في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
شهدت الأيام الأخيرة من فترة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ظهور أنباء حول صفقة تبادل سجناء بين الولايات المتحدة وطالبان، حيث تسعى الإدارة الأميركية إلى إطلاق سراح، مساعد بن لادن السابق المعتقل في غوانتنامو، مقابل ثلاثة أميركيين محتجزين في سجون طالبان.
ومنذ أكثر من عام تتفاوض حكومة طالبان مع الولايات المتحدة لإتمام صفقة تبادل السجناء، حيث اشترطت الإدارة الأميركية إطلاق سراح ثلاثة مواطنين أميركيين هم ريان كوربيت وجورج جليزمان ومحمود شاه حبيبي، مقابل الإفراج عن آخر سجين أفغاني في معتقل غوانتنامو، إلا أن المفاوضات وصلت لطريق مسدود منذ مايو العام الماضي، بحسب مصادر مطلعة على المفاوضات تحدثت مع "العربية".
وذكرت مصادر في طالبان لـ "العربية" أن المفاوضات مع الأميركيين لم تسفر حتى الآن عن أي نتائج إيجابية، وأن إدارة بايدن تريد إنجازاً أخيراً لها قبل مغادرة البيت الأبيض.
وأجرى الرئيس الأميركي اتصالاً هاتفياً بأسر المواطنين الأميركيين المحتجزين لدى طالبان، عقب تسريب الأنباء حول المفاوضات بين الطرفين.
وقال شقيق محمود شاه حبيبي بأن بايدن أبلغه خلال الاتصال أن "شقيقه جزء مهم من المفاوضات بين الولايات المتحدة وطالبان"، معرباً عن أمله وتفاؤله في إطلاق سراحه.
على العكس من ذلك، وصفت زوجة ريان كوربيت محادثتها مع بايدن بأنها "مخيبة للآمال"، وأن بايدن "لن يعيد ريان إلى المنزل".
وقالت آنا كوربيت لقناة "فوكس نيوز" يوم أمس الاثنين عن محادثتها مع بايدن "لقد كان متعاطفاً للغاية، لكن انطباعي عنه هو أنه لن يعيد ريان إلى المنزل، وهذا أمر مؤلم للغاية بالنسبة لي".
ومنذ اعتقال كوربيت في 2022، طلبت زوجته التحدث مع جو بايدن حول مصير زوجها عدة مرات، لكن البيت الأبيض لم يستجب لطلباتها.
وكانت العربية كشفت في فبراير العام الماضي بأن صفقة تبادل السجناء بين الولايات المتحدة وطالبان على وشك الإنجاز، عقب مفاوضات حاسمة بين الطرفين، إلا أن الصفقة انهارت في آخر لحظاتها.
وقالت مصادر مطلعة إن المفاوضات توقفت بين الطرفين بسبب إنكار طالبان تواجد المواطن الأميركي/الأفغاني الأصل محمود شاه حبيبي في سجونها، بينما كانت إدارة بايدن تصرّ على معلوماتها الاستخباراتية التي تقول بأن محمود حبيبي وريان كوربيت، اعتقلا في عمليتين منفصلتين في العاشر من أغسطس ٢٠٢٢، بعد أيام من مقتل زعيم تنظيم القاعدة السابق أيمن الظواهري.
وعقب وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، قال مسؤول في طالبان "نحن منفتحون على المفاوضات، لكن الولايات المتحدة لا تزال مترددة في اتخاذ خطوات ذات جدوى، ونريد رؤية -محمد رحيم- الأفغاني يُطلق سراحه من غوانتنامو، لكن الأميركيين يرفضون ذلك".
بينما قال شقيق المعتقل الأميركي محمود حبيبي، تيمور شاه حبيبي لـ "العربية" إن المعلومات التي لديهم تقول إن شقيقه معتقل في سجون طالبان، وإنه قبض عليه بعد عشرة أيام من مقتل الظواهري في كابل.
وأضاف تيمور شاه بأن طالبان قبضت على شقيقه وثلاثين موظفاً يعملون في شركته، وأفرجت عنهم بعد أيام ما عدا محمود شاه وأحد المهندسين العاملين لديه.
وبحسب أسرة محمود شاه فإن موظفي الشركة أبلغوهم بأن التحقيقات كانت معظمها حول التعاون مع الولايات المتحدة والكشف عن مقر الظواهري.
وبحسب معلومات "العربية" كانت الشركة تعمل في مشروع للاتصالات أمام المنزل الذي كان يقطنه زعيم تنظيم القاعدة السابق في المنطقة الدبلوماسية في كابل.
من جهته رفض المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد في مقابلة مع "العربية" الادعاءات الأميركية حول وجود محمود شاه حبيبي في سجونهم، قائلاً "ليس لدينا في السجون شخص باسم حبيبي، وهو ما يدعيه الأميركيون، ولكن نحن الأفغان تناقشنا معهم وحققنا في الموضوع، ولا نؤيد هذا الادعاء".
كما نفى المتحدث باسم طالبان ما يقوله شقيق حبيبي، وقال "لم يتم اعتقال أحد بهذا الاسم".
وقال شقيق محمود شاه "إننا نعلم أنه محتجز لدى طالبان لكن حتى الآن لم تؤكد طالبان هذه المسألة".
ويقول مصدر في طالبان لـ "العربية" إن الحركة لن تنجز الاتفاق مع إدارة بايدن وهي في آخر أيامها، بل تريد أن تبدأ التفاوض مع إدارة ترامب القادمة حول صفقة تبادل السجناء وعدد من القضايا الهامة مع الولايات المتحدة، ومنها مسألة رفع العقوبات ورفع التجميد عن الأصول الأفغانية.
ويضيف المصدر بأن العائق الأكبر هو محمود شاه حبيبي، الذي ننفي وجوده لدينا.
محمود شاه حبيبي هو مواطن أميركي من أصول أفغانية، وعمل رئيساً لهيئة الطيران المدني في الحكومة الأفغانية السابقة حتى سقوطها على يد طالبان في أغسطس ٢٠٢١.
وبحسب معلومات "العربية" فإن محمود شاه عاد إلى كابل بعد التنسيق مع لجنة الاتصال وإعادة الشخصيات السياسية في طالبان مطلع العام ٢٠٢٢، وبدأ العمل في شركته التي تعمل في مجال الاتصالات والمقاولات والخدمات التقنية في أفغانستان.
وغادر حبيبي كابل قبل مقتل زعيم تنظيم القاعدة السابق أيمن الظواهري بثلاثة أشهر، وعاد إلى كابل بعد العملية بأسبوع واحد، بحسب ما ذكرت عائلته.
وعقب إعلان جو بايدن مقتل الظواهري، اعتقلت طالبان محمود شاه في العاشر من أغسطس ٢٠٢٢ إلى جانب ٣٠ موظفاً يعملون لديه.
ريان كوربيت مواطن أمريكي من نيويورك، زار أفغانستان لأول مرة في عام 2006، وقرر العيش فيها بدءاً من ٢٠١٠، حيث مكث فيها إلى جانب أسرته حتى عودة طالبان للسلطة في أغسطس ٢٠٢١، وكان كوربيت يدير مشاريع لمنظمات غير حكومية في أفغانستان عبر شركته الخاصة.
وبحسب زوجته فإن كوربيت قرر العودة إلى كابل في يناير ٢٠٢٢ لتجديد تأشيرة عمله ودفع رواتب موظفيه، ووجد ترحيباً من مسؤولي طالبان.
وعاد ريان كوربيت إلى كابل بعد مقتل أيمن الظواهري بأيام، إلا أنه اعتقل في العاشر من أغسطس ٢٠٢٢، إلى جانب مواطن ألماني كان برفقته، حيث أطلقت طالبان سراح المواطن الألماني فيما أخفت كوربيت لديها.
جليزمان المواطن الأميركي الآخر الذي يقبع في سجون طالبان منذ ديسمبر ٢٠٢٢، والذي تقول أسرته بأنه ذهب لأفغانستان بشكل قانوني لغرض السياحة، وهو زار أكثر من ١٠٠ دولة وكان يرغب باستكشاف أفغانستان.
تقول ألكسندرا زوجة جليزمان بأنها تحدثت معه لمرة واحدة فقط، متوسلة إلى طالبان لإطلاق سراحه لأسباب إنسانية.
ويعمل جورج جليزمان، كميكانيكي خطوط جوية في شركة طيران دلتا الأميركية.
محمد رحيم الأفغاني عمل مساعداً خاصاً ومترجماً لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وسهّل له ولمرافقيه المخابئ في جبال تورا بورا عقب دخول القوات الأميركية إلى أفغانستان.
وتحرص حكومة طالبان على إطلاق سراح الأفغاني، كونه أحد المقربين من كبار قادة طالبان، وكان السائق الخاص لمؤسس الحركة الملا عمر.
حيث كان الأفغاني برفقة الملا عمر وزوجته الثانية هاربين من قصف استهدف منزل مؤسس طالبان في ٢٠٠١، ولكن افترقا بعد أن استهدف القصف الأميركي المركبة التي كانا يستقلانها، ليغادر محمد رحيم وينضم إلى تنظيم القاعدة في جبال تورا بورا مسقط رأسه.
واعتقلت القوات الباكستانية محمد رحيم في 2007 خلال استقلاله لحافلة عامة في مدينة لاهور، ونُقل إلى غوانتنامو في العام 2008.
وكان البنتاغون صرّح بعد اعتقال رحيم الأفغاني بأنه محتجز في مراكز الاستجواب السرية التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية، وصنّفه البنتاغون على أنه "معتقل ذو قيمة عالية".
وبقي الأفغاني في المعسكر رقم 7 وهو الذي يتواجد فيه أخطر السجناء في غوانتنامو.
وكانت الحكومة الأميركية أعلنت بعد اعتقاله بفترة وجيزة أنها لا تنوي التوصية بإطلاق سراحه، وعليه فهو "سجين إلى الأبد"، كما أنه ليس مرشحاً محتملاً لصفقة تبادل سجناء.
وطالبت أسرة محمد رحيم عدة مرات الولايات المتحدة بإطلاق سراحه، مؤكدة عدم ارتباطه بتنظيم القاعدة.