في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في ظل التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط، وتصاعد الهجمات الإسرائيلية على دول خليجية وعربية على نحو غير مسبوق، يطرح التساؤل الأكبر بشأن موقف الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب تجاه حليفها الأقوى في المنطقة، إسرائيل، خاصة في ما يتعلق بتزويدها بالأسلحة الأميركية الهجومية.
عقد في الدوحة، الأحد، الاجتماع التحضيري لوزراء خارجية الدول العربية والإسلامية، في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على العاصمة القطرية.
يهدف الاجتماع إلى إعداد مشروع قرار سيرفع إلى قمة عربية إسلامية طارئة ستنعقد، الإثنين، في الدوحة لمناقشة العدوان الإسرائيلي على قطر ورفض إرهاب الدولة الذي تمارسه تل أبيب، بحسب ما أكده المتحدث باسم الخارجية القطرية.
القمة التحضيرية في الدوحة.. خطوات استباقية
من الدوحة، قال مراسل سكاي نيوز عربية عيسى المرزوقي، خلال حديثه إلى برنامج "رادار"، إن الاجتماعات التحضيرية على مستوى وزراء الخارجية ستبدأ بكلمات رسمية من قبل رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي حسين طه، وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
ستلي ذلك مناقشة مشروع القرار الذي سيصدر عن القمة الرئاسية، والذي يُتوقع أن يدين الاعتداءات الإسرائيلية على قطر، ويعكس التضامن العربي والإسلامي الواسع معها.
وأكدت مصادر رسمية أن الاجتماعات السابقة بين المسؤولين القطريين والأميركيين كانت إيجابية، وأن جى دي فانس نائب الرئيس الأميركي أكد على تضامن الولايات المتحدة مع قطر، مشددًا على أن المسائل العالقة يجب حلها عبر الدبلوماسية، وأن استراتيجية التعاون بين واشنطن والدوحة مستمرة وقوية.
وأشار المرزوقي إلى أن الاستهداف الإسرائيلي للأمن القومي القطري أعاد ملف الأمن الخليجي والعربي إلى دائرة النقاش، وأن الدول الخليجية قد تعيد مراجعة عقيدتها الدفاعية والأمنية، سواء على مستوى مجلس التعاون الخليجي أو جامعة الدول العربية، لضمان حماية سيادة هذه الدول أمام أي اعتداءات مستقبلية.
واشنطن على المحك.. موقف ترامب بين إسرائيل وقطر
من واشنطن، قال مراسل سكاي نيوز عربية مجدي يازجي خلال حديثه إلى برنامج "رادار" إن الإدارة الأميركية الحالية تجد نفسها في مأزق شديد.
فالحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو، والتي تعتبر أقرب الحلفاء للولايات المتحدة في المنطقة، قامت بهجمات غير متوقعة على قطر، وهو ما سبب إحراجًا كبيرًا للرئيس ترامب وإدارته.
وأشار يازجي إلى أن هناك من يرى أن نتنياهو يعتمد على العلاقة الشخصية مع ترامب لتجاوز أية أزمة سياسية أو دبلوماسية، وغالبًا ما يحقق مكاسب داخلية بعد هذه المغامرات، بينما تتحمل الولايات المتحدة تبعات هذه الأعمال على مستوى المصداقية والتحالفات.
وأضاف يازجي أن هناك مطالبات في الداخل الأميركي باتخاذ إجراءات ملموسة ضد إسرائيل، مثل وقف تزويدها بالأسلحة الهجومية، والاكتفاء بالأسلحة الدفاعية، لكنه أكد أن إدارة ترامب لم تُتخذ أي خطوات من هذا النوع حتى الآن. حتى التحذيرات العلنية أو الانتقادات الصريحة ضد الحكومة الإسرائيلية لم تظهر، وهو ما يضع علامات استفهام كبيرة حول المصداقية الأميركية وقدرتها على الردع.
الاتفاقية الدفاعية والوساطة القطرية.. صمام الأمان الأميركي
تأتي هذه الأزمة بعد سلسلة لقاءات بين ترامب ومسؤولين قطريين، شملت رئيس الوزراء القطري ووزير خارجيته، بحضور المبعوث الخاص ستيف ويتكوف.
وقد ركزت هذه اللقاءات على الاتفاق الدفاعي الاستراتيجي بين واشنطن والدوحة، وكذلك على دور قطر كوسيط محتمل في الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة.
وأكدت المصادر أن الاتفاقية الدفاعية بين واشنطن والدوحة كانت محور النقاش، حيث تعهد الجانب الأميركي بأن أي هجوم مماثل لن يتكرر، وهو ما يُنظر إليه كرسالة غير مباشرة لإسرائيل، دون توجيه اتهامات صريحة أو عقوبات ملموسة على حكومة نتنياهو.
وأشار المرزوقي إلى أن هذه الاتفاقية ستبقى حامية للأمن القومي القطري، وأنها تعكس اهتمام الولايات المتحدة بحماية حليف استراتيجي خارج حلف شمال الأطلسي، مع الإشارة إلى أن الضمانات الأميركية قد تُشكل عنصراً أساسياً في عودة قطر إلى دور الوسيط في النزاعات الإقليمية.
الهجوم الإسرائيلي على قطر.. قلق عربي وخليجي
أوضح التقرير أن الاستهداف الإسرائيلي لقطر لم يكن مجرد حادث عابر، بل اعتبره العديد من المسؤولين العرب والخليجيين "اعتداءً سافرًا" على الأمن القومي العربي. فقد قامت الإمارات والبحرين وسلطنة عمان بإرسال رسائل تضامن واضحة مع قطر، في حين استدعى الجانب القطري نائب السفير الإسرائيلي لتوبيخه على ما وصفه الاعتداء الإسرائيلي.
وأكد المرزوقي أن هذه الأحداث دفعت بعض الدول العربية إلى مراجعة استراتيجياتها الدفاعية والتفكير في توسيع اتفاقياتها العسكرية والأمنية، بما في ذلك مع قوى كبرى مثل الصين وروسيا، بعيدًا عن الاعتماد الكامل على الولايات المتحدة.
الأزمة على المستوى الداخلي الأميركي.. الضغوط على ترامب
من منظور واشنطن، بحسب يازجي، يواجه ترامب ضغوطًا كبيرة داخل الإدارة، خاصة من كبار مستشاريه، الذين أعربوا عن استيائهم الشديد من تصرفات إسرائيل، معتبرين أن نتنياهو يحاول باستمرار تخريب الجهود الدبلوماسية الأميركية لتحقيق أهداف سياسية داخلية.
كما أشار يازجي إلى أن هناك من يربط بين هذه المغامرات الإسرائيلية وتأثيرها المباشر على وقف إطلاق النار في غزة، مؤكداً أن نتنياهو يسعى لتوسيع سيطرة إسرائيل على القطاع، وهو ما قد يوجد مآلات سياسية وأمنية خطيرة للمنطقة، ويضع الإدارة الأميركية أمام مسؤوليات كبيرة في إدارة هذه الأزمة.
الأسلحة الأميركية.. الهجومية مقابل الدفاعية
يبقى السؤال الأكثر إثارة للجدل: هل سيوقف ترامب تزويد إسرائيل بالأسلحة الأميركية الهجومية؟
حتى الآن، لم يصدر عن ترامب أي قرار رسمي بهذا الخصوص. فالجانب الأميركي يملك أوراق ضغط كبيرة على إسرائيل، بما في ذلك قدرة حجب الأسلحة الهجومية الثقيلة، كما فعلت إدارة بايدن في وقت سابق، لكن إدارة ترامب لم تستخدم هذه الأوراق، مكتفية بالضغط الدبلوماسي غير المباشر وإرسال رسائل إلى نتنياهو عبر الاتفاقيات الدفاعية مع قطر.
ويشير التقرير إلى أن بعض الأوساط الأميركية تعتبر استمرار تدفق الأسلحة الهجومية إلى إسرائيل في هذه الظروف بمثابة ضعف في الردع الأميركي، ويطرح تساؤلات حول التزامات واشنطن تجاه حلفائها العرب والخليجيين.
المصداقية الأميركية على المحك
كما يوضح يازجي، خلال حديثه إلى "سكاي نيوز عربية" فإن الإدارة الأميركية تواجه اختبارًا حقيقيًا لمصداقيتها في المنطقة.
فاستمرار التدخلات الإسرائيلية دون أي رد فعل واضح من واشنطن يضعف موقف الولايات المتحدة، ويثير تساؤلات بشأن قدرة التحالفات الأميركية على حماية مصالح حلفائها.
وفي هذا السياق، تؤكد مصادر عدة أن هناك حاجة ملحة لمراجعة شاملة للسياسات الدفاعية والأمنية في الخليج، وربما إعادة النظر في بعض جوانب التحالفات العسكرية، بما يضمن حماية الأمن القومي العربي أمام أي تجاوزات مستقبلية من قبل إسرائيل أو غيرها.
الرهانات الأميركية والإقليمية
إن اللقاءات المكثفة بين المسؤولين الأميركيين والقطريين، والمناقشات بشأن الاتفاقية الدفاعية، تشير إلى محاولة واشنطن إعادة الأمور إلى نصابها بعد الهجوم الإسرائيلي على قطر. لكن الغضب الداخلي الأميركي والانتقادات المستمرة لاستمرار تزويد إسرائيل بالأسلحة الهجومية تظهر أن هذه الأزمة ليست مجرد مسألة دبلوماسية عابرة، بل اختبار حقيقي للمصداقية الأميركية وقدرتها على حماية حلفائها الإقليميين.
يبقى السؤال الأكبر: هل ستتخذ إدارة ترامب خطوات ملموسة للحد من هذه التجاوزات الإسرائيلية، أم ستظل الرسائل الدبلوماسية غير المباشرة هي الأسلوب المعتمد، مع استمرار تزويد إسرائيل بالأسلحة الهجومية؟