آخر الأخبار

عملية زرع الكلى تحتفل بعيد ميلادها الـ75

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

قبل 75 عاما، وبالتحديد في 17 يونيو/حزيران 1950، أجريت أول عملية زرع كلية من شخص لآخر لكنها لم تنجح إلا لعدة أشهر. أما الآن فقد تطوّر الطب في مجال زراعة الكلى، ورغم ذلك لا تزال ألمانيا تعاني من مشكلة بهذا المجال منذ عقود.

"أتمنى أن تستمر في العمل حتى نهاية حياتي!". هذا ما تأمله الألمانية بيتينا لانجه من كليتها الجديدة التي حصلت عليها من زوجها في أوائل عام 2009، كانت لانجه تبلغ من العمر 52 عاما وتعاني من أمراض الكلى منذ عقود وتخضع لغسيل الكلى منذ مدة طويلة. تقول لانجه "لم أكن في حالة جيدة أثناء غسيل الكلى، بل كنت في بعض الأحيان في حالة سيئة للغاية".

أثناء غسيل الكلى ينقى دم معظم المرضى من السموم خارج الجسم لأن الكليتين لديهم لم تعدا قادرتين على العمل. استخدم هذا الإجراء بنجاح لأول مرة في هولندا قبل ما يقرب من 80 عاما.

وفي ألمانيا يخضع ما يبلغ 100 ألف شخص حاليا لهذا الإجراء بصفة مستمرة، مما يعني عادة توصيلهم بجهاز غسيل الكلى ثلاث مرات أسبوعيا لعدة ساعات متواصلة تحت إشراف طبي؛ إذ إن هذه هي الطريقة الوحيدة لضمان البقاء على قيد الحياة.

ومع ذلك، لا يعوض هذا العلاج عن وظيفة الكلى بشكل كامل، لذا تتدهور صحة المصابين تدريجيا. ويكمن الحل الناجع في الحصول على كلية من متبرع. وهذا هو العضو الأكثر حاجة إليه في ألمانيا.

وفي 17 يونيو/حزيران 1950 (أي قبل 75 عاما) أجريت أول عملية زراعة كلية ناجحة في العالم في مستشفى أميركي صغير في إحدى ضواحي شيكاغو، حيث زرع الجراح ريتشارد إتش لولر عضوا من متوفى في مريضة تبلغ من العمر 44 عاما خلال عملية استغرقت 45 دقيقة.

نجحت العملية في البداية، ولكن تمت إزالة الكلية المزروعة بعد عشرة أشهر بسبب رفض الجسم لها. لم يجر لولر هذا النوع من الجراحة مرة أخرى، وقال لاحقا "أردت فقط أن أبدأ".

إعلان

أجريت أول عملية من هذا النوع في ألمانيا عام 1963 في برلين الغربية، حيث زرع فيلهلم بروسيش ورينهولد ناجل العضو في امرأة تبلغ من العمر 21 عاما، إلا أنها توفيت بعد أيام قليلة من العملية. وعقب ستة أشهر، حقق الطبيبان المتخصصان في المسالك البولية نفسيهما أول نجاح طويل الأمد مع مريضة تبلغ من العمر 25 عاما، التي تلقت تبرعا من والدتها.

وتجرى عمليات زرع كهذه في جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الغربية) منذ عام 1966، وحتى الآن يوجد حوالي 100 ألف فرد خضعوا لزراعة كلية في ألمانيا. ويسمح القانون الألماني بأن يتبرع شخص سليم -سواء كان زوجا أو قريبا أو أحد المتعاطفين مع المريض- بكليته طواعية.

توافق الكلية

استعدت لانجه وزوجها للعملية الجراحية لمدة عام تقريبا، حيث خضعت لانجه للعلاج لضمان توافق الكلية مع معايير جسمها. تقول السيدة "بعد العملية، يكون لديك شخصان مصابان بأمراض مزمنة". ويخضع الزوجان لفحوص طبية دورية.

وعقب العملية يتناول متلقو التبرع أدوية قوية تثبط جهاز المناعة حتى لا يرفض الجسم الكلية، مما يزيد من خطر إصابتهم بالعدوى، الأمر الذي يلزمهم بالاهتمام بنظامهم الغذائي وتجنب أطعمة مثل الجبن الأزرق وبعض الحمضيات.

ويتمكن العديد من المتبرعين الأصحاء من استئناف حياتهم بعد فترة وجيزة من عملية التبرع، لكن هذا لا يعفيهم من الخضوع لفحوص دورية.

ومع ذلك، يعتمد معظم مرضى غسيل الكلى على تلقي تبرعات لأفراد متوفين. ووفقا لأرقام المؤسسة الألمانية لزراعة الأعضاء، فإن من بين 2075 كلية مزروعة في ألمانيا في عام 2024، جاء حوالي ثلثها فقط من متبرعين أحياء، في جاءت 1433 المتبقية من متبرعين متوفين.

يعيش الألماني جيدو لامبرشت الآن بثالث كلية زرعت له. يقول الرجل البالغ من العمر 57 عاما "استمرت الأولى معي ثماني سنوات، والثانية خمس سنوات ونصف السنة. أعيش مع كليتي الثالثة منذ عام 2018".

وشخصت إصابة لامبرشت بالفشل الكلوي المزمن في سن المراهقة، ووضع على جهاز غسيل الكلى في سن الثانية والعشرين. يقول لامبرشت "لم أر غسيل الكلى عبئا، بل ضرورة. لذا فهو أمر مقبول بالنسبة لي، ويمكنني التعايش معه والمضي قدما".

كان عمر لامبرشت 24 عاما عندما خضع لأول عملية زرع كلية في مستشفى برلين فريدريشسهاين. وعندما اتضح بعد العملية أن كليته تعمل، غمرت لامبرشت "مشاعر سعادة لا مثيل لها"، حيث قال "نعم، هذا أمر لا يصدق. انتابني الشعور نفسه في عام 2018". وبعد توقف أول كليتين مزروعتين لديه عن العمل، اضطر للعودة مؤقتا إلى غسيل الكلى.

ولا يزال الاستعداد للتبرع في ألمانيا محدودا منذ عقود. ووفقا لبيانات المؤسسة الألمانية لزراعة الأعضاء، تبرع العام الماضي 953 شخصا متوفيا بـ2855 عضوا من أعضائهم، من بينها 1391 كلية. ويبلغ معدل المتبرعين بالأعضاء في ألمانيا 411 متبرعا لكل مليون نسمة، مما يجعل ألمانيا تحتل مرتبة متدنية في التبرع بالأعضاء مقارنة بالمتوسط الأوروبي. وفي البرتغال على سبيل المثال يبلغ المعدل حوالي ثلاثة أضعاف، وفي إسبانيا أعلى من ذلك.

إعلان

ويتم توزيع الأعضاء وفقا للمعايير الطبية المعمول بها من خلال وكالة "يورو ترانسبلانت"، التي تضم ثماني دول أوروبية. وتحصل ألمانيا على تبرعات من هناك أكثر مما تمنح من تبرعات.

قائمة انتظار

ووفقا للمؤسسة الألمانية لزراعة الأعضاء، كان ما يقرب من 6400 مريض مؤهلين لزراعة الكلى على قائمة انتظار كلى جديدة بنهاية عام 2024. ويقدر بعض الأطباء الحاجة الفعلية بما يصل إلى 30 ألف شخص.

وتطول فترة الانتظار بين بدء غسيل الكلى والخضوع لجراحة زرع كلى. ووفقا لدراسة أجراها مستشفى جامعة كيل عام 2024، فإن مدة الانتظار للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و64 عاما تبلغ نحو سبع سنوات.

وتعطى الأولوية للأطفال المرضى الذين يحتاجون إلى زراعة كلى من متبرعين شباب، ويكون علاجهم أسرع. وينطبق الأمر نفسه على من تزيد أعمارهم عن 65 عاما، حيث يمكنهم الحصول على أعضاء ممن تزيد أعمارهم عن 65 عاما من خلال برنامج "كبار السن لكبار السن". ونظرا لارتفاع معدلات الوفيات بين كبار السن، فإن العرض أعلى، ولكن مدة كفاءة الكلى المزروعة تكون أقصر.

ويتمثل أحد أسباب فترات الانتظار الطويلة في النقص الحاد المستمر في المتبرعين. فبموجب القانون الحالي، لا يسمح بالتبرع بالأعضاء في ألمانيا إلا بموافقة صريحة. لذلك يدعم بعض الساسة وفئات المجتمع تطبيق حل الاعتراض على التبرع، مما يعني أن كل شخص يعتبر متبرعا بالأعضاء ما لم يعترض صراحة على ذلك.

وقد طبقت هذه القاعدة لعقود في جمهورية ألمانيا الديمقراطية (ألمانيا الشرقية)، وكذلك بعد إعادة توحيد شطري البلاد في مستشفيات ألمانيا الشرقية، وذلك قبل أن ينهي التشريع الوطني العمل بها.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار