في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
معرة النعمان- لم تكن الوجبة الرمضانية التي حصل عليها كامل بربش كافية لعائلته المؤلفة من 9 أشخاص، وهو الذي يقضي ساعات طوال في عمل الباطون المسلح لتأمين متطلبات حياته اليومية، في ظل قلة فرص العمل في مدينة معرة النعمان المدمرة التي عاد إليها، بعد أن هُجّر منها قبل 5 سنوات عقب سيطرة النظام البائد عليها.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال إن الوجبات الرمضانية التي توزعها الجمعيات والمنظمات الخيرية خلال شهر رمضان تُعد مساعدة مهمة للعوائل وخاصة الكبيرة، لأنها تساهم في تخفيف العبء على رب الأسرة في ظل الفقر وقلة فرص العمل.
وأضاف أنه يعمل كعامل بيومية لا تصل لأكثر من 150 ليرة تركية (4 دولارات أميركي) بينما إعداد وجبة الإفطار لأسرته إذا كانت بسيطة تكلف 250 ليرة تركية (7 دولارات أميركي) وهو ما لا يتناسب ولا يتوازن بين دخله اليومي ومصروفه، ويجعل عدم حصوله عليها بشكل يومي سببا في زيادة المعاناة عليه.
تتسابق الكثير من الجمعيات والمنظمات الخيرية والمبادرات الأهلية للعمل في شهر رمضان، بتقديم وجبات الإفطار للعوائل المحتاجة والفقيرة، وتنشط هذه الجمعيات في مناطق الشمال السوري بسبب عدد المهجرين الكبير، الذي ما زالوا في خيام النزوح أو عادوا إلى قراهم وبلداتهم المدمرة.
وأطلق معاذ معمار حملة "أهل الخير" بمبادرة خيرية من أقاربه وأصدقائه، بهدف تقديم وجبات إفطار لـ150 عائلة في مدينة معرة النعمان جنوب إدلب، ذاقوا مرارة النزوح والتهجير لسنوات، واستنزفوا خلالها بشكل كبير، ولم يعد لهم القدرة على تأمين أبسط متطلبات المعيشة اليومية بحسب ما قال للجزيرة نت.
وأضاف أن عملية الطبخ والتبرع بالمواد الغذائية تتم بمبادرة من الأصدقاء الذين جمعهم حب الخير للمحتاجين من العوائل الذين عادوا إلى معرة النعمان، والذين ربما لا يجدون ما يضعونه على موائد الإفطار لهم ولأطفالهم بعد صيام ساعات.
كما دعا كل من يمتلك القدرة أو الاستطاعة أن يقدم لهؤلاء الناس بما يستطيع وهناك جمعيات ومنظمات تقوم بذات العمل ولكن مبادرتنا كانت مختلفة فهي من شخصية تكسبنا الأجر وبذات الوقت نحاول تقديم ما نستطيع لأهلنا.
وقال معمار إن "الدافع لهذه المبادرة هو الحب الذي نحمله لمدينتا معرة النعمان، التي ذاق أهلها التهجير على يد النظام البائد منذ عام 2020، وبعد دخولها بسياسة الأرض المحروقة قام بسرقة كل ما فيها، حتى الحديد من أسقف المنازل، واليوم عاد الناس إلى منازلهم وهم مضطرون لهجر الخيام التي لا تقيهم برد الشتاء أو حرارة الصيف".
وأضاف أن الكثير من العوائل عادت إلى منازلها وسكنت على أنقاضها، والكثير منهم لا يملك ثمن وجبة الإفطار له ولعائلته، "وهذا ما جعلنا نتوجه لهذه الحملة، لغاية استهداف أكبر عدد من هذه العوائل على مدى أيام رمضان، ونحن مستعدون للمساعدة وزيادة عدد العوائل المستفيدة".
بدورها تقدم جمعية الضياء الإنسانية والتي تنشط في شمال سوريا يوميا ما يقارب 750 وجبة إفطار، للنازحين في مخيمات النزوح شمال إدلب وبالقرب من الحدود السورية التركية، وتحاول تقديم الوجبات للعوائل التي فقدت المعيل أو الفقيرة، بحسب ما ذكر مدير المكتب الإعلامي لجمعية الضياء عبد الرزاق الزيادي للجزيرة نت.
وأضاف أن الجمعية تحاول تأمين عدد أكبر من الوجبات من خلال الداعمين، بالإضافة للتعاون والتنسيق مع عدد من الجمعيات العاملة في المجال الإنساني.
وأشار إلى أن الجمعية لا يقتصر عملها على تقديم وجبات الإفطار، إنما تقدم لعدد من الأسر الفقيرة والأيتام والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة في مخيمات سرمدا وكللي سلالا غذائية تساعدهم في معيشتهم اليومية.
ومن جانب آخر، افتتح متطوعون مطبخ "صلة الخير" لطهي وتوزيع وجبات الإفطار الرمضانية، بدعم من تجار ومغتربين في مدينة سراقب، التي بدأ أهلها المهجرون في الخيام والشمال السوري بالعودة إليها، ليعيشوا أجواء رمضان في منازل مدمرة ومدينة منكوبة.
وقال علي عرموش، وهو متطوع في مطبخ صلة الخير، للجزيرة نت إن "مبادرتنا هي من أجل الوقوف مع أهلنا الذين بدأوا بالعودة إلى منازلهم المدمرة في مدينة سراقب، بعد أن هجروا منها منذ 5 سنوات، والكثير منهم لا يملك ثمن وجبة الإفطار له ولعائلته".
وأضاف أن فريق متطوعي "مطبخ صلة الخير" اعتمد بعمله على تبرعات من تجار ومغتربين من مدينة سراقب لتنفذ هذه الحملة، والتي تقدم ما يقارب الـ100 وجبة يوميا للفقراء والمحتاجين، الذي تركوا المخيمات أو الذين لم يعد لهم القدرة على دفع أجارات المنازل في مناطق نزوحهم وعادوا إلى مدينة سراقب .
ولفت عرموش إلى أن "مثل هذ المبادرات ولو كانت قليلة ولكنها تساعد عوائل أنهكتها الحرب، ولم تعد تملك من المال ما يجعلها تعيش طقوس رمضان، وبعض العوائل لا تملك حتى أن تطبخ ولو أبسط المواد لتسد بها رمق الجوع، بعد صيام ما يقارب الـ14 ساعة".
وحث المتطوع أصحاب الخير على تقديم يد العون للفقراء، في ظل شح دعم المنظمات وقلة فرص العمل وتدني الأجور، حيث ما زال الوضع المأساوي مستمرا على حاله منذ منذ 14 عاما، ولا يزال ما يقارب 5 ملايين نسمة لم يعودوا إلى قراهم وبلداتهم المدمرة بريف إدلب.