آخر الأخبار

6 أسئلة تشرح تبعات سقوط الفاشر بيد الدعم السريع

شارك





الخرطوم- عدّ خبراء عسكريون ومحللون سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر (عاصمة ولاية شمال ولاية دارفور غرب السودان )، بعد حصارها أكثر من 500 يوم، تحولا في مسار الحرب المستمرة منذ نحو 30 شهرا، ويمكن أن يعيد القتال مرة أخرى إلى وسط البلاد، ويطيل أمده ويرسم خريطة سياسية وإدارية جديدة في المنطقة، أو يدفع نحو إنهاء الحرب بضغوط دولية.

وقال رئيس مجلس السيادة والقائد العام ل لجيش السوداني عبدالفتاح البرهان إن لجنة الأمن في الفاشر قدّرت بأن تغادر القوات المدينة، نسبة لما تعرضت له من تدمير وقتل ممنهج للمدنيين، وأن قيادة الجيش وافقت على ذلك، حتى يجنبوا بقية المواطنين والمدينة الدمار.

وأضاف -في كلمة مصورة، الاثنين الماضي- أن ما حدث بالفاشر يُمثّل محطة من محطات العمليات العسكرية، التي فُرضت على الشعب السوداني، مؤكدا القدرة على "قلب الطاولة" واستعادة الأراضي من يد من وصفهم بالخونة.

ويعتقد مراقبون أن من شأن السيطرة على الفاشر احتفاظ الجيش بالسيطرة على المناطق الممتدة على طول نهر النيل والبحر الأحمر في شمال البلاد وشرقها ووسطها، بينما تُهيمن قوات الدعم السريع -بقيادة محمد حمدان دقلو " حميدتي "- على دارفور وأجزاء من ولايات إقليم كردفان الثلاث.

ما أهمية الفاشر والرمزية التي تمثلها؟

الفاشر هي العاصمة التاريخية والسياسية لإقليم دارفور، وتمثل الثقل السياسي والثقافي والعسكري للإقليم، والصلة بينه وبين شمال السودان والدول الأفريقية المجاورة.

كما تقع المدينة التاريخية عند تقاطعات جغرافية إستراتيجية تربط السودان بدول تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا، مما يجعل السيطرة عليها ورقة تفاوضية تتجاوز الداخل إلى أبعاد إقليمية.

ماذا يعني سيطرة الدعم السريع على الفاشر من الناحية العسكرية؟

يرى الباحث في الشؤون العسكرية، الأمين محمد الطيب، أن حسم المعركة في الفاشر لصالح الدعم السريع ليس انتصارا عسكريا ومعنويا، بل خطوة فارقة قد تحدد مستقبل البلاد، إما عبر تعزيز وحدتها أو الدفع بها نحو واقع جديد إداريا وسياسيا في غرب السودان، مما يمهد لنسخة معدلة من النموذجين الليبي أو اليمني، لكنه يستبعد انفصال دارفور لتعقيدات عملية واجتماعية.

إعلان

ويقول الطيب للجزيرة نت إن الفاشر عمق إستراتيجي لولايات كردفان والشمالية ونهر النيل، كما تربط السودان بشريط حدودي واسع يمتد إلى تشاد وليبيا وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان.

ويعني سقوط الفاشر عمليا -برأيه- أن الدعم السريع بات يسيطر على الشريط الغربي بأكمله من دارفور إلى كردفان ، وهو ما يمنحه قدرة على التحكم في خط الدفاع الغربي للبلاد.

مصدر الصورة الفاشر مدينة تاريخية وموقعها إستراتيجي بالنسبة للسودان حيث تربطه بعدة دول (الفرنسية)

هل ثمة أوراق جديدة سيحصل عليها الدعم السريع بعد تطورات شمال دارفور؟

يرى مراقبون أن السيطرة على دارفور تمنح الدعم السريع موقعا تفاوضيا قويا، إذ يشكل الإقليم بوابة السودان نحو 4 دول أفريقية ترتبط بامتدادات قبلية واقتصادية عميقة.

ويُتوقع أن تؤدي هذه السيطرة إلى تصعيد في الهجمات الجوية بين الجانبين، خاصة مع اعتماد الجيش على الطائرات المُسيّرة في محاولة لاستعادة بعض المواقع، خصوصا في كردفان.

ما التداعيات المحتملة للتحول الجديد في الميزان العسكري؟

يعتقد مراقبون أن هذا التحول قد يدفع باتجاه إعادة رسم خريطة الصراع وربما موازين التفاوض، وتمنح الدعم السريع مكسبا ميدانيا مهمًا دون أن تحقق حسما، ويشجع تلك القوات للتمدد نحو ولايات كردفان.

ويوضح الخبير العسكري ونائب رئيس هيئة أركان الجيش السابق، الفريق محمد بشير سليمان، أن السيطرة على شمال دارفور ستتيح لقوات الدعم السريع تلقي إمداد عسكري ولوجستي عبر ليبيا وتشاد وجنوب السودان وأفريقيا الوسطى، مما يمكنها من التوسع في نشاطها العسكري.

ولم يستبعد الخبير -في حديث للجزيرة نت- أن يعود القتال إلى ولايات وسط البلاد واستهداف الدعم السريع ولاية الخرطوم مجددا ما لم يستطع الجيش إبعادها من ولاية شمال كردفان، خاصة طريق الصادرات من أم درمان إلى بارا، وطردها من مناطق أم بادر وسودري التي توجد بها مهابط للطائرات ستكون مصدر إمداد عسكري لتهديد العاصمة.

ماذا يترتب على سيطرة الدعم السريع على الفاشر؟

يقول الباحث والمحلل السيسي خالد سعد -للجزيرة نت- إن ما جرى تحول سياسي حاد يضع البلاد أمام عدة سيناريوهات محتملة:


* التمزق بحكم القوة: أي انزلاق البلاد نحو فوضى ممتدة تصعب السيطرة عليها، نتيجة لطبيعة حرب الدعم السريع الانتقامية التدميرية، مما يؤدي عمليا إلى تفكك في مكونات الدولة، وفي داخل إقليم دارفور نفسه.
* استعجال مفاوضات تحت ضغط دولي متزايد، بمبرر وقف الكارثة الإنسانية الفظيعة، وهو سيناريو سيعمل على هندسة الدولة بهيكل سياسي وإداري جديد، ويراهن هذا التوجه على أن استمرار الحرب ينهك الأطراف، ويضعف مراكزها، ويستفيد أيضا من الإرهاق الشعبي العام جراء الحرب.
* ويكون السيناريو الثالث بأن تدفع الكارثة الإنسانية نفسها إلى ظهور إرادة وطنية تجمع الفرقاء السياسيين والنخبة الأهلية لإيجاد مخرج وطني من هذا المأزق الوجودي، لكن هذا الاحتمال صعب التحقق في ظل حدة الاستقطاب الحالي ورهان بعض الأطراف على الخارج.
مصدر الصورة سقوط الفاشر قد يجدد المعارك في الخرطوم ومدن أخرى سيطر عليها الجيش السوداني (الجزيرة)

هل ستعجل التطورات العسكرية في دارفور بعملية السلام أم تدفع لإطالة أمد الحرب؟

يعتقد الكاتب السياسي إبراهيم شقلاوي أنه رغم قتامة المشهد، فإن نافذة سلام حقيقية بدأت تتشكل بفعل عاملين رئيسيين:

إعلان

* إنهاك الدولة وتدهور الاقتصاد: بعد نحو ثلاثة أعوام من الحرب، أصبح واضحا أن الخرطوم بحاجة إلى مقاربة جديدة، فالمعارك الطويلة -كمعركة الفاشر- تستنزف الموارد والدولة معا، ما يضطر الجميع ولو بدافع البراغماتية للبحث عن مخرج سياسيّ مشرف.
* تبدّل المزاج الإقليمي: بدأت بعض العواصم، حتى تلك المساندة للدعم السريع، تراجع حساباتها خشية أن تتحول دارفور إلى بؤرة فوضى عابرة للحدود تهدد مصالحها الاقتصادية والأمنية وتؤثر على صورتها.

في ضوء هذه التحولات -يقول شقلاوي للجزيرة نت- يدخل السودان مرحلة إعادة تموضع سياسي قد تُفضي إلى مفاجآت خلال الفترة القادمة، فالمشهد يتّجه نحو صيغة انتقالية تعبّر عن توازن داخلي جديد فرضه الواقع المتحرك.

ويرى الكاتب أن كل تلك المعطيات تُبرز الحاجة إلى مقاربة وطنية جديدة تحفظ وحدة البلاد وتؤسس لحلّ سياسيّ شامل يشارك فيه الجميع، عبر حوار سوداني سوداني، يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار.

ويضيف أنه إذا ما بدأ هذا المسار بوتيرة متسارعة، فستجد المجموعة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة والسعودية ومصر والإمارات نفسها مضطرة لإعادة التموضع حفاظا على مصالحها البعيدة المدى في السودان والقرن الأفريقي.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا