مع القرار الأردني الأخير بحظر تنظيم الإخوان رسميا، بدأت الأنظار تتجه نحو دمشق، وسط تساؤلات متزايدة حول كيفية تعامل الإدارة السورية الجديدة مع هذا التنظيم، خاصة بعد مؤشرات على وجود شخصيات مرتبطة به داخل الأراضي السورية.
وفي هذا السياق، أعادت تصريحات عضو الكونغرس الأميركي كوري ميلز الجدل إلى الواجهة، بعدما كشف عن اهتمام الرئيس السوري أحمد الشرع بانضمام سوريا إلى الاتفاقيات الإبراهيمية للسلام "عندما تتوفر الظروف المناسبة"، ما فُسّر على أنه إشارة إلى تغيير في الموقف السوري التقليدي من قوى الإسلام السياسي.
الملف الأمني أولا
في مداخلة مع برنامج "ستوديو وان مع فضيلة"، أكد الكاتب الصحفي السوري عبد الكريم العمر أن الأمن يمثل "أولوية قصوى" لدى القيادة السورية الجديدة، مشيرا إلى أن سوريا "لن تكون ملاذا لأي جماعة تشكل تهديدا لدول الجوار أو للإقليم".
وقال العمر: "الرئيس الشرع تعهد خلال زياراته العربية بأن تكون سوريا منطلقا للسلام، ولن تسمح بتواجد أي تنظيمات تكفيرية أو إقصائية"، لافتا إلى أن الشعب السوري والقيادة الجديدة "يرفضان الفكر المتشدد، بما في ذلك تنظيم الإخوان".
وفيما يتعلّق بالشخصيات المرتبطة بالتنظيم التي زارت دمشق عقب سقوط النظام السابق، أوضح العمر أن من زار البلاد فعل ذلك بصفة شخصية، وليس ضمن وفد رسمي، وأن سوريا "لن تغلق أبوابها في وجه أحد، لكنها لن تسمح بأن تكون منصة تهديد لأي دولة".
قلق أردني وتنسيق أمني
وشدد الوزير الأردني السابق محمد داودية على أن الأردن يتعامل بحذر مع ملف الجماعة، مؤكدا أن بلاده "صبرت على الإخوان 80 عاما، لكن القيادة الراشدة داخل التنظيم أُطيح بها من قبل جناح متشدد، ما استدعى اتخاذ القرار بالحظر".
وعن احتمال لجوء قيادات إخوانية إلى سوريا، أشار داودية إلى أن "الحدود الأردنية والسورية باتت مضبوطة بعد انهيار النظام البائد الذي كان يُصدر الإرهاب والمخدرات"، مضيفا أن التنسيق الأمني بين عمّان ودمشق "في أعلى مستوياته، وأن الأردن يثق في أن سوريا الجديدة لن توفر ملاذا لأي عناصر مطلوبة".
هل تدفع الصفقة نحو التخلص من الإخوان؟
التحولات المتسارعة في دمشق تترافق مع ضغوط أميركية واضحة.
وبحسب العمر، فإن الشروط الأميركية لا تتعارض مع الأجندة السورية الجديدة، خاصة أن دمشق "كانت أول من حارب تنظيم داعش"، ولا ترغب في عودة أي مظاهر للتطرف.
ويتوقع مراقبون أن يكون ملف تنظيم الإخوان أحد أوراق التفاوض بين سوريا والغرب، ضمن مسار أوسع يشمل ضبط الميليشيات الموالية لإيران، والتخلي عن الفصائل الأجنبية، والانفتاح على الدول الخليجية.
الاتفاقيات الإبراهيمية على الطاولة
وفيما تُثار تساؤلات حول رغبة دمشق في الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية، اعتبر داودية أن "القرار سيادي ويخص القيادة السورية"، لكنه شدد على ضرورة توظيف أي تحركات دبلوماسية لصالح "رفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني، والتصدي لجرائم الاحتلال".
من جهته، رأى العمر أن توقيع سوريا على الاتفاقيات، إن حدث، "لن يكون بمعزل عن الإجماع العربي"، مؤكدا أن دمشق "لن تتخلى عن دعم القضية الفلسطينية، وستبقى جزءا من المنظومة العربية في كل ما يخص الأمن القومي والتضامن العربي".