آخر الأخبار

ماذا يفعل الاحتلال في شرق مدينة غزة؟

شارك





غزة- بينما تتوغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في عمق مدينة غزة من جهتها الشرقية، يعيش السكان واحدة من أكثر اللحظات دموية وكارثية في تاريخ المدينة.

3 أحياء كبيرة، وهي الشجاعية ، و الزيتون ، و التفاح ، باتت ساحة لسياسة الأرض المحروقة، بعد أن تم تهجير معظم سكانها، وتحويل أحيائها إلى كتل من الركام، في حين تتعالى صرخات العالقين بلا مغيث.

وتُشكل هذه الأحياء، إضافة إلى الدرج ، مدينة غزة القديمة، قبل أن تتوسع خلال العقود الماضية باتجاه الغرب. وحسب الناطق باسم بلديتها حسني مهنا، فإن مساحة الأحياء الثلاثة تشكل 50% من مساحة المدينة، ويسكنها كذلك نحو نصف سكان غزة، وقد أُجبروا على النزوح القسري تحت القصف.

تدمير ممنهج

وعقب استئناف العدوان في 18 مارس/آذار الماضي، يستهدف الاحتلال الإسرائيلي هذه الأحياء عبر اجتياحها بريا، وقصفها بواسطة الجو، بعد أن أمر سكانها بالنزوح.

يوضح مهنا للجزيرة نت أن الاحتلال ينتهج سياسة التدمير الممنهج، إذ يُسجَّل يوميا هدم مربعات سكنية كاملة، وأن بلدية غزة أُجبرت على التوقف عن تقديم خدماتها في تلك المناطق، إذ تركز عملياتها حاليا على غرب المدينة فقط، وبعض المناطق المتبقية من وسطها.

ونتيجة هذا النزوح الجماعي، تضاعف الضغط على غرب المدينة بشكل غير مسبوق. فوفقا للبلدية، فإن نحو 1.2 مليون شخص يتكدسون حاليا في منطقة محدودة جغرافيا، تضم النازحين من شرق غزة ومن محافظة شمال القطاع المُخلى تماما.

ويكشف محمود بصل الناطق باسم جهاز الدفاع المدني عن أنهم تلقوا العشرات من الإشارات من عائلات تقطن أحياء شرق غزة، تناشد إنقاذ من بقي منهم حيا، تحت الأنقاض. ويضيف بأسى للجزيرة نت "نحاول عبر قنوات التنسيق إخراجهم، لكنّ جيش الاحتلال يرفض غالبية الطلبات، من بين كل 10 حالات استغاثة، قد يوافق على واحدة فقط، ومن لا نصل إليه، يُقتل تحت الركام".

إعلان

وذكر أن أكثر من 500 منزل تم قصفها واستهدافها خلال الأيام الـ20 الماضية، مشيرا إلى أن هذا الرقم يشمل فقط ما أمكن توثيقه، في ظل استحالة الوصول إلى غالبية الأحياء الشرقية.

مصدر الصورة استشهاد 27 فلسطينيا في غارة جوية إسرائيلية سابقة على مدرسة دار الأرقام في حي التفاح (الألمانية)

مآس

ويورد بصل بعض الأمثلة على المآسي التي تعرضت لها العائلات في تلك المنطقة، حيث يقول "في التفاح، عائلة الدهدار فقدت 31 فردا بينهم أربعة أطفال شوهدوا يتحركون بعد الانفجار، لكن لم يُسمح لأحد بإنقاذهم حتى فارقوا الحياة. وفي حي الزيتون، قُتل 70 شخصا من عائلة أبو سمرة تحت أنقاض منزلهم، ولم تُرفع جثثهم حتى اليوم".

وأضاف "في بعض الحالات، كان هناك تواصل مع الضحايا وهم تحت الأنقاض، مثلا السيدة هلا عرفات في حي التفاح بقيت حية لأكثر من 24 ساعة، ورفض الاحتلال السماح لنا بالوصول إليها، وفارقت الحياة. وكذلك إبراهيم الدلو، الذي تواصلنا معه وهو يئن من تحت الركام، وعندما وصلنا، وجدناه قد احترق حيّا".

ويتطرق إلى مأساة أخرى وهي الجثامين الملقاة في الشوارع ويرفض الاحتلال السماح بانتشالها، ويقول "لدينا أكثر من 35 إشارة عن شهداء ملقَون على طول شارع صلاح الدين ، ولا نستطيع الوصول إليهم، للأسف مصيرهم أن تنهشهم الكلاب الضالة، كما حدث مع آخرين".

رغم أن حي الزيتون تعرض لستة اجتياحات منذ بدء الحرب، فإن السابع -الجاري حاليا- هو الأعنف والأوسع، حسب الصحفي أكرم دلول، أحد سكان الحي والمراقب اليومي لما يجري في الميدان. ويقول للجزيرة نت "منذ 20 يوما، القصف لا يتوقف؛ ليلا ونهارا، من الجو ومن الطائرات المُسيّرة".

وحتى في قلب الحي، في مناطقه الغربية (وسط المدينة) المصنفة على أنها مكتظة بالمدنيين، مثل شارع النديم، ومنطقة المُصلّبة، ومسجدي علي بن أبي طالب والإمام الشافعي، يزداد القصف اليومي.

ويلفت دلول إلى أن القذائف تنهمر قرب مسجد صلاح الدين وسط الحي، وشظاياها تطال حتى حي الصبرة غربا. وحصد القصف أرواح العشرات في الشوارع حسبما يوضح، مضيفا "في شارعي صلاح الدين، وكشكو، ومنطقة شعفوط، ومدرسة الحرية، تنتشر الجثث ولم يتم انتشالها حتى الآن".

مصدر الصورة فلسطينيون ينزحون من ديارهم إثر أوامر إخلاء إسرائيلية صدرت أواخر الشهر الماضي (رويترز)

وضع كارثي

وما لم يُدمَّر في الاجتياحات السابقة، دُمّر الآن على يد الاحتلال، وفق الصحفي دلول. ويقدّر نسبة الدمار بين 60 إلى 70% من المنازل المتبقية شرق شارع صلاح الدين، خصوصا في مناطق مثل شارع كشكو، والسكة، ووادي العرايس، ومسجد الأبرار.

ويكشف عن وجود عشرات الجثامين تحت أنقاض المنازل بحي الزيتون، مضيفا أن "هناك نحو 40 مواطنا استشهدوا تحت الأنقاض، من عائلتي نصر الله وعاشور قرب مسجد صلاح الدين، وجثامين أخرى لعائلتي عزام ورحيم".

من جانبه، يلفت الصحفي محمد قريقع، أحد سكان حي الشجاعية، والمراقب لما يجري فيه بالإضافة إلى حي التفاح المجاور، إلى أن المنطقتين خاليتان من السكان، وبلا "بيوت يمكن العودة إليها". وذكر أن الشجاعية الذي كان يضم قبل الحرب أكثر من 120 ألف نسمة، يتعرض للاجتياح الرابع منذ بداية الحرب، لكنه "الأكثر تدميرا على الإطلاق".

إعلان

ووفقا لشهادات حية لأشخاص تمكنوا من الخروج مؤخرا، استمع لها قريقع، تنتشر جثامين في شارعي المنصورة وبغداد، لمدنيين كانوا يحاولون الحصول على الطحين أو جمع الحطب، مضيفا "استهدفتهم طائرات الاستطلاع بينما كانوا يتحركون وسط الحي، وبقوا ينزفون حتى استُشهدوا، لأن الاحتلال رفض السماح لسيارات الإسعاف بالوصول".

ويؤكد قريقع أن الدمار يشمل ما لا يقل عن 90% من حي الشجاعية، وربما أكثر. ويضيف "معالم الشوارع والأحياء لم تعد واضحة بسبب التفجيرات التي تستخدم فيها إسرائيل روبوتات ناسفة، مما يجعل حتى من يعرف المنطقة غير قادر على تمييزها".

ويشير إلى أن الاحتلال يركز قصفه في محيط شارعي بغداد، والمنصورة، ومقبرة التوانسي في حي الشجاعية، التي تم تجريفها بالكامل. أما في تل المنطار بالشجاعية، وهو أعلى منطقة مرتفعة في مدينة غزة، فقد سُجلت انهيارات ترابية طالت المنازل المجاورة، مما غيّر شكل المنطقة بأكملها، حسب شهود استمع لهم.

وفي حي التفاح المجاور لا يقل الوضع كارثية، حيث تشير شهادة قريقع إلى أن منطقة الشَعَف، وشارعي النخيل والحَجَر، وهي مناطق كانت حتى وقت قريب مأهولة بالسكان، تتعرض لقصف مكثف.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا