آخر الأخبار

تداعيات تسليم فضل شاكر نفسه على المشهد اللبناني

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

بيروت- بعد أكثر من 12 عاما من الغياب والجدل، عاد اسم المغني اللبناني فضل شاكر ليطفو مجددا على واجهة المشهد العام، لكن هذه المرة ليس عبر أغنية جديدة أو عودة مدوية، بل بخطوة مفاجئة حملت أبعادا قضائية، تمثَّلت في تسليمه نفسه لمخابرات الجيش اللبناني بعد سنوات من التواري داخل مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين قرب مدينة صيدا جنوبي لبنان .

وجرى التسليم، مساء أمس السبت، عند حاجز "الحسبة" على مدخل المخيم، بإشراف قوة من استخبارات الجيش تمهيدا لمحاكمته وإغلاق ملفه القضائي المفتوح منذ أكثر من عقد.

وفي أول تعليق رسمي، أعلنت قيادة الجيش (مديرية التوجيه) أمس أن "المطلوب فضل عبد الرحمن شمندر، المعروف بفضل شاكر، سلّم نفسه إلى دورية من مديرية المخابرات عند مدخل مخيم عين الحلوة على خلفية أحداث عبرا عام 2013″مؤكدة أن التحقيق بوشر بإشراف القضاء المختص.

"تصفية حسابات"

بدأ شاكر المولود عام 1969 مسيرته الغنائية في تسعينيات القرن الماضي، محققا شهرة واسعة في العالم العربي، قبل أن يعلن اعتزاله عام 2012 في خضم الأحداث التي شهدها لبنان والمنطقة.

لكن اسمه ارتبط بعد ذلك بأحداث عبرا في يونيو/حزيران 2013، حين اندلعت اشتباكات دامية بين أنصار الشيخ أحمد الأسير والجيش اللبناني أسفرت عن مقتل 18 عسكريا و11 مسلحا.

وعام 2020، أصدرت المحكمة العسكرية حكما غيابيا بسجنه 22 عاما مع الأشغال الشاقة، قبل أن تُسقط عنه بعض التهم عام 2018 وتبرّئه من المشاركة المباشرة في القتال أو قتل عسكريين.

وطوال فترة تواريه داخل المخيم، ظل شاكر موضع انقسام حاد بالرأي العام اللبناني والعربي، بين من يرى فيه فنانا مظلوما حُشر في زوابع السياسة، ومن يعتبره مسؤولا عن مواقفه وخياراته.

ورغم ذلك، لم يتوقف عن الإنتاج الفني، إذ أصدر السنوات الأخيرة عددا من الأغنيات التي لاقت رواجا لافتا بين جمهوره، وسط دعوات متزايدة لعودته إلى الساحة الفنية.

إعلان

وفي أبريل/نيسان الماضي، أصدر شاكر بيانا قال فيه إنه تعرّض للظلم "لأكثر من 13 عاما" مؤكدا أن لجوءه للمخيم كان "هربا من تهديدات بالقتل وليس خوفا من القضاء" وأن التهم التي وُجهت إليه كانت "تصفية حسابات سياسية".



احتمالات بعد التسليم

وبمجرد انتشار خبر تسليمه نفسه، تصدّر اسم شاكر قوائم الأكثر تداولا على منصات التواصل الاجتماعي، بين من رأى في خطوته "شجاعة تمهد لفتح صفحة جديدة" ومن اعتبرها تأتي في سياق تسويات أمنية بعد التغيرات السياسية في الساحة اللبنانية.

ويرى مراقبون للجزيرة نت أن عودة شاكر إلى الواجهة قد تعكس مناخا سياسيا جديدا يسعى إلى إغلاق ملفات الملاحقين، وربما الاستفادة من رمزيته كفنان معروف في تمرير رسائل مصالحة داخلية، خصوصا أن ملفه طالما استخدم ورقة تجاذب بين محورين سياسيين متقابلين في لبنان.

وبين أروقة القضاء وفضاء الطرب، يبقى ملف فضل شاكر مفتوحا على احتمالات عدة، ويترقب اللبنانيون ما إذا كان هذا التسليم بداية لتسوية شاملة أم محطة جديدة في مسيرة مطرب ظل اسمه مثقلا بأسئلة العدالة والمصالحة في آن.

ويقول المحلل السياسي والقضائي يوسف دياب -للجزيرة نت- إن شاكر "ربما شعر بأن الظروف اليوم مختلفة عما كانت عليه في الماضي، فالقضاء العسكري بات أكثر استقلالية بعد التشكيلات الأخيرة، في ظل رئاسة جمهورية أقسمت على حماية الدستور، وحكومة لا يهيمن عليها حزب الله كما في السابق".

ويضيف دياب أن شاكر "وجد اللحظة مناسبة لتسليم نفسه بعد أن استعاد زخمه الفني، مدركا أنه سيدفع ثمنا قضائيا لكنه سيسعى لإثبات براءته أمام المحكمة".

ويشير إلى أن التهم الموجهة إليه تشمل "حمل السلاح وتشكيل مجموعات مسلحة والمساس بالاستقرار الداخلي" إلا أنه "لم يُثبت في أي وقت أنه قاتل أو أطلق النار على الجيش أو المدنيين، بل اتخذ موقفا سياسيا معارضا ل حزب الله ومؤيدا ل لثورة السورية ".

ويختم دياب "لا أملك معلومات مؤكدة عن وجود مبادرة خارجية دفعت شاكر لتسليم نفسه، لكن من المرجح أن هناك نوعا من الدعم الخارجي، ليس للتدخل في القضاء بل لضمان محاكمة عادلة، خصوصا أن شاكر لا يزال يحظى باهتمام واسع عربيا وعالميا، وقد يكون بصدد إعادة إطلاق مسيرته الفنية من جديد".

مصدر الصورة جانب من مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين حيث ولد فضل شاكر (الجزيرة)

دون تدخل خارجي

من جانبه، يقول المحلل السياسي جوني منير -للجزيرة نت- إن تسوية وضع الفنان شاكر "جاءت بعد فترة إزعاج عاشه داخل مخيم عين الحلوة في صيدا" مشيرا إلى أن شاكر كان يسعى أولا لتغيير وضعه الشخصي، وثانيا لتفادي التوتر داخل منطقة يقطنها، والتي تخضع لسيطرة جماعات إسلامية متشددة.

وأضاف منير أن شاكر واجه مضايقات بعد عودته إلى النشاط الفني، إذ طلب منه بعض الأطراف عدم إصدار أغان جديدة، معتبرين أن نشاطه الفني يتعارض مع توجهاتهم.

إعلان

وأوضح أن التواصل بين شاكر والجيش اللبناني تم عبر مديرية المخابرات التي شددت على أن الفنان يجب أن يخضع للمحاكمة لمعرفة الحقيقة وتحديد المسؤوليات، مضيفا "إذا كان بريئا، فلن يتعرض لأي عقوبة، وإذا ثبت تورطه في قضايا، مثل استهداف عسكريين، فلن يكون هناك أي تهاون".

وأكد منير أنه تم الاتفاق على خطة آمنة لخروج شاكر من المخيم، حيث انتقل عبر وسيط محدد من منطقة إلى أخرى حتى وصل إلى خارج المخيم تحت إشراف مخابرات الجيش.

وردا على الشائعات عن تدخل دولي، نفى المحلل منير أي دور لدول خارجية، مشددا على أن التواصل كان حصريا بين شاكر والجيش اللبناني، واستمر لأكثر من عام ونصف العام، بهدف حماية نفسه وتسوية وضعه الشخصي والمالي، خصوصا بعد إصدار آخر أغانيه.

وأشار منير إلى أن هذه الخطوة تحمل أبعادا سياسية مرتبطة بالحكومة الجديدة واستعادة استقلالية القضاء، خاصة وأن حزب الله لم يعد مسيطرا على الملف كما في السابق، في حين يؤثر تسليم بعض المخيمات للسلاح والضغط على جهات مقربة من الإسلاميين على التوتر الداخلي في المخيم.

وأفاد بأن شاكر أكد التزامه بالكشف عن أي معلومات قد تساعد في معرفة الحقيقة حول الوقائع السابقة التي قد تثبت تورطه في استهداف عسكريين، معبرا عن ثقته ببراءته، ويعكس ذلك موقف الجيش اللبناني من ملفه والتزامه بتطبيق القانون.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا