أثارت الهجمات الجوية الإسرائيلية على مقر اجتماع قيادات حركة حماس في قطر، الجدل حول دور الذكاء الاصطناعي في عملية الاستهداف، بداية من التخطيط والرصد والمتابعة، مرورا بتحديد الأهداف بدقة، وصولا إلى مرحلة التنفيذ.
ويرى عدد من الخبراء في المجال التقني، أن جهاز الشاباك الإسرائيلي، تمكن من تطوير بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي المتعلقة بالرصد الجغرافي، والتي جرى تصميمها بالأساس للاستعمال في المجالات السلمية، لخدمة أهدافه العسكرية المرتبطة بالاغتيالات.
وقال الخبير في مجال الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني المهندس أحمد عبدالفتاح، إن جهاز الشاباك تمكن -بالتعاون مع سلاح الجو في الجيش الإسرائيلي- من تحديد مكان اجتماع قيادات حماس، مستغلًا في ذلك تقنيات رصد جغرافية، بينما توجيه الضربات اعتمد على تقنيات أخرى.
وأوضح، في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في إسرائيل، تمكنت من تطوير نموذج الذكاء الاصطناعي الجغرافي (GeoAI)، والذي يعد تطبيقًا مدمجًا مع بيانات الجغرافيا المكانية والعلوم والتكنولوجيا لتحقيق سرعة الفهم في الزمن الحقيقي.
وأضاف: "في المجالات السلمية، يمكن استعمال هذا النموذج لتطوير الأعمال ورصد بعض التأثيرات البيئية، وتستغله المؤسسات للتشغيل على نطاق واسع عبر توليد بيانات آلية، بهدف الوصول إلى أدوات وخوارزميات مكانية، واستخراج بيانات جغرافيا مكانية مع التعلم العميق".
وفيما يتعلق بالاستعمالات في المجال العسكري، التي طورها متخصصو الشاباك الإسرائيلي، قال عبدالفتاح إن "الباحثين تمكنوا من أتمتة آليات استخراج المعلومات الجغرافية من البيانات وتصنيفها، لتتضمن الصور ومقاطع الفيديو، بالإضافة إلى النصوص، بما يجعل التحديد أكثر دقة".
ولفت إلى أن نموذج الذكاء الاصطناعي الجغرافي يمكن مستخدمه من استعمال الصور الجوية لاستخراج صور للمباني من الداخل وكذلك الطرق في حالة وجود غطاء، سواء غطاء أخضر من الشجر أو صناعي، وفي هذه الحالة يمكنه دراسة كل البيانات بما في ذلك البنية الأساسية للمباني.
وتابع: "هذا فيما يتعلق بتقنيات المراقبة وتحديد الأهداف، والتي تداخلت فيها أمور أخرى، من بينها مراقبة الأجهزة الإلكترونية مثل الهواتف المحمولة والشرائح المختلفة، وكل ما يمكن أن يصل إليه الإنترنت، بالإضافة إلى المسوحات الحرارية للمباني، والتي يدخل فيها الذكاء الاصطناعي أيضا".
وفيما يتعلق بطريقة استخدام الذكاء الاصطناعي الجغرافي، قال إنه يدخل في مختلف الصناعات والتطبيقات بهدف تحقيق خطوات استباقية في مجال الرصد والتحليل، إذ إنه -في مجال الزراعة- يحسن إنتاجية المحصول ويرفع مستوى السلامة المجتمعية، ويقلل وقت الاستجابة للطوارئ.
من جانبه، قال خبير تطوير وتدريب الذكاء الاصطناعي معاذ نبيل، إن الهجمة الإسرائيلية في قطر استعملت عددًا كبيرًا من التقنيات، وكلها مرتبطة بالذكاء الاصطناعي، لقدرة الخوارزميات على جمع ومعالجة البيانات من مصادر مختلفة لاتخاذ القرار.
وأردف: "أنظمة الذكاء الاصطناعي بإمكانها إجراء تحليل سريع للموقف، بجانب تحييد التحيزات التي تسببها التدخلات البشرية، لا سيما أنها لا تفهم الأخلاقيات الإنسانية، وبالتالي تتعامل مع ثوابت جامدة غير مرتبطة بالتحيزات، وتعمل فقط على اختيار الأهداف وتحديدها والتعامل معها".
وأشار إلى أن جهاز الشاباك لديه وحدات تعمل على تطوير التقنيات الذكية، بالإضافة إلى أن برامج الذكاء الاصطناعي تأتي إلى إسرائيل جاهزة من أميركا، لتساعد في تشخيص الهدف بشكلٍ دقيق في البيئات القتالية.
وأكد أن إسرائيل تستعين بهذه التقنيات، وتدربها على فهم مناطق عملياتها بشكل كاملة، والتعلم من الأخطاء السابقة، فالمؤكد أن النموذج الذي حدد موقع قيادات حماس يجري تدريبه الآن على الطريقة التي تمكنت بها هذه القيادات من الإفلات من عملية الرصد والاغتيال.
ويرى الخبير المصري أن هذه النماذج يمكن أن تكون عنصرًا مضادًا للهجمات الإلكترونية، لحماية المعلومات السرية من الاختراق الأمني، لأنه يكون مدربًا على منع الأشخاص غير المصرّح لهم من الوصول إلى البيانات المختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، لدى هذه البرمجيات الذكية قدرة على دراسة أنماط الهجمات الإلكترونية، وتشكيل استراتيجيات حماية مضادة، بجانب وضع سيناريوهات لتحسين الأمن في البيئات العسكرية، بعد تحليل كميات ضخمة من البيانات والتنبؤ بالهجمات المستقبلية.
أما فيما يخص الهجمات محدودة المساحة وقوية التأثير، فأوضح الخبير بمجال الذكاء الاصطناعي، أن التقنيات الذكية التي استعملها سلاح الجو الإسرائيلي في قطر، مكنت الطيارين من توجيه ضربات لبؤر صغيرة محددة، يكون تأثيرها كبيرًا، دون إحداث تدمير هائل بالمنطقة المستهدفة.