في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
دمشق- أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات الأميركية عن سوريا في خطوة تاريخية "لمنحها فرصة" وذلك في كلمة له بمنتدى الاستثمار السعودي الأميركي في الرياض.
ويأتي الإعلان بالتزامن مع تحسّن كبير في قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، حيث سجلت مساء اليوم الثلاثاء ارتفاعا ملحوظا لتبلغ 8400 ليرة مقابل الدولار الواحد، مقارنة بـ11 ألف ليرة يوم أمس، محققة نسبة ارتفاع بنحو 23%.
ورحب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بتصريحات الرئيس الأميركي بشأن رفع العقوبات عن سوريا، ووصف القرار بأنه نقطة تحول محورية للشعب السوري، بحسب وكالة الأنباء السورية (سانا).
ونقلت سانا عن الشيباني قوله إن ترامب قدم للشعب السوري أكثر من أسلافه الذين سمحوا لمجرمي الحرب بتجاوز الخطوط الحمراء، وشدد على أن الرئيس ترامب يمكنه تحقيق اتفاق سلام تاريخي ونصر حقيقي للمصالح الأميركية في سوريا.
وفي هذا التقرير تستعرض الجزيرة نت آراء خبراء اقتصاديين بشأن هذا القرار وأبعاده وآثاره المتوقعة على الاقتصاد ومستوى معيشة السوريين.
يقول الخبير الاقتصادي زياد عربش إن قرار الرئيس الأميركي رفع العقوبات عن سوريا "حدث تاريخي"، بالنظر إلى "كل ما عاناه السوريون في الماضي، وحجم الآمال المرتفعة لديهم بالمستقبل".
ويشير -في تعليق للجزيرة نت- إلى أن نتائج إعلان ترامب يمكن لمسها بعد أن تحسّنت قيمة الليرة السورية بتداولات اليوم وبنسبة 40%.
ويؤكد عربش أن الأثر النفسي لإعلان ترامب بدا واضحا على الاقتصاد السوري، متوقعا أن يدخل الاقتصاد اليوم للمرة الأولى منذ عقود بمنحى "الاندماج بالاقتصاد العالمي"، لا سيما إذا لحق الاتحاد الأوروبي ، كما هو متوقع، بمسار الولايات المتحدة الأميركية ورفع العقوبات عن قطاعات أخرى ومجالات جديدة مقارنة بالرفع الحالي لعقوباته الممتد لعام واحد فقط.
ويرى أن قرار رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا ستكون له أبعاد عديدة، أبرزها:
يرى الخبير الاقتصادي السوري يونس كريم أن قرار رفع العقوبات عن سوريا يمنح هامشا أوسع لحركة الدول الإقليمية تجاهها، ويتيح لكل من السعودية وقطر، أبرز داعمي الإدارة السورية الجديدة إقليميا، التحرك استثماريا داخل البلد، ودعم مؤسسات الدولة وتمويل الرواتب، في ظل تعهدات قطرية سابقة بهذا الخصوص، وتشجيع سعودي مباشر للمستثمرين على المساهمة في إعادة الإعمار.
وفي سياق الآثار المرتقبة للقرار، يضيف كريم في حديث للجزيرة نت أن رفع العقوبات، خاصة عن البنك المركزي السوري، يؤدي إلى تسهيل عمليات الاستيراد والتصدير، وتمكين السوريين في الخارج من دعم الاقتصاد الوطني بشكل أكثر فاعلية، كما يمهّد لإطلاق سياسة عامة للانفتاح السياسي الداخلي، وتحقيق قدر من الاستقرار يشجّع على جذب الاستثمارات.
وعلى المدى المتوسط، يرى كريم أن القرار قد يفتح الباب أمام "التركيز على الشفافية والحوكمة، ومن الممكن أيضا أن يعيد القرار رسم النشاط الاقتصادي والفلسفة الاقتصادية في البلاد، وإجراء انتخابات مصغرة في المناطق والأرياف والمدن للمجالس المحلية، مما يسمح بتشكيل صيغة جاذبة للاستثمارات طويلة الأجل".
ويتوقع الخبير الاقتصادي أن يتم التوصل إلى تفاهمات مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد" لتطوير البنية التحتية، خاصة في القطاعات النفطية والطرقية.
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي عبد المنعم الحلبي أنه لا بد للحكومة السورية، في المستقبل القريب، من تفعيل عدد من الآليات لتحقيق أثر إيجابي وفعلي لهذا القرار على حياة ومستوى معيشة السوريين.
وأشار إلى أن هذه الآليات تشمل:
ويختتم الحلبي حديثه للجزيرة نت بالإشارة إلى أنه يتوجب كذلك على الحكومة السورية وضع خطة خمسية ذات أهداف واضحة ومؤشرات قابلة للقياس والتقييم في مختلف قطاعات الاقتصاد المحلي.
وقد بدأت العقوبات الأميركية على سوريا منذ ثمانينيات القرن الماضي، لكنها تصاعدت بشكل كبير بعد عام 2003، وبلغت ذروتها بعد اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، واستخدمتها واشنطن أداة للضغط السياسي والاقتصادي على النظام السوري السابق.
ومع اندلاع الاحتجاجات في سوريا عام 2011، فرضت الولايات المتحدة حزما متتالية من العقوبات، استهدفت بشكل خاص شخصيات في النظام السوري السابق، بمن فيهم الرئيس المخلوع بشار الأسد وأفراد من أسرته، إضافة إلى كيانات حكومية مثل البنك المركزي السوري، ووزارتي الدفاع والداخلية، والمؤسسات العسكرية والأمنية، فضلا عن القطاع النفطي عبر حظر تصدير النفط السوري واستيراده، وعرقلة الاستثمارات الأجنبية في الطاقة والمصارف وشركات التحويل المالي، مما أدى إلى عزل سوريا عن النظام المالي الدولي.
وكان قانون قيصر ، الذي فرضته الولايات المتحدة الأميركية على سوريا في يونيو/تموز 2020، الأشد تأثيرا على الاقتصاد، وأدى إلى انهيار كبير في سعر صرف الليرة حينها، وتضمنت تداعياته معاقبة أي جهة أو شخص، سواء داخل سوريا أو خارجها، يقدّم دعما ماديا أو تقنيا أو ماليا للحكومة السورية، وكان هدفه الأساسي الضغط لمنع أي جهود لإعادة تغذية النظام أو تمويل إعادة الإعمار من دون حل سياسي.