آخر الأخبار

الفقد والإبعاد يبدد فرحة عائلة الروم بتحرير أسيريها عماد وجهاد

شارك





رام الله- "أين أمي؟" كان السؤال الأول للأسيرين الفلسطينيين جهاد وعماد الروم (44 عاما) و(46 عاما) حينما سُمح لهما بالاتصال بالعائلة لإخبارهم بأن الاحتلال الإسرائيلي قرر إبعادهما للخارج.

بداية، حاولت العائلة مواصلة إخفاء خبر وفة الأم منذ 5 أشهر، ولكن بعد اقتراب موعد الإفراج كان لا بد من ذلك، لتذوب فرحة لقاء والدتهما قبل أن يغادرا السجن ويصبحا أحرار خارج أسواره بعد اعتقال دام 23 عاما.

والفرحة الثانية التي سرقها الاحتلال من الأسيرين، هي العودة إلى أحضان العائلة التي انتظرتهما طويلا، والمنزل الذي اعتقلا منه وحافظت والدتهما عليه كما كان قبل اعتقالهما "كي لا يتبدل عليهما شيء حين التحرر" كما كانت توصي أبناءها حتى وفاتها.

العقاب بالإبعاد

أفرج عن جهاد وعماد الروم من مخيم قدورة للاجئين الفلسطينيين القريب من مدينة رام الله وسط الضفة الغربية ، في صفقة التبادل التي عقدتها حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) مع إسرائيل، ضمن اتفاقية وقف الحرب في غزة ، التي دخلت حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وأطلق بموجبها 250 أسيرا من أصحاب المؤبدات والأحكام العالية، و1918 أسيرا من غزة.

وبدد الاحتلال فرحة الإفراج بإبعاد الأسيرين المحررين إلى الخارج، ليصلا إلى القاهرة حيث اجتمعا مع جزء من عائلتهما هناك.

وأصاب قرار الإبعاد العائلة التي كانت قد أعدت كل شيء لاستقبالهما في المخيم، بالصدمة، ويقول شقيقهما الأكبر فؤاد للجزيرة نت "لا يوجد أي سبب يستدعي إبعادهما للخارج، لم يكن هذا الخيار واردا على الإطلاق".

ومنذ تلقي العائلة الاتصال الهاتفي منهما وإبلاغها بالإبعاد، سافر شقيقاه وشقيقاته وبعض أفراد عائلته إلى الأردن ومنها إلى مصر ، ولم ينتظروا حتى اليوم الثاني خوفا من إجراءات متوقعة من الاحتلال بمنع عائلات الأسرى المبعدين من السفر عبر معبر الكرامة ، المنفذ الوحيد للفلسطينيين بالضفة الغربية للخارج، وهو ما كان في اليوم الثاني بالفعل.

مصدر الصورة نداء شقيقة جهاد وعماد الروم تعد المعجنات استعدادا للإفراج عنهما قبل أن يصلها نبأ إبعادهما (الجزيرة)

وكانت الجزيرة نت قد زارت العائلة حين الإعلان عن عقد الصفقة في منزلها في المخيم، حيث لم تكن قائمة الأسماء قد نُشرت بعد، ولكن العائلة كانت متأكدة من الإفراج عنهما، وكان كل أفرادها يعملون كخلية نحل لترتيب استقبالهما؛ فهما من أسرى المؤبدات، وحسب المعايير الإسرائيلية لن يكون على أسمائهما أي اعتراض كي لا تشملهما الصفقة هذه المرة، ولا يوجد سبب لإبعادهما أيضا، أو هكذا كان الجميع يعتقد، ولكن الاحتلال كان له رأي آخر.

إعلان

وعن ذلك، يقول فؤاد "الإبعاد عقوبة إضافية على الأسرى. تخيل أن إنسانا حُرم من عائلته لسنوات طويلة ثم يُبعد إلى بيئة ومكان لا يعرف عنهما شيئا، وهو الذي كان سيشعر بالغربة حتى لو عاد إلى سريره الذي اعتقل منه بعد هذه السنوات".

وعند زيارتنا للعائلة، كانت رائحة المخبوزات تفوح في كل أرجاء المنزل، خاصة الزعتر الأخضر، فهذا "كان طلب عماد عندما يُفرج عنه أن نحضر له فطائر الزعتر"، تقول شقيقة الأسيرين، نداء الروم، وأضافت للجزيرة نت وقد غلبتها دموعها "منذ اعتقالهما لم يتناولا فطائر الزعتر".

مصدر الصورة الأسيران عماد (يمين) وجهاد الروم ووالدتهما التي توفيت قبل أن تراهما محررين (الجزيرة)

وصية الأم

وابتهاجا بخبر الصفقة الذي انتظرته العائلة طويلا، أعدت نداء وشقيقاتها كميات كبيرة من أكثر ما اشتهياه شقيقيها وهما في الأسر، لتوزيعه رحمة على روح والدتهما التي توفيت وهي تنتظرهما، مؤكدة أن هناك المزيد في يوم الإفراج عنهما.

وكانت العائلة تعتقد أن عودة الأسيرين واجتماعهما في البيت مع جميع الأشقاء والأبناء والأحفاد حولهما سيخفف مصاب الخبر الذي لم يصلهما قبل 5 أشهر عن وفاة والدتهما، ومن قبلها شقيقتهما، ولكن الآن بات هذا الحزن المؤجل حملا إضافيا على الإبعاد.

وتقول نداء "كل أثاث المنزل حتى الذي اهترأ نحتفظ به كما أوصت الوالدة حتى الإفراج عنهم، الآن سيتم إبعادهما في بيئة ومكان وحياة جديدة لا يعرفان عنها شيئا، لا الوجوه ولا الأماكن مألوفة لهما".

ورغم كل هذه الغصة حرصت نداء وأشقاؤها على حمل كل ما تستطيع معها لهما؛ المعجنات المنزلية التي اشتهياها ومكسَّرات من محل اعتاد عماد على الشراء منه قبل اعتقاله، وملابس لهما وقليل من ذكرى والدتهما لعلها تخفف من عبء غربتهما القليل.

وفي حديث مع العائلة بعد أن اجتمعت منقوصة في الغربة التي أُجبروا عليها، قال فؤاد إنه لا معلومات مؤكدة حتى الآن عن مكان إبعادهما، ولكن بالنسبة لهم فإن الإفراج عنهما إلى أي مكان أفضل من بقائهما في جحيم السجن.

ألم الغربة

يوافق عماد في حديثه مع الجزيرة نت من القاهرة على ما قاله شقيقه فؤاد، ولكنه في الوقت نفسه يخشى من ضبابية المستقبل الذي ينتظره وشقيقه، فكما أُبلغا هما وكل الأسرى المبعدين، ستكون ضيافتهما في القاهرة لأجل قصير قبل أن يتم إبعادهما إلى دول عربية أو تركيا . وتابع "لم نتوقع أن يتم إبعادنا، وأن ما يوجد لدى المقاومة من محتجزين إسرائيليين يحقق لنا إمكانية العودة إلى بيوتنا".

ويضيف أن الغربة التي فُرضت عليهم تتساوى في بعض الأحيان مع السجن، فسلخ الأسير من بيئته الاجتماعية أكبر عقوبة بعد السجن، ولكن الظروف الأمنية الصعبة تجعلهم مرغمين على القبول بها.

مصدر الصورة عماد الروم تحدث من القاهرة عن ألم الفقد والغربة بسبب الإبعاد خارج الوطن (الجزيرة)

ويزيد من عبء الغربة -يواصل عماد- عدم تمكن العائلة من البقاء طويلا، إلى جانب عدم وجود خطة واضحة لمكان إبعادهما الأخير، ولا أي تصور لما سيكون عليه حالهما في الأيام المقبلة.

إعلان

ومع ذلك يبقى الأمل لدى عماد وشقيقه ببدء حياتهما من جديد رغم كل هذه الظروف: "لا يوجد لدينا خيارات سوى شق حياتنا من جديد أينما وصل بنا الحال، وسنبقى نحلم بالعودة إلى أرض الوطن ولو بعد حين" ختم قائلا.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا