تتزايد المخاوف في أوروبا مع اشتداد موسم الإنفلونزا، إذ يعاني العديد من الدول من انخفاض حاد في معدلات التطعيم ضد الإنفلونزا، رغم توسيع إرشادات التطعيم هذا العام لتشمل المزيد من الفئات المعرضة للخطر.
وفقاً للخبراء، يتسبب مرض الإنفلونزا في وفاة حوالي 27,600 شخص سنويًا في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، ومع انتشار الأمراض التنفسية الأخرى مثل كوفيد-19 وفيروس نوروفيروس، يواجه النظام الصحي ضغوطًا غير مسبوقة.
على الرغم من أن العديد من الدول الأوروبية قد وسعت إرشادات التطعيم لتشمل الفئات الضعيفة مثل كبار السن والأطفال الصغار جدًا والنساء الحوامل، إلا أن معدلات التطعيم ضد الإنفلونزا لا تزال دون المستوى المطلوب.
وفي موسم 2023-2024، تراوحت معدلات التطعيم بين 12% في سلوفاكيا و78% في الدنمارك، التي كانت الوحيدة التي حققت هدف الاتحاد الأوروبي البالغ 75% على مدار السنوات الثلاث الماضية.
في المقابل، كشفت بعض الدول مثل كرواتيا وفرنسا وإسبانيا عن انحسار في معدلات التطعيم بين كبار السن. بينما أظهرت إسبانيا تراجعًا أيضًا بين العاملين في مجال الرعاية الصحية مقارنة بالعام السابق.
وتأتي هذه الانخفاضات في وقت حرج حيث تتعامل المستشفيات مع مزيج من الأمراض التنفسية التي تشمل الإنفلونزا وكوفيد-19 والفيروسات الأخرى.
وأوضح الباحثون أن السبب الرئيسي وراء تراجع معدلات التطعيم هو "سوء الإدراك للمخاطر" بين العامة، حيث يعتقد الكثيرون أن بإمكانهم التحكم في أعراض الإنفلونزا دون الحاجة للتطعيم.
كما أن العديد من الناس يشيرون إلى اللقاحات المحدثة التي تأخذ في الاعتبار السلالات الجديدة للإنفلونزا، مما يقلل من اهتمامهم. وساهمت أيضا في هذا التراجع، الرسائل المتضاربة حول فاعلية اللقاحات وزيادة الشكوك بشأن الأدوية نتيجة جائحة كوفيد-19.
وفقًا لمؤسسة التعاون الأوروبي لمكافحة الأمراض، تتفاوت ثقة الجمهور في اللقاحات بشكل كبير بين الدول الأوروبية. في لاتفيا، على سبيل المثال، يعتقد 42% فقط من الناس أن اللقاحات آمنة مقارنة بـ 84% في البرتغال.
كما أظهرت دراسة أُجريت عام 2023 أن العاملين في مجال الرعاية الصحية، وخاصة الأطباء الذكور، هم أكثر عرضة لتلقي لقاح الإنفلونزا من النساء والعاملين الصحيين الآخرين.
كما أن غياب ثقافة التطعيم بين بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين قد يكونون قد بدأوا ممارستهم الطبية منذ عقود، يساهم في تراجع نسب التطعيم.
في محاولة لمواجهة هذه التحديات، اتخذت العديد من الدول الأوروبية خطوات لتعزيز الإقبال على اللقاح، مثل توسيع التوصيات لتشمل الأطفال في أعمار مختلفة. ويُعتقد أن هناك حاجة لتكييف الاستراتيجيات على المستوى المحلي لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفًا.
وأوصى الخبراء بدمج التطعيم ضد الإنفلونزا ضمن الرعاية الصحية المنتظمة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو ضعف في المناعة، مما يساعد في تحسين معدلات التطعيم.
قال الدكتور سيلفيو تافوري، أستاذ الصحة العامة في جامعة باري ألدو مورو في إيطاليا، إن أحد الحلول هو زيادة الإقبال على اللقاح بين العاملين في مجال الرعاية الصحية الأصغر سنًا.
كما أضاف الدكتور أنطونيو دي لورينزو، وهو طبيب مقيم في الصحة العامة، أنه يجب على الدول إرسال رسائل صحية عامة أكثر تخصيصًا للفئات التي لديها مستويات تطعيم أقل، مع ضرورة القضاء على المعلومات المغلوطة حول اللقاحات.