يعد النزاع الأخير في منطقة الشرق الأوسط بين إسرائيل وإيران والمتواصل منذ خمسة أيام نواة للمواد الإخبارية والتحليلية في الصحف العالمية، ونستعرض في جولة عرض صحف اليوم جملةً من التحليلات المرتبطة بالآثار الاقتصادية المترتبة على الهجوم المتبادل، إضافة إلى سيناريوهات تطور الصراع بينهما.
ونستهل جولتنا مع افتتاحية صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، بعنوان "ارتفاع أسعار النفط الذي لم يحدث".
وتناقش الصحيفة التأثيرات الاقتصادية المحتملة للهجوم المتبادل بين إيران وإسرائيل.
وتقول إنه وعلى الرغم من تصاعد التوترات وارتفاع أسعار النفط بشكل بسيط، إلّا أن السوق لم يشهد "ذعراً"، ويعود السبب في ذلك إلى "وفرة المعروض العالمي".
وتبيّن الصحيفة أن "إنتاج النفط العالمي في وضع معقول لمواجهة أي شيء سوى اضطراب كارثي"، مشيرة إلى زيادة في الإنتاج من قبل دول منتجة للنفط مثل السعودية وغيانا والبرازيل وكندا.
وتؤكد أهمية إنتاج النفط الأمريكي، حيث وصل إنتاجها مستوى قياسياً بلغ 13.5 مليون برميل يومياً في مارس/ آذار، مما يساعد في استقرار السوق، وأن الأسعار المستدامة فوق 70 دولاراً تدعم المنتجين الأمريكيين.
وتنتقد الصحيفة إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، لتخفيفها العقوبات على إيران ورفضها فرض عقوبات صارمة على روسيا، بحجة حماية أسعار البنزين في الولايات المتحدة، وهذا قد سمح لروسيا وإيران بالاستفادة من عائدات النفط لدعم برامجهما العسكرية والنووية.
وتدعو الولايات المتحدة إلى "تشديد العقوبات" على الدول التي تستورد النفط الروسي والإيراني، مثل الصين والهند، باعتبار أنها تستفيد من شراء النفط الخام بأسعار مُخفّضة، معتقدة أن ذلك سيكون أكثر فعالية من مجرد تحديد سقف سعري.
وتقول إن "الفكرة الأكثر فعالية تتمثّل في فرض عقوبات ثانوية على الدول التي تشتري الطاقة الروسية، وفقاً لمشروع قانون معاقبة روسيا لعام 2025، حيث تُفرض بموجبه رسوماً جمركية بنسبة 500 في المئة على الدول التي تشتري الطاقة الروسية".
وتختتم الصحيفة افتتاحيتها، بدعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التعلّم من أخطاء بايدن وألا يجعل أسعار النفط تسيطر على قراراته الاستراتيجية، خصوصاً فيما يتعلق بدعم إسرائيل وأوكرانيا.
وننتقل إلى مقال في صحيفة بلومبيرغ البريطانية، بعنوان "بالنسبة للأسواق، انتهت الحرب بين إسرائيل وإيران بالفعل"، للكاتب جون أوثرز.
ويعرض الكاتب التفاؤل الذي تبديه الأسواق العالمية تجاه التصعيد الأخير بين إسرائيل وإيران، رغم خطورة الموقف واحتمالات تفاقمه. ويقول "يبدو أن الأسواق العالمية قد أقنعت نفسها بأن الكارثة الأخيرة في الشرق الأوسط يمكن تجاوزها بسهولة، كما هو الحال مع جميع نزاعات المنطقة الأخرى خلال العقد الماضي".
ويشير إلى "انخفاض أسعار النفط والذهب، وارتفاع عوائد سندات الخزانة، وانخفاض تقلبات الأسهم يوم الاثنين، مع استمرار إسرائيل وإيران في تبادل الضربات الصاروخية"، إضافة إلى أن "الأسهم تُعد في أقوى حالاتها منذ اليوم الذي تلا تنصيب الرئيس دونالد ترامب".
وأضاف أن "هناك جانباً إيجابياً في غياب أي تطورات قد تُقلص إمدادات النفط بشكل كبير، كإغلاق مضيق هرمز من قِبل إيران، أو تضرر إنتاج النفط الإيراني من قِبل إسرائيل".
ويبرر الكاتب هذا التفاؤل من خلال قراءة للتاريخ، مبيناً أن الأسواق غالباً ما تتجاوز الأزمات الجيوسياسية بسرعة، ما لم تؤدِ إلى صدمات كبيرة مثل أزمة النفط في السبعينات أو غزو فرنسا في الحرب العالمية الثانية.
ويبيّن أن أسعار النفط اليوم بعيدة جداً عن المستويات التي تُسبب ركوداً اقتصادياً في الغرب، الأمر الذي يجعل السوق أقل قلقاً من احتمال اندلاع أزمة اقتصادية.
بالمقابل، لا يرى الكاتب أن هذا التفاؤل مبرر بالكامل، لافتاً إلى مخاطر حقيقية قد تؤدي إلى خسارة بعض الأموال، كأن "تسعى إيران لامتلاك سلاح نووي وتغلق مضيق هرمز إضافة إلى وجود خطر وشيك بتغيير النظام".
ويتحدّث الكاتب عن مخاوف من إقدام إيران على استهداف منشآت نفطية أو مسارات الإمداد في المنطقة لإجبار الولايات المتحدة على كبح جماح إسرائيل، مبيناً أن هذا النوع من التصعيد قد يُسبب اضطرابات في الاقتصاد العالمي.
ونختتم جولتنا مع صحيفة الفايننشال تايمز، ومقال للكاتب جدعون رحمان بعنوان "كيف قد تتطور الحرب الإسرائيلية الإيرانية".
ويرى الكاتب أن التطورات الأخيرة في المنطقة "لا يمكن التنبؤ بها"، حتى من قبل الإسرائيليين والإيرانيين أنفسهم.
ويقترح الكاتب عدة سيناريوهات للتطورات الأخيرة، منها توجيه ضربات سريعة على غرار حرب 1967، أو تكرار حرب العراق 2003 التي بدأت بنجاح ثم تحولت إلى مستنقع دموي، أو أن يتخذ الصراع مساراً خاصاً، مع احتمال تصعيد غير تقليدي من إيران.
ويقول "من المرجح أن تتبع الحرب الإسرائيلية الإيرانية مساراً مختلفاً. أحد السيناريوهات التي تُقلق مسؤولي الأمن الغربيين وهو أن يُقرر النظام الإيراني اليائس الرد بوسائل غير تقليدية".
ويطرح الكاتب سيناريوهات أخرى في حال شعرت إيران بأنها في طريقها للهزيمة؛ فإما "أن تتقبل الوضع برحابة صدر وتحاول التفاوض للخروج من المأزق. أو أن تُصعّد بوسائل غير تقليدية..، وقد تختار إيران استعراض سلاح نووي بدائي لمحاولة صدم إسرائيل ودفعها إلى إنهاء الحرب، أو تفجير "قنبلة قذرة".
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أيضاً أن إيران تمتلك مخزوناً كبيراً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة. ويعتقد بشكل عام أن طهران ستحتاج إلى الوصول إلى مستوى التخصيب بنسبة 90 في المائة حتى تتمكن من صنع سلاح نووي. ومن الممكن أن يتم ذلك في غضون أيام، على الرغم من أن التسليح سيستغرق وقتًا أطول بكثير.
ويناقش الكاتب النجاحات الإسرائيلية الأولية، مستدركاً حديثه بأن تدمير منشآت إيران النووية، وخاصة تلك الموجودة تحت الأرض مثل "فوردو"، مهمة صعبة، معتقداً أن إسرائيل لا تملك القنابل القادرة على تدمير هذه المواقع، ما قد يدفع أمريكا للتدخل.
ويشير إلى أصوات في واشنطن تطالب بمشاركة أمريكية لتدمير منشآت إيران النووية، مبيناً أن حتى هذا التدخل قد لا يضمن إنهاء البرنامج النووي.
ويحذر الكاتب في ختام مقاله من تدخل أمريكي جديد، خاصة تحت قيادة ترامب الذي وعد بالسلام، معتبراً أن ذلك سيكون تناقضاً كبيراً وفشلاً سياسياً على حد وصفه.