نستعرض في عرض الصحف اليوم عدداً من مقالات الرأي التي تركز على الوضع في الشرق الأوسط، من بينها مقال عن التهديدات التي تواجه انهيار اتفاق وقف اتفاق النار بين إسرائيل ولبنان بسبب دعم ترامب لخطط نتنياهو، ومقال عن التحديات التي تواجه حزب الله اللبناني ونشاطه بعد قطع خطوط الإمداد الإيرانية، وأخيراً مقال يتساءل عما إذا كان لبنان على أعتاب نهاية حرب تاريخية وبداية أخرى لن تقل عنها إشكالية.
نبدأ جولتنا من صحيفة "الغارديان" البريطانية ومقال رأي كتبه محمد بزي بعنوان "هدنة لبنان وإسرائيل الهشة على المحك بسبب ترامب"، يستهله الكاتب بالإشارة إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل يظل مهدداً بالانهيار، وسط اهتمام عالمي مُنصب فقط على تبادل الرهائن والسجناء بين حماس وإسرائيل.
ويقول الكاتب إن الاتفاق، الذي أُبرم بوساطة أمريكية في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي أوقف حرباً استمرت 14 شهراً بين إسرائيل وحزب الله، كما مهّد الطريق لإنهاء سنوات من الجمود السياسي في بيروت، بعد أن شكّل لبنان حكومة جديدة، وأخيراً أصبح لديه قادة جرى اختيارهم بناء على التزامهم بتنفيذ إصلاحات، بدلاً من انتماءاتهم الطائفية، غير أن مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار وضعهم أمام مأزق مباشر.
ويلفت الكاتب إلى أنه بموجب الاتفاق، كان من المفترض أن تسحب إسرائيل قواتها بالكامل من المناطق التي غزتها في جنوب لبنان في أكتوبر/تشرين الأول، في حين وافق حزب الله على نقل مقاتليه وأسلحته إلى شمال نهر الليطاني، وكان من شأن انسحاب الطرفين أن يتيح للجيش اللبناني الانتشار في جنوب لبنان.
وعلى الرغم من انسحاب إسرائيل من بلدات وقرى لبنانية، إلا أنها أبقت على قواتها في خمسة مواقع استراتيجية في جنوب لبنان، تمنحها نقاط مراقبة مهمة، ورغم أن المسؤولين الإسرائيليين يصفون ذلك بأنه "انتشار مؤقت" للقوات داخل لبنان، إلا أن الأمر يمثل احتلالاً للأراضي اللبنانية، وقد يؤدي إلى انهيار اتفاق وقف إطلاق النار.
ويقول الكاتب إن قدرات حزب الله أُضعفت بشكل كبير في حربه الأخيرة مع إسرائيل، التي أسفرت عن اغتيال معظم قادته البارزين وتدمير معظم ترسانته العسكرية، إلا أن إسرائيل، بحسب رأي الكاتب، قد تخاطر بالمبالغة في استغلال انتصارها العسكري، خاصة في ظل عجز الولايات المتحدة عن كبح جماح نتنياهو ومنعه من إطالة أمد الحرب الإسرائيلية في غزة وتوسيع نطاقها إلى لبنان، بعد أن تحدثت تقارير صحفية إسرائيلية عن نجاح حكومة نتنياهو في إقناع إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالسماح لإسرائيل بالحفاظ على وجود عسكري "طويل الأمد" في جنوب لبنان.
ويرى الكاتب أنه إذا استمرت إسرائيل في احتلال مناطق من لبنان، بدعم من ترامب، فلن تواجه خطر تجدد الصراع مع حزب الله فحسب، بل ستوجّه أيضاً ضربة قاسية للقيادة اللبنانية الجديدة.
ويلفت الكاتب إلى أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، حتى وإن سعت إسرائيل إلى تصويره على أنه مجرد إجراء دفاعي لحماية سكانها في المناطق الحدودية، من شأنه أن يُحبط جهود القادة اللبنانيين الجدد قبل أن تتاح لهم فرصة التصدي للأزمات الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي تجذّرت في البلاد منذ سنوات طويلة.
ويختتم الكاتب مقاله مشيراً إلى أن مهمة إعادة بناء الاقتصاد، والمناطق التي دمّرتها الحرب الأخيرة مع إسرائيل، تمثل تحدياً يقع على عاتق الحكومة اللبنانية الجديدة، التي وجدت نفسها في وضع يحتّم عليها الحفاظ على هدنة هشة، والبقاء كجارٍ قوي للحفاظ على حدود البلاد.
وننتقل إلى صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية ومقال رأي كتبه محمد شماع وسوزان هيداموس وآبي تشيزمان بعنوان "حزب الله يواجه ضغوطاً مالية بعد قطع خطوط الإمداد الإيرانية"، يستهله الكتّاب بالإشارة إلى ما يعانيه حزب الله من أزمة مالية وشيكة بعد انقطاع خطوط التمويل التقليدية من إيران.
ويقول محللون إن الولايات المتحدة وإسرائيل والحكام الجدد لسوريا، الذين أطاحوا بالرئيس السوري، بشار الأسد، حليف حزب الله، شددوا الخناق على مصادر تمويل الجماعة اللبنانية المسلحة وإمداداتها بالأسلحة.
ويقول المحلل سام هيلر، من مؤسسة القرن: "إن تقييد التدفقات الإيرانية وضَع الجماعة (حزب الله) في موقف عصيب".
ويرى كتّاب المقال أنه على الصعيد الداخلي، بات حزب الله مهمشاً بشكل متزايد من قبل خصومه السياسيين، الذين استغلوا انتكاساته، وهو ما جعل الحزب عاجزاً عن منع انتخاب جوزف عون، القائد السابق للجيش اللبناني والمرشح المفضل لدى الولايات المتحدة، رئيساً للجمهورية، كما عجز الحزب عن منع ترشيح نواف سلام، القاضي السابق في محكمة العدل الدولية، لمنصب رئيس الوزراء.
ويشير المقال إلى أن الأزمة المالية الخانقة التي تواجه الحزب قد تمثّل التهديد الأخطر لوجوده. ففي الأسبوع الماضي، منعت السلطات اللبنانية طائرة إيرانية من الهبوط في بيروت، وسط اتهامات إسرائيلية بأن طهران تستخدم الرحلات التجارية لتهريب أموال إلى الجماعة المسلحة، كما بدأت الحكومة السورية الجديدة حملة صارمة ضد المهربين المرتبطين بحزب الله، على طول الحدود الشرقية للبنان، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات وزيادة التوترات بين البلدين، حسب المقال.
ويلفت هيلر إلى أن هذه الإجراءات استهدفت حزب الله بشكل مباشر، مما يشير إلى أن الحكومة السورية تركز على تقويض الحزب الذي دعم الأسد خلال معظم سنوات الحرب الأهلية السورية.
ويرى المقال أن حزب الله سيسعى إلى إظهار قوته خلال مراسم جنازة الأمينين العامين السابقين، حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، يوم الأحد، إذ يأمل الحزب في حشد عشرات الآلاف من المشيّعين، في محاولة منه لإظهار أن دعم أنصاره لا يزال واسعاً رغم المصاعب التي يواجهونها بعد الحرب.
ويقول هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت، إن حزب الله لا يملك الموارد المالية الكافية لإعادة إعمار مناطقه المتضررة، لذا سيحتاج إلى دعم خارجي، مضيفاً أن الحزب سيواجه وضعاً مالياً أشد صعوبة في غياب طريق الإمداد المباشر من إيران.
ويلفت المقال إلى أن أحد أعضاء حزب الله المطلعين على شؤون الجماعة قال إن الحزب لا يزال يمتلك أموالاً في الوقت الحالي، لكن الأمر غير مؤكد على المدى الطويل، وأضاف أن القيود المفروضة على تحويل الأموال عبر المطار أو براً من سوريا، تعرقل بشكل كبير قدرته العملياتية، وجهود إعادة تنظيم صفوفه. كما أشار إلى أن البنوك اللبنانية ترفض التحويلات المالية من أنصار الحزب في الخارج، خشية انتهاك العقوبات الأمريكية المفروضة على أنشطته المالية.
ويختتم المقال بالإشارة إلى تنامي الشعور باليأس بين أنصار حزب الله، بينما يرى آخرون أنهم قد يحتاجون إلى دعم الحزب لفترة أطول مما توقعوا في ظل هذه الظروف الصعبة، على يقين منهم من أن "حزب الله لن يخذلنا".
نختتم جولتنا بصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية ومقال رأي كتبه إياد أبو شقرا بعنوان "ساعات عصيبة على لبنان... وربَّما على المنطقة"، يستهله الكاتب بالإشارة إلى أن لبنان يمر بساعات حرجة قلّما عرف لبنان لها مثيلاً منذ فبراير/شباط 2005، ويقول إذا مرّت هذه الساعات بسلام، فإنَّ اللبنانيين موعودون بفترة آتية غامضة وغير مطمئنة.
ويرى الكاتب أن "كيمياء" المنطقة تتغيّر و"مسلّماتها" تتساقط أمام عيوننا بأسرع مما كنا نتوقّع، واصفاً "النكسة" التي تعرّض لها مشروع إيران في كل من غزة ولبنان وسوريا بأنها "نكسة قاسية"، مضيفاً أنه في الوقت الذي تشيّع فيه جموع محلية ووافدة كلاً من الأمينين العامين السابقين لحزب الله، حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، يُرجح أن يكون ذلك نهاية مرحلة تاريخية وبداية أخرى لن تقل عنها إشكالية.
ويوضح الكاتب أن مكمن الإشكالية هنا أنه لا مؤشرات على اقتناع قادة الحزب، أو قاعدته الشعبية، أو رعاته الإقليميين، باستحالة التعايش بين سلاح الميليشيات وسيادة "الدولة" القائمة في دول يُفترض بها أنها مستقلة كالعراق ولبنان واليمن.
ويقول الكاتب إن الجهة التي ألحقت النكسة القاسية بحزب الله، ومن خلفه إيران، سلطة إسرائيلية موغلة في تطرّفها وحقدها ورفضها لأي سلام حقيقي يؤسس لتعايش قابل للحياة. وهي، أكانت في لبنان أو في الضفة الغربية وقطاع غزة، راهنت دائماً على إخماد الصوت الوطني المعتدل وإضعاف فرص قيام الدولة، وفي المقابل، غضّ الطرف عن صعود البديل المتشدّد كي يوفّر لها ذريعة الهروب من استحقاق السلام العادل، حسب الكاتب.
ويضيف الكاتب أن "السلطة الإسرائيلية المتطرفة الحالية لا تتمتع فقط بدعم مُطلق من القيادة الجمهورية في واشنطن، بل رأينا كيف ذهبت هذه القيادة بعيداً في تشجيع ليكوديي إسرائيل واستيطانييها على مشاريعهم التهجيرية في غزة، ثم اليوم في الضفة الغربية".
ويرى الكاتب أنه وسط الهروب الإسرائيلي المتواصل إلى الأمام، والأوامر التنفيذية الأمريكية المتسارعة، والارتباكين الأوروبي والأطلسي اللذين سببتهما مواقف واشنطن الأخيرة حيال أوكرانيا وكندا والتجارة العالمية، فإن المجتمع الدولي نفسه يقف عاجزاً عن استيعاب تداعيات ما يحدث.
ويلفت الكاتب إلى أن الأجواء الإقليمية والدولية أدت إلى نشوء حالة من الترقّب العربي الحذر إزاء ما تحمّله الأيام، مع محاولة الاحتفاظ بالقدر الممكن من زمام المبادرة إزاء ما يمسّ الأمن المشترك، والحق الفلسطيني والتخفيف من فورات الغلوّ الصادرة عن عدد من اللاعبين المؤثرين. ولعلَّ المبادرات العربية الأخيرة تشكّل فرصة ليس لوقف الانزلاق نحو المجهول فحسب، بل أيضاً للتوافق على قواسم مشتركة تستمر مفاعيلها إلى ما بعد مرحلة التوتر والشكوك الحالية.
ويختتم الكاتب إياد أبو شقرا مقاله مشيراً إلى ضرورة أن يكون للعرب الحد الأدنى من التفاهمات الحقيقية على مواجهة العواصف الإقليمية المرتقبة، وفي رأس هذه العواصف التزايد المقلق في الأطماع الإسرائيلية، ورد الفعل المتوقع من إيران على نكسة السنتين الأخيرتين، والدور التركي المحتمل بعدما أسهمت أنقرة بتحقيقه في الساحة السورية وما لمّحت إليه على الساحة الفلسطينية.