آخر الأخبار

الضغوط السياسية سلاح نتنياهو للإفلات من المحاكمة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

القدس المحتلة- عاد ملف محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو – المطلوب ل لمحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة – ليتصدر المشهد السياسي والقانوني في إسرائيل، مع تصاعد مساعٍ داخل الكنيست لتعديل القوانين بما قد يفتح الباب أمام وقف محاكمته أو تخفيف التهم الموجهة إليه.

وبينما تتكثف الدعوات داخل الائتلاف الحاكم لتمكينه من الإفلات من سيف القضاء، تتحدث المعارضة والمستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا عن "انقلاب تشريعي" يُهدد ما تبقى من استقلالية النظام القضائي الإسرائيلي.

وتزامن هذا الحراك مع ضغوط من شخصيات سياسية وقانونية تطالب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ، بمنح نتنياهو عفوا رئاسيا، في ظل ما تصفه أوساط مقربة من الأخير بـ"الظروف الاستثنائية" التي تمر بها إسرائيل على جبهات عدة.

وأعاد هذا الجدل طرح تساؤلات حول السيناريوهات المحتملة لمحاكمة نتنياهو، هل تنتهي بتبرئته عبر تشريع قانوني؟ أم بعفو رئاسي يجنب إسرائيل أزمة ائتلافية جديدة؟

نقل الصلاحيات

وسط ذلك، أقرّ الكنيست الإسرائيلي ، أمس الأربعاء، في قراءة تمهيدية، مشروع قانون يسمح بتعيين نائب عام جديد يتمتع بصلاحية إعادة النظر في لوائح الاتهام ضد نتنياهو في قضايا فساد وخيانة الأمانة.

ويتوقع أن تدمج عدة مشاريع قوانين مشابهة مع تقدم مسار التشريع، في خطوة تهدف، وفق التحليلات الإسرائيلية والمعارضة، إلى إضعاف صلاحيات المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، وتمهيد الطريق لإلغاء محاكمة نتنياهو.

ويمنح مشروع القانون الذي قدّمه عضو الكنيست ميشيل بوسكيلا من حزب "أمل جديد" برئاسة جدعون ساعر ، لجنة مؤلفة من 3 أعضاء صلاحية المصادقة على أي قرار لفتح تحقيق أو مقاضاة رئيس الحكومة والوزراء وأعضاء الكنيست، مما يعني عمليا نقل هذه الصلاحيات من المستشارة القضائية إلى المدعي العام الجديد.

إعلان

وفي موازاة ذلك، قدّم رئيس لجنة القانون والدستور عن حزب "الصهيونية الدينية"، سيمحا روتمان، مشروعا آخر يقضي بفصل منصب المستشار القضائي إلى 3 مناصب: مستشار للحكومة، ومدعٍ عام، وممثل قضائي أمام المحاكم، ما يُقلِّص من سلطة المستشارة بهاراف ميارا التي تعارض بشدة هذا التوجه، واعتبرته "جزءا من خطة أوسع لإضعاف الجهاز القضائي وتقويض أسس الديمقراطية".

وتشير تحليلات إسرائيلية إلى أن تمرير القانون قد يرفع فعلا سيف السجن عن نتنياهو، بينما يرى مراقبون سياسيون أن واشنطن تتابع التطورات عن كثب، خشية أن تؤدي هذه التشريعات إلى تعزيز سلطة اليمين المتطرف على حساب التوازنات داخل الحكومة الإسرائيلية، خصوصا فيما يتعلق بالملف الفلسطيني وغزة و الضفة الغربية .

وبين مساعي التشريع الجديدة ومطالب العفو الرئاسي، يبدو أن نتنياهو، حسب القراءات الإسرائيلية، يقف عند مفترق طرق حاسم، إما أن ينجو من المحاكمة بقوة القانون، أو بقرار سياسي يعيد رسم حدود العلاقة بين السلطة والقضاء في إسرائيل.

مصدر الصورة أنصار حزب الليكود الإسرائيلي يتظاهرون في وقت سابق رفضا لمحاكمة نتنياهو (الجزيرة)

"إقصاء القانون"

وخصصت صحيفة "هآرتس" افتتاحيتها اليومية للتحذير من التشريعات التي تهدف إلى تحصين نتنياهو وتجنّب دخوله السجن، معتبرة أن مشروع القانون لفصل منصب المستشار القضائي للحكومة "ليس إصلاحا إداريا بل إقصاء ممنهجا لمؤسسات سيادة القانون".

وقالت الصحيفة إن المشروع الذي أقرّه الكنيست في قراءة تمهيدية يشكل حلقة جديدة في مساعي الحكومة لتفكيك أجهزة الرقابة والإنفاذ التي تكبح سلطتها، مشيرة إلى أنه يهدف فعليا إلى حرمان بهاراف ميارا، من صلاحية البتّ في استمرار محاكمة نتنياهو المتهم بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة.

وأضافت هآرتس أن الخطوة التي يقودها وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين وسيمحا روتمان، ستؤدي إلى "تسييس النيابة العامة بالكامل"، بحيث يصبح المدعي العام المعين مدينا للحكومة وملتزما بمصلحتها السياسية.

ورأت أن مبررات فصل وتجزئة منصب المستشار القضائي "واهية"، إذ أثبت المستشارون القانونيون عبر العقود قدرتهم على الجمع بين تقديم المشورة للحكومة وملاحقة قضايا الفساد ضد مسؤولين كبار، مؤكدة أن الهدف الحقيقي للتشريع هو "إضعاف القضاء وإلغاء مبدأ فصل السلطات".

واختتمت الصحيفة بالتأكيد على أن إسرائيل لا تحتاج إلى تفكيك مؤسسة المستشار القانوني بل إلى حمايتها، لأن المستشار المستقل هو "الضمانة الأخيرة لسيادة القانون والمساواة أمامه".

تمادي نتنياهو

وتحت عنوان "متهم يحاول بكل قوته التهرب من العدالة، يُحوّل المحاكمة إلى فضيحة"، تناول الكاتب نير كيبنيس في موقع "والا" الإسرائيلي مسار محاكمة نتنياهو، الذي بات، حسبه، مثالا على "العبث السياسي والقانوني"، في ظل محاولاته المستمرة لعرقلة سير القضاء عبر المماطلة والتأجيل والتشويش الإعلامي، وصولا إلى الرهان على العفو الرئاسي الذي يلقى دعما متزايدا داخل معسكر اليمين.

ويشير كيبنيس إلى أن محاكمة نتنياهو باتت تحطم الأرقام القياسية في التأجيلات والفوضى، إذ بدأت جلسة الأربعاء بشكوى نتنياهو من الصحفيين الذين تجرؤوا على سؤاله، تلتها مطالبته بعقد جلسة مغلقة ثم اختصارها بحجة "اجتماع أمني عاجل"، قبل أن تظهر مجموعة من أنصاره خارج القاعة لترويع الإعلاميين.

إعلان

ويرى أن المحكمة تتساهل مع نتنياهو، ما يتيح له تكرار السلوكيات نفسها التي تُضعف هيبة القضاء وتُطيل أمد المحاكمة عمدا، مضيفا أن هذا "اللعب بالوقت" يهدف إلى انتظار متغير سياسي، كإجراء انتخابات مبكرة أو صفقة اعتراف جزئي تسبق عفوا رئاسيا، يوقف الإجراءات القضائية.

كما يربط كيبنيس بين تحركات الحكومة ضد المحكمة العليا وسعي نتنياهو لتقويض المؤسسات القضائية التي قد تسرّع محاكمته، محذرا من أن هذه المعركة القانونية أصبحت سياسية بالكامل، وأن التهديدات ضد القضاة والصحفيين باتت تنذر بخطر على النظام الديمقراطي.

ويخلص إلى أن "أسطورة انهيار القضايا" ضد نتنياهو قد تبخّرت، إذ إن سلوكه المتكرر في تعطيل الجلسات يدل على خوف حقيقي من العدالة، مؤكدًا أن المطلوب الآن هو "دعوة المتهم إلى الانضباط ووضع حد لفوضى المحاكمة"، قبل أن تتحول قاعة المحكمة إلى "ساحة عنف سياسي جديدة".

تدخل السياسة

من جانبها، أشارت خبيرة القانون الدستوري ونائبة رئيس معهد الديمقراطية الإسرائيلي، البروفيسورة سوزي نافوت، إلى أن مشروع قانون النائبة ليمور سون هار ميليش، إلغاء محاكمة نتنياهو، لا يمكن فصله عن السياق الأوسع المرتبط بقضية العفو لرئيس الوزراء.

وينص مشروع القانون على أن "أي لجنة في الكنيست، بعد تقديم لائحة اتهام وقبل صدور الحكم، يمكنها، بموجب إشعار كتابي مسبب للمحكمة، تأجيل الإجراءات القانونية ضد رئيس الوزراء أو أي وزير إذا رأت ذلك ضروريا".

ورغم الإشارة إلى الوزراء عموما، فإن القانون يستهدف شخصيا نتنياهو، إذ إن العقوبات القانونية ضد وزراء آخرين توقف عملهم تلقائيا عند تقديم لائحة اتهام، بينما يبقى رئيس الوزراء في موقعه ويحتاج إلى تأجيل الإجراءات.

وأوضحت نافوت، في مقال لها على الموقع الإلكتروني للقناة الـ12 الإسرائيلية، أن الهدف واضح؛ منح الحكومة القدرة على التدخل السياسي في القضاء، وهي صلاحية يجب أن تظل حصريا للنائب العام، ما ينتهك مبدأ استقلالية النظام القضائي وفصل السلطات والمساواة أمام القانون.

وأكدت أن مشروع القانون يستخدم كأداة لتحصين نتنياهو سياسيا، سواء عبر تأجيل المحاكمة، أو حتى احتمال إلغائها بالكامل، مع الإشارة إلى سيناريو العفو الرئاسي المحتمل الذي تناقشه أوساط مؤيدة له داخل إسرائيل وخارجها.

وختاما، ترى نافوت أن هذه التشريعات تعكس تجاوزات خطيرة للقيم الديمقراطية، وتحول الإجراءات القانونية إلى أداة سياسية بحتة، تهدف في النهاية إلى إفلات رئيس الوزراء من العدالة، وتقويض مبدأ فصل السلطات وسيادة القانون في إسرائيل.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا