آخر الأخبار

DW تتحقق: صور مزيفة لشاب سوري تدخل لوقف هجوم هامبورغ

شارك
هذه الصورة غير حقيقية، بل تم إنتاجها بواسطة الذكاء الاصطناعيصورة من: X

وقع يوم الجمعة الماضي (23 مايو/أيار 2025) في محطة قطارات هامبورغ الرئيسية هجوم طعن بسكين ، أسفر عن جرح 15 شخصًا بعضهم في حالة خطرة. بالإضافة إلى إصابة ثلاثة أشخاص آخرين بجروح مختلفة. ومنفذة هذا الهجوم امرأة عمرها 39 عامًا ، كانت قد أثارت قبل ذلك انتباه الشرطة، وتوجد مؤشرات تشير إلى أنَّها مصابة بمرض نفسي .

وأدى هذا الحادث إلى عملية كبيرة شارك فيها عمال الإنقاذ ورجال الإطفاء والشرطة. وبحسب السلطات فقد تم إيقاف المشتبه بها وإلقاء القبض عليها بفضل "التدخل السريع جدًا من قبل عابري سبيل كانا متواجدين على الرصيف وكذلك بفضل قوات الأمن".

"شاب سوري كمُنقذ لا يتناسب مع تصورات نمطية"

وأحد عابري السبيل هو الشاب السوري محمد المحمد، الذي تحدثت عنه عدة وسائل إعلام ألمانية. ونشرت مجلة دير شبيغل الإخبارية في مقال صورة لهذا الشاب السوري، ولكن الآن بات يتم التلاعب بصورته واستغلالها لنشر معلومات خاطئة.

محمد المحمد في برلين - صورته الأصلية المستخدمة في مقال موقع شبيغل أونلاينصورة من: www.spiegel.de

ويظهر في هذه الصورة الخاصة الشاب محمد المحمد واقفًا أمام بوابة براندنبورغ في برلين. بيد أنَّ بعض مستخدمي الإنترنت نسخوا صورته ووضعوها أمام خلفيات أخرى، بحيث يبدو وكأنَّه يقف في واشنطن أو في موسكو . ونشروا مع هذه المنشورات تعليقات ساخرة مثل: "محادثات السلام يمكن أن تبدأ... شكرًا لك يا محمد المحمد"، وذلك في إشارة إلى جهود السلام العالمية لإنهاء الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا. وهذه التعليقات وغيرها تترك انطباعًا بأنَّ المعلقين ينظرون إلى التغطية الإعلامية حول هذا الشاب الذي يبلغ عمره 19 عامًا على أنَّها إيجابية للغاية.

وحول ذلك قالت أونا تيتس، وهي باحثة إعلامية من "مؤسسة أماديو أنطونيو" المناهضة للعنصرية والتطرف: "فكرة أن يكون السوري منقذًا لا تتوافق مع تصورات نمطية تعتبر اللاجئين - وخاصة السوريين - كمرادف لـ"رجال السكاكين"، لمنفذي اعتداءات الطعن . وهذه المنشورات تعزف على وتر شعبوي يميني".

وكذلك لقد تم التلاعب على نحو مشابه بصورة من مقال لصحيفة "بيلد" الشعبية حول محمد المحمد.

بيد أنَّ هذه المنشورات لا تشير فقط إلى قلة تقدير وعدم تصديق تدخل محمد المحمد لإيقاف المتهمة. ففي حين أنَّ بعض الصور المركبة التي تُظهر محمد المحمد خارج ألمانيا تبدو مُزيفة بشكل واضح، وأثارت صور أخرى شكوك بعض مستخدمي الإنترنت.

على اليسار الصورة الأصلية التي التقطتها صحيفة بيلد لمحمد المحمد، وعلى اليمين نسخة معدلة من المفترض أنَّه يقف فيها أمام برج إيفل في باريسصورة من: www.bild.de | X

وقد نُشرت بشكل خاص صورة يقف فيها محمد المحمد على رصيف قطار - وهي نسخة مستنسخة من الصورة الأصلية أمام بوابة براندنبورغ في برلين ومُعدّلة بالذكاء الاصطناعي. ويبدو فيها جسم المحمد أعرض من جسمه في صورته الأصلية، ووجهه مُعدّل، وشعار العلامة التجارية على سترته مختلف عن الأصل ومُشوّه. وعند التدقيق في الصورة، يتبيّن أنَّ الأحرف المكتوبة على لوحات العرض لا يوجد لها أي معنى. وبعض الأشخاص في الخلفية وجوههم تبدو مشوهة.

ومن المفترض أنَّ محمد المحمد يظهر في هذه الصورة المزيفة واقفًا على رصيف قطار في هامبورغ. وأثارت هذه الصورة المزيفة شكوك العديد من مستخدمي الإنترنت، حيث تساءلت مثلًا في موقع إكس مستخدمة قارنتها بالصورة الأصلية في برلين: "تسريحة شعره جيدة، بلوزته هي نفسها، ولكن عرض المنكبين تقلص - بين ليلة وضحاها. فكيف يجري هذا يا صحافجية (Journaille)؟". علمًا أنَّ هذا المصطلح في اللغة الألماني يعد احتقارا للصحفيين . وقد تمت مشاهدة هذا المنشور أكثر من 600 ألف مرة.

وعلى الرغم من أنَّ وسائل الإعلام الألمانية المعروفة لم تستخدم في تقاريرها الصورة المزيفة على رصيف القطار والمنشأة بالذكاء الاصطناعي، إلا أنَّ تهمة التزييف تذهب الآن باتجاه وسائل الإعلام. والصور المزيفة تدفع العديد من المستخدمين إلى الشك في وجود الشاب السوري، ودوره كمنقذ خلال هجوم الطعن في محطة هامبورغ الرئيسية، ومصداقية التغطية الإعلامية عنه.

وهذا كله له بُعد يتعلق بأيديولوجيا المؤامرة ، بحسب الخبيرة أونا تيتس، التي تترأس في مؤسسة أماديو أنطونيو قسم التهديدات الرقمية للديمقراطية: "هذا لا يقتصر فقط على بذر بذور الريبة والشك وتغذية الشعور بانعدام الأمن. فنحن نعرف ذلك من خلال الاعتقاد بما يعرف باسم العمليات النفسية (PsyOps) في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقتنع بعض الناس بأنَّ الهبوط على القمر أو بعض الاغتيالات كانت ببساطة من اختراع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وتم زرعها في عقول الناس".

تشاهد في هذه الصورة المزعومة لمحمد المحمد بعض العلامات الواضحة على استخدام الذكاء الاصطناعيصورة من: X

عدم تصديق السلطات ووسائل الإعلام

وكذلك نشرت المجلة الصفراء اليمينية "إكسترا 24" تلميحات تشير إلى هذا الاتجاه، مثل: "لماذا لم يتم ذكر محمد المحمد في تقارير الشرطة الحالية - على الرغم من الادعاء بأنَّه قد حصل على 'كابتشينو كمكافأة‘ من الشرطة؟".

وحول ذلك سأل فريق تدقيق الحقائق في DW شرطة هامبورغ، التي أجابت: "الممارسة الشائعة تمامًا عدم ذكر الشرطة أسماء الشهود والضحايا والمتهمين، إلخ، في بياناتها الصحفية. وهذا بهدف حماية الحقوق الشخصية، التي يجب احترامها دائمًا من قبل سلطات إنفاذ القانون". ومع ذلك فقد أكدت الشرطة أنَّ أحد عابري السبيل المذكورين في تقاريرها كان اسمه محمد المحمد.

ولذلك فقد أعربت أونا تيتس عن قلقها مما تظهره المعلومات المُضلّلة حول محمد المحمد: "هذا يخلق أجواءً من الريبة والشك، يتم فيها التشكيك بالحقيقة على نحو متزايد. وينشأ دائمًا المزيد من الحقائق والروايات البديلة بجانب الحقائق الواقعية المُثبتة تجريبيًا، والتي تم تقصيها جيدًا من جانب الصحافة".

أعده للعربية: رائد الباش

DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار