يواصل الجيش الإسرائيلي، حربه على قطاع غزة، منذ أكثر من عام، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح مستمر لغالبية السكان، ويتعرض القطاع لعشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، مع ارتكاب مجازر ضد المدنيين واستهداف الأحياء السكنية وما تبقى من منشآت ومبانٍ في القطاع، من دون وجود أي أفق للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وتشتد العملية العسكرية الإسرائيلية شمالي قطاع غزة، ويقوم الجيش الإسرائيلي بقصف أهداف مدنية ويمنع إدخال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة ويعطل إمدادات المياه ويستهدف المستشفيات والمرافق الصحية، ويمنع دخول إمدادات الدواء والمستلزمات الطبية.
واستهدف الجيش الإسرائيلي المنظومة الصحية شمالي غزة بشكل مباشر، وتعرض مستشفى كمال عدوان، آخر مستشفى في المنطقة يعمل بشكل جزئي، لقصف إسرائيلي متواصل، وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة، إن "القوات الإسرائيلية اعتقلت الطبيب حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان والعشرات من العاملين في القطاع الطبي بالمستشفى"، وأعلنت منظمة الصحة العالمية خروج آخر مرفق صحي كبير في شمال قطاع غزة، وهو مستشفى كمال عدوان، عن الخدمة.
مناشدات لإنقاذ حياة أبو صفية
ومن مخيم النزوح في غزة، تنتظر زوجة الطبيب حسام أبو صفية، ألبينا أبو صفية، أملًا بعودة زوجها المحتجز لدى إسرائيل، في 28 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتناشد جميع المؤسسات الدولية والعالم للإفراج عن زوجها، وكانت ألبينا، شاهدة على أحداث الهجوم الإسرائيلي على مستشفى كمال عدوان.
وتروي ألبينا، كيف تم اعتقال زوجها، وتقول: "عندما بدأ الهجوم كان القصف على المشفى شديد، وتدمرت أجزاء كبيرة منه، فاحترق قسم الأرشيف والصيانة وساحة المستشفى وحتى غرفة العلميات، ما تسبب في العديد من حالات الاختناق جراء دخان القصف المتصاعد، وكان الاتفاق ينص على خروج كل الكادر الطبي والمرضى من مشفى كمال عدوان إلى المشفى الإندونيسي، وأجبر الجيش الإسرائيلي النساء على المغادرة بعد أن منحونا وعداً بأن جميع الرجال من أفراد الطاقم الطبي سيلحقون بنا، ولكن الجيش الإسرائيلي كذب علينا، وسمحوا للبعض بالخروج ومن بقي تم اعتقاله ومن بينهم زوجي حسام".
السيدة ألبينا أبو صفية، تعرفت على زوجها حسام أبو صفية، أثناء دراسته الطب في كازاخستان، ومن أجله تركت وطنها، وعاشت معه في شمال قطاع غزة، منذ عام 1996، للقيام بواجبه الإنساني بأقل الإمكانات وحتى الرمق الأخير، على حد وصفها.
وتقول ألبينا لوكالة "سبوتنيك": "أتيحت فرص عديدة خلال الحرب للخروج من قطاع غزة، إلى بلدي كازاخستان، لكن زوجي كان يصرّ على الاستمرار في واجبه الإنساني لخدمة المرضى في شمال القطاع، وبقي يقدم واجبه الطبي حتى تم اعتقاله".
وتشير ألبينا إلى أن زوجها لم يكن يهمه أي شيء يحدث خارج أسوار المستشفى، وكل جهده وتركيزه منذ بداية الحرب انصب على مساعدة الجرحى والمرضى وإنقاذ حياتهم، ويعمل ما في وسعه لإنقاذ حياة المصابين رغم انعدام الإمكانات الطبية اللازمة لذلك.
وخلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، فقد أبو صفية نجله إبراهيم، في اقتحام الجيش الإسرائيلي لمستشفى كمال عدوان، في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تعرّض الدكتور أبو صفية، لإصابة نتيجة قصف استهدف المستشفى، لكنه رفض مغادرة مكانه وواصل علاج المرضى والجرحى.
وتقول ألبينا: "أعيش في حي الشيخ رضوان في غزة، مع 5 أطفال، وأواجه ظروفا صعبة، فقد كان زوجي هو السند في الحياة هنا، ودائما يسأل أطفالي عن والدهم لماذا تم اعتقاله، وأنا أقول لماذا تم اعتقاله بتهمة طبيب، وأناشد العالم، أين جريمة زوجي؟ لماذا لا يتم الإفراج عنه؟".
وطالب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، المجتمع الدولي والمنظمات الأممية بالتدخل العاجل لإنقاذ حياة الدكتور حسام أبو صفية، والإفراج عنه وعن مئات من أفراد الطواقم الطبية والصحية المعتقلين لدى إسرائيل.