مع اقتراب انتهاء مذكرة التفاهم الحالية بين الولايات المتحدة وإسرائيل في السنوات القليلة المقبلة، يطرح تساؤل كبير، هل يمكن أن توقف واشنطن دعمها العسكري لحليفها الإستراتيجي في الشرق الأوسط؟ وما تداعيات ذلك على الطرفين؟
هذا ما حاول الكاتب أريك ميندل الإجابة عليه في مقال رأي بصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية عن العلاقة بين البلدين والدعوات لإنهاء الدعم والتبعات المحتملة لذلك على كلا البلدين.
وميندل، الذي يُقدّم إحاطات دورية لأعضاء الكونغرس الأميركي ومساعديهم في السياسة الخارجية هو مدير شبكة المعلومات السياسية للشرق الأوسط (MEPIN) كما أنه كبير محرري الشؤون الأمنية في صحيفة "جيروزاليم ريبورت".
ويمكن تلخيص ما ورد في مقال ميندل في النقاط التالية:
يوضح الكاتب أن الدعم العسكري الأميركي لإسرائيل يمثل منذ عقود ركيزة أساسية للعلاقة بين البلدين، حيث تموّل واشنطن أنظمة دفاع مثل "القبة الحديدية" و"مقلاع داود"، وتساعد في تعزيز التفوق العسكري الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط.
لكن ميندل يرى أن ثمة فوائد متبادلة في هذا الصدد، مشيرا إلى أن إسرائيل على الرغم من أنها تحتاج تلك المساعدات وتستهلكها غير أن جزءًا كبيرًا منها يُنفق في الولايات المتحدة نفسها لدعم الصناعات الدفاعية، مما يخلق آلاف الوظائف للأميركيين ويعزز الاقتصاد.
وهنا يبرز الكاتب أن هناك أصواتًا متزايدة في واشنطن تدعو إلى إعادة تقييم هذه المساعدات، من بين الجمهوريين المنادين بالانعزالية وتوفير الموارد لمعالجة القضايا الداخلية، وكذلك الديمقراطيين التقدميين الذين يرون في المساعدات أداة ضغط لتغيير السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين.
وكمثال على تلك الدعوات يقول ميندل إن تقريرا أصدرته مؤسسة هيريتج الأميركية أثار الجدل حين دعا إلى تقليص تدريجي للمساعدات العسكرية لإسرائيل، بهدف "تعزيز شراكة متساوية" بين البلدين على مدى العقدين المقبلين.
كما أن هناك أصواتا من الجانب الإسرائيلي تدعو إلى الاستقلال عن الدعم الأميركي. فقد اعتبر الجنرال المتقاعد في الجيش الإسرائيلي، غيرشون هكوهين أن عدم اعتماد إسرائيل على المساعدات الأميركية يجعل الشراكة بين البلدين تزدهر بناءً على المصالح المشتركة فقط.
لكن هذا الطرح قوبل بتحفظات واسعة، خاصة في ظل الحرب الحالية التي تخوضها إسرائيل على 7 جبهات، وحاجتها الماسة لتعويض مخزونها من الذخائر وأنظمة الدفاع، التي استنفدت بشكل كبير منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وعن التبعات المحتملة لمثل هذا السيناريو، يقول ميندل إن تفوق إسرائيل العسكري سيكون مهددا إذ يعتمد الجيش الإسرائيلي على الدعم الأميركي للحصول على التكنولوجيا العسكرية الأكثر تطورًا، مثل مقاتلات "إف-35". وأي تقليص أو إنهاء للدعم قد يؤثر على قدرة إسرائيل في الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي.
كما أن مثل هذه الخطوة ستمثل ضغطا على الاقتصاد الدفاعي لإسرائيل التي توقفت، بموجب مذكرة تفاهم وقعتها مع الجانب الأميركي، عن استخدام نسبة 26% من المساعدات لتطوير صناعاتها الدفاعية المحلية، مما أدى إلى إغلاق بعض الشركات وفقدان آلاف الوظائف.
أما تداعيات ذلك على أميركا فإنه سيمثل خسارة لمختبر ميداني، إذ تُعتبر إسرائيل "مختبرًا عمليًا" لتجربة الأسلحة الأميركية في ظروف حرب حقيقية، مما أسهم في تحسين فعالية أنظمة مثل "القبة الحديدية" المستخدمة الآن في الدفاع الأميركي.
كما أن من شأن ذلك أن يسبب تراجعا للهيمنة الإقليمية لواشنطن التي تعتبر إسرائيل حليفًا إستراتيجيًا يساعدها في مواجهة التهديدات المشتركة في الشرق الأوسط ، ولا شك أن تقليص المساعدات قد يضعف النفوذ الأميركي في المنطقة.
المساعدة العسكرية الأميركية لإسرائيل ما زالت تمثل حجر الزاوية في العلاقة بين البلدين، لكن التحركات السياسية في واشنطن قد تغير هذه المعادلة
ولفت ميندل إلى أن أي إشارة إلى تقليص الدعم الأميركي يمكن أن يفسرها خصوم إسرائيل، مثل إيران وحزب الله، كدليل على تراجع الالتزام الأميركي تجاه حليفها، مما قد يشجعهم على استغلال الموقف لشن هجمات أو زعزعة استقرار المنطقة، خاصة مع صبر إستراتيجي معروف لدى إيران للانتظار حتى تظهر فرصة مناسبة للضغط على إسرائيل.
وختم الكاتب بالتأكيد على أن المساعدة العسكرية لإسرائيل ما زالت تمثل حجر الزاوية في العلاقة بين البلدين، لكن التحركات السياسية في واشنطن قد تغير هذه المعادلة، فسواء كانت أولوية الجمهوريين تقليص النفقات أو الضغوط التقدمية لربط المساعدات بشروط سياسية، فإن على إسرائيل أن تستعد لتطوير اقتصادها الدفاعي، وضمان الوصول المستمر إلى التكنولوجيا العسكرية الأميركية، والتكيف مع التغيير في السياسة الأميركية.