في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
تقترب "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة من السيطرة على العاصمة المالية باماكو. هذا التطور الخطير قد يجعل مالي أول دولة في العالم تدار فعلياً من قبل تنظيم مصنّف إرهابي على قوائم الولايات المتحدة، وفقاً لتقرير صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مسؤولين غربيين وأفارقة.
يأتي هذا التقدم السريع للجماعة المسلحة عقب سلسلة من المكاسب التي حققتها حركات متطرفة في أفغانستان. سقوط باماكو، إن حدث، سيكون الأول من نوعه لمجموعة مرتبطة مباشرة بتنظيم القاعدة، مما يثير قلقاً واسعاً في الأوساط الأمنية الدولية.
تفرض الجماعة منذ أسابيع حصاراً خانقاً على العاصمة، مانعة وصول شحنات الغذاء والوقود. أدى ذلك إلى نقص حاد في الإمدادات وشلل شبه كامل في تحركات الجيش. أكد مسؤولون أوروبيون أن التنظيم يتبع استراتيجية "الخنق البطيء" بدل الهجوم المباشر، على أمل أن تنهار العاصمة تدريجياً تحت ضغط الأزمة الاقتصادية والإنسانية.
قال الباحث رافائيل بارينز من معهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا: "كل يوم يمر دون رفع الحصار يجعل باماكو أقرب إلى الانهيار الكامل". أوضح أن استمرار الأزمة يضعف قدرات الجيش الذي يعاني بدوره من نقص حاد في الوقود والذخيرة.
تشكلت جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" عام 2017 من اندماج عدد من الفصائل الموالية للقاعدة. تعهدت منذ تأسيسها بالولاء الكامل للتنظيم الأم. تلقى مقاتلوها دعماً في التدريب وصناعة المتفجرات من قادة القاعدة في منطقتي أفغانستان وباكستان، وفقاً لمسؤولين غربيين وأفارقة نقلت عنهم صحيفة "وول ستريت جورنال".
شهدت الأيام الماضية هجمات متكررة على قوافل الوقود المتجهة إلى العاصمة. في أحدث الحوادث، هاجم مسلحون عشرات الشاحنات على الطريق المؤدي إلى باماكو، وأشعلوا النار في أولى الشاحنات قبل أن يستولوا على البقية، وفقاً لمقاطع مصورة نشرها المتمردون. لم تتمكن القوات المتمركزة في بلدة كاتي المجاورة من التدخل بسبب نفاد الوقود لديها، وهو ما وصفه مراقبون بأنها "حلقة مفرغة" تمنع أي رد عسكري فعّال.
أصبح الوقود محور الصراع في البلاد. ارتفع سعر اللتر الواحد من البنزين في باماكو إلى نحو 2000 فرنك إفريقي (3.5 دولار تقريباً)، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف السعر السابق، وفق شهادة المواطن المالي إبراهيم سيسي الذي قال: "اليوم لا يوجد وقود في أي محطة، الناس ينتظرون لأيام بلا جدوى". ردت الحكومة بإغلاق المدارس والجامعات لمدة أسبوعين ووقف تشغيل بعض محطات الكهرباء.
قال رئيس الوزراء المالي عبدولاي ميغا، الأسبوع الماضي، في تصريح لافت: "حتى لو اضطررنا للبحث عن الوقود مشياً على الأقدام أو بملعقة، سنبحث عنه".
تتزايد المخاوف الغربية من توسع نفوذ القاعدة في غرب أفريقيا، خاصة في دول الساحل مثل النيجر وبوركينا فاسو ومالي. تتقدم الجماعات المتشددة نحو دول خليج غينيا الأكثر استقراراً مثل بنين وساحل العاج وتوغو وغانا. تشير تقديرات استخباراتية إلى أن مالي، التي يبلغ عدد سكانها 21 مليون نسمة وتفوق مساحتها ثلاثة أضعاف ولاية كاليفورنيا، قد تكون أولى الدول التي تسقط بالكامل في قبضة التنظيم.
تعتبر هذه التطورات مؤشراً على أن الجماعات الجهادية باتت تتبع نموذج "الاستنزاف الطويل" الذي أثبت نجاحه في أفغانستان وسوريا، حيث انهارت الأنظمة الحاكمة من الداخل دون معركة حاسمة. يؤكد تقرير للأمم المتحدة صدر في يوليو الماضي أن قادة جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" يستلهمون تجربة طالبان في كابل، ويعتبرونها "خارطة طريق" نحو السيطرة الكاملة على الحكم.
المصدر:
العربيّة