تتسارع التطورات في إسرائيل مع تفجر ملف المدعية العامة العسكرية السابقة، يفعات تومر يروشالمي، الذي تحول إلى محور أزمة متشابكة تلقي بظلالها على الحكومة والجيش والمؤسسة القضائية.

ففي وقت مددت فيه محكمة الصلح في تل أبيب اعتقال يروشالمي 3 أيام إضافية بتهمة ارتكاب مخالفات خطيرة واحتمال عرقلة التحقيق، تتجه الأنظار إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ، المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بارتكاب جرائم حرب في غزة ، الذي يدرس إمكانية التوجه إلى انتخابات مبكرة، مستغلا الزخم الإعلامي والسياسي الذي أثارته القضية.

وقررت المحكمة تحويل النائب العام العسكري السابق متان سولومش إلى الحبس المنزلي، في حين تتسع دائرة المشتبهين لتشمل مساعدي المدعية ومسؤولين آخرين في جهاز النيابة العسكرية، مما يعمق حالة الارتباك داخل المؤسسة الأمنية.

توظيف القضية

ويرى محللون أن نتنياهو يسعى لتوظيف القضية في حملته الانتخابية المحتملة، من خلال ربطها بالصراع القائم بين حكومته والجهاز القضائي، في محاولة لحشد تأييد قاعدته اليمينية وتعزيز موقع حزب الليكود . ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مقربين منه قولهم إن هذه اللحظة قد تشكل "فرصة ذهبية" لتبكير الانتخابات وتحويل قضية المدعية العسكرية إلى ورقة ضغط سياسية.

في المقابل، سارع وزير الدفاع يسرائيل كاتس إلى احتواء تداعيات الفضيحة بتعيين المحامي إيتاي أوفير مدعيا عاما عسكريا جديدا، في خطوة اعتبرها ضرورية لـ"تنظيف وترميم جهاز النيابة العسكرية" بعد التسريبات التي كشفت عن تورط جنود في تعذيب معتقل فلسطيني في سجن " سدي تيمان ".

وبحسب التحليلات الإسرائيلية، فإن خيوط الملف تتقاطع بين التحقيقات القضائية والتجاذبات السياسية والتداعيات داخل الجيش، في مشهد يعكس عمق الأزمة ويثير تساؤلات حول مآلاتها في الأسابيع المقبلة، خاصة مع احتمالية تفكك الحكومة وفتح الطريق نحو انتخابات مبكرة.

إعلان

من جانبه، كتب محرر ديسك الأخبار في صحيفة "هآرتس"، أمنون هراري، مقالا تحت عنوان "الحكومة تعلم: كلما كثفت أعمال التدمير قبل الانتخابات، زادت فرصها في سرقتها". وتناول ما اعتبره "سباقا محموما" تخوضه حكومة نتنياهو لتقويض ركائز الديمقراطية الإسرائيلية لتأمين استمرارها في الحكم بأي ثمن، رغم الرفض الشعبي الواسع الذي تظهره استطلاعات الرأي.

وأشار إلى أن الحكومة دخلت مرحلة تصعيدية جديدة قبل 11 شهرا فقط من موعد الانتخابات، مستعجلة تمرير تشريعات وإجراءات تستهدف الجهاز القضائي، في محاولة لتجريف ما تبقى من مؤسسات رقابية مستقلة وتبكير موعد الانتخابات.

ويصف الكاتب هذا السلوك بأنه جزء من "متعة التدمير والانتقام" التي باتت سمة هذه الحكومة، موضحا أن الهدف مزدوج، فالتدمير غاية بحد ذاته بالنسبة للائتلاف، لكنه أيضا وسيلة لتعزيز فرص "سرقة الانتخابات" المقبلة وضمان السيطرة بعدها على مفاصل الدولة.

مرحلة حرجة

وبحسب هراري، فقد أحكمت الحكومة قبضتها على مؤسسات أساسية، بدءا من الشرطة و جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" ، مرورا ب الكنيست "الذي تحوّل إلى ذراع تنفيذية للحزب الحاكم، وصولا إلى محاولاتها الحثيثة لإضعاف المحكمة العليا".

ويؤكد أن آخر ما تبقى من حصون القانون والديمقراطية هو مكتب المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، التي يراها الائتلاف العقبة الأخيرة أمام مشروعه للسيطرة الكاملة على مؤسسات الدولة، مستغلا قضية المدعية العسكرية وتسريب فيديو تعذيب المعتقل الفلسطيني كأداة للضغط عليها وإضعاف موقعها.

وبرأيه، فإن الائتلاف الحاكم لا يهتم فعليا بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات أو بإصلاح المؤسسة العسكرية، بل يركز على كيفية استغلال القضية لخدمة أهداف سياسية وانتخابية ضيقة.

ولفت إلى أن إسرائيل تمر بمرحلة حرجة قد تحدد مستقبل نظامها السياسي، مؤكدا أن بقاء المستشارة القانونية في منصبها خلال الأشهر القادمة أمر بالغ الأهمية لحماية الحد الأدنى من التوازن المؤسسي.

ويصف الحملة الانتخابية المقبلة بأنها ستكون "الأكثر فسادا وخطورة في تاريخ إسرائيل"، مشيرا إلى أن استمرار الحكومة الحالية يعني استمرار عملية "التدمير المنهجي" لكل ما تبقى من مؤسسات الدولة.

ويقدم هراري قراءة عميقة لمشهد إسرائيلي متفجر، يرى فيه أن قضية المدعية العسكرية ليست سوى حلقة في سلسلة مناورات أوسع تهدف إلى كسر القضاء، وإعادة تشكيل الدولة وفق رؤية نتنياهو وائتلافه.

حرب سياسية

وفي مقال له، كتب المحلل السياسي في الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل"، شالوم يروشالمي، عن حالة المدعية العسكرية التي وجدها اليمين الإسرائيلي رمزا لما يسميه بـ"الدولة العميقة"، في خضم معركة سياسية شرسة تتداخل فيها الدراما الشخصية مع الصراع على هوية الدولة ومصير مؤسساتها القضائية.

ويفتتح شالوم مقاله بتوصيف مأساوي لحالتها النفسية، قائلا إن "تومر يروشالمي تحولت من مدعية عسكرية نافذة إلى عدوة معلنة للدولة والجيش والإعلام الرسمي، تتعرض لحملات تشويه قاسية على شبكات التواصل الاجتماعي وصلت إلى حد الدعوات لشنقها علنا".

إعلان

ويضيف أن قضيتها التي بدأت بتسريبات وعرقلة تحقيقات في تعذيب معتقل فلسطيني بسجن سدي تيمان، تحولت إلى رمز للصراع بين الحكومة والقضاء، بعدما أصبحت "بفعل الاستغلال السياسي الوجه الملموس للدولة العميقة في خطاب اليمين الإسرائيلي".

وكما يشير الكاتب، وجد نتنياهو في هذه القضية فرصة نادرة لتغيير جدول الأعمال العام. فبعد تراجع الزخم حول تشريعات الإعفاء من المحاكمة والمظاهرات الحاشدة ضد حكومته، أدرك في الفضيحة القضائية مادة جديدة لتعبئة الشارع وتوجيه الأنظار بعيدا عن أزمات حكمه.



ويطرح سؤالا حول المجتمع الإسرائيلي نفسه، قائلا إن "تومر يروشالمي ربما ارتكبت مخالفات خطيرة تستوجب التحقيق، "لكن من المؤسف ألا يحقق أيضا مع أجزاء من هذه الأمة، لمعرفة كيف وصلنا إلى هذا القدر من الكراهية والتعطش للدماء".

ويرسم الكاتب لوحة قاتمة لمجتمع غارق في التحريض والانقسام، حيث تستخدم الملفات القضائية كسلاح انتخابي، وتحوّل الشخصيات العامة إلى أهداف في حرب سياسية لا رحمة فيها. فالقضية، في جوهرها، لم تعد تتعلق بمدعية عسكرية فحسب -وفقا له- "بل بأمة تواجه خطر تآكل إنسانيتها وديمقراطيتها في آن واحد".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا