آخر الأخبار

زاهي حواس: "رأس نفرتيتي" خرجت بالتدليس ومكانها الطبيعي مصر

شارك
رأس نفرتيتي في متحف برلين. صورة من: Maurizio Gambarini/IMAGO

DW عربية: هل طالبتم باستعادة "رأس نفرتيتي" من ألمانيا بعد افتتاح المتحف الكبير؟

زاهي حواس: رأس نفرتيتي  مكانه الطبيعي هو مصر ، لأنها خرجت بطريقة (التدليس) وخرجت بطريقة غير قانونية، الآن نقوم على حملة موسعة للوصول إلى "مليون" توقيع، شبابنا المتطوعون موجودون في كل مكان للحصول على توقيعات الناس. عندما نصل إلى مليون توقيع سنتحرك قانونيًا عبر "محامي فرنسي" يعمل معنا، لنتقدم بطلب إلى ألمانيا باسم "الحملة الشعبية" لعودة رأس نفرتيتي إلى مصر.

ما يشجعنا أن رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي يتابع الحملة شخصيًا، ويسأل عنها كل ثلاثة أشهر، وهُناك احتمال كبير جدًا وقت تقديم الطلب إلى ألمانيا أن تتحرك الحكومة المصرية وتكون خلفنا في نفس التوقيت.

كان أول طلب رسمي لاستعادة رأس نفرتيتي، تقدمت به في "2 يناير/ كانون الثاني 2011"، وقد رد المسؤولون الألمان بأنهم يريدون توقيع الوزير المختص على الطلب، بعدها أصبحت وزيرًا للآثار، وكُنت أنوي استكمال المهمة، لكن جاءت أحداث 2011 في مصر، فتوقف كل شيء، ولم أستطع المطالبة بعدها رسميًا برأس نفرتيتي.

DW عربية: حدثنا أكثر عن حملة استعادة "رأس نفرتيتي"، كيف بدأت؟ وما هي تطوراتها على الأرض الآن؟

زاهي حواس: حملة استعادة الآثار، أطلقتها وتقوم عليها الآن مؤسسة "زاهي حواس للآثار والتراث"؛ لاستعادة ثلاث قطع أثرية ذو قيمة كبيرة لمصر، هي: "حجر رشيد"  من المتحف البريطاني، و"رأس نفرتيتي" من برلين، و"القبة السماوية" لسقف معبد دندرة من متحف اللوفر.

بدأنا في الحملة بمطالب استعادة حجر رشيد والقبة السماوية، وقد وصل الموقعين على وثيقتهما 300 ألف شخص حتى الآن، ثم انضم لهم مؤخرًا في المطالبة إعادة "رأس نفرتيتي"، وقد وصلت توقيعاتها 100 ألف توقيع، ويوجد حالة زخم كبير بالحملة بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.

وأقول إن أمامنا بالكثير من "4 إلى 5 أشهر"؛ حيث نعمل باستمرار للوصول إلى "مليون" توقيع في الحملة، لتقديم الطلب الشعبي رسميًا عبر محامينا الفرنسي.

DW عربية: هل تتوقع استجابة ألمانيا لطلب إعادة "رأس نفرتيتي"، أم أن الملف سيواجه موقفًا متعنتًا و"عنادًا سياسيًا"؟

زاهي حواس: نحن لا نُطالب بإعادة "آلاف القطع الأثرية المصرية الموجودة في ألمانيا"، فعندهم آثار مصرية كثيرة مهمة مثل رأس الملكة "تي"، من أحلى القطع في الدنيا، زوجة الملك أمنحتب الثالث والدة إخناتون.

نُطالب فقط بقطعة واحدة وهي "رأس نفرتيتي"، وهي من حقنا؛ لأن هذه القطعة خرجت بطريقتين؛ الأولى "طريقة غير قانونية" بعد اكتشافها عام 1912، والثانية بـ "التدليس"؛ حينما "دلَست" اليونسكو عليها بعمل "قانون بشع" نص على عدم إعادة "أي قطعة سُرقت قبل عام 1970".

هذه القطعة ذات قيمة تاريخية وجمالية كبيرة لمصر ، وهي لواحدة من أهم ملكات مصر، وأقول إن "الضغط الشعبي" أقوى من "الضغط الحكومي"، والمليون توقيع الذي نسعى للحصول عليه، لا يمثلون الشعب المصري فقط، فقد حصلنا بالفعل على "توقيعات كثير من الألمان" على الوثيقة وهم يؤيدوننا في عودتها.

الأمر لن أصفه بـ "العناد السياسي" لأن العناد السياسي سيواجهه "عناد شعبي"، وحينما نقوم بعمل مؤتمر صحفي عالمي ونُطالب فيه بإعادة "رأس نفرتيتي" سيتحول الأمر إلى "صراع" بين الشعوب المؤيدة جميعها بإعادة الرأس وبين الحكومة الألمانية "ولا أعرف ما الذي يمكن أن يحدث في هذا الوقت".

من المتحف المصري الكبير والأهرامات في الخلف.صورة من: Mohamed Abd El Ghany/REUTERS

DW عربية: ما آخر مستجدات عمل البعثات الأثرية، وهل نتوقع الإعلان عن كشف أثري جديد في الأيام المُقبلة؟

زاهي حواس: نعم، نحن نعمل الآن على كشف أثري كبير، ربما يُعيد كتابة التاريخ القديم، هذا الاكتشاف يتعلق بالهرم الأكبر "هرم خوفو"، وقد نُعلن عنه العام المُقبل 2026.

DW عربية: حدثنا أكثر عن طبيعة هذا الاكتشاف الكبير المُنتظر، وكذلك الفريق الأثري العامل عليه؟

زاهي حواس: توصلنا إلى "فراغات" داخل هرم خوفو، وهو تطور كبير جدًا، عبر مشروع مسح الأهرامات "Scan Pyramids"، هذه الفراغات موجودة في "مكانين"، الأول "خلف المدخل الأصلي للهرم"، والثاني ممر بطول 30 مترًا خلف البهو الكبير للهرم.

والآن ندرس بدقة الطريقة التي سندخل بها إلى هذه الفراغات، و"لن يكون دخولًا عاديًا"، سيكون إعلان رسمي دولي في كل مكان بالعالم، للتأكيد على أمرين، الأول أن الهرم بناه الفراعنة "المصريين القدماء"، والثاني أن المصريين ليس لديهم أي أسرار لإخفائها تتعلق بالهرم.

وفيما يتعلق بالفريق العامل فيه، نحن لدينا "فريقين" عاملين على هذا المشروع مُنذ عدة سنوات، مكون من عشرات العلماء متعددي التخصصات، الأول هو فريق من جامعة القاهرة يرأسه الدكتور هاني هلال ويعاونه علماء من اليابان وفرنسا، أما الفريق الثاني فأرأسه أنا الدكتور زاهي حواس بمشاركة علماء من إنجلترا.

DW عربية: ما الأسرار التي قد تخفيها فراغات هرم خوفو الأكبر، بحسب توقعات الدكتور حواس؟

زاهي حواس: أعتقد أن "حجرة الملك خوفو الأصلية" لا زالت موجودة داخل الهرم ومخبئة بداخله، هذه الفراغات تثبت هذا الكلام، وأتوقع أن نصل إليها.

DW عربية: دائمًا ما تُثار مزاعم حول الحضارة المصرية القديمة مثل "وجود مدينة مفقودة"، ما رأيك في ذلك؟

زاهي حواس: كل هذا الكلام "خُزعبلات" لا أساس علمي له. دائمًا ما يُردد راغبو الشهرة، أقوال حول "وادي الملوك"، وآخرين يدّعون وجود "4 مومياوات للأنبياء"، وفريق آخر يزعم وجود "ذرة داخل حلق المومياوات"، وهناك من يقولون بوجود "مدينة كاملة مفقودة" تحت الهرم الثاني هرم خفرع، أو "مولدات طاقة أسفل أبو الهول".

وأنا أقول بكل صراحة، كل هذا كلام "كذب" لا أساس علمي له، نحن قمنا بالفعل باكتشاف أربع فجوات أسفل "أبو الهول" ونشرناها وأعلنا عنها، كما أننا قومنا بإجراء مسح لجميع المومياوات الملكية، ولا يوجد ما يتحدثون عنه، فهم راغبي شهرة ليس أكثر.

DW عربية: رغم العديد من اكتشافاتك الأثرية، ما الأمنية التي ترغب في تحقيقها كعالم آثار، وما سبب أهميتها؟

زاهي حواس: نعم لديَ العديد من الاكتشافات الأثرية، لكن هناك واحد، أتمنى تحقيقه والعثور عليه في رحلتي هي "مقبرة إمحوتب"، مُهندس هرم زوسر المُدرج.

هذا الاكتشاف حال تحقيقه، سيكون "أهم اكتشاف في التاريخ الإنساني"، جميع علماء الآثار الغربيين بحثوا خلف هذا الرجل، وقد أجروا أبحاثًا في منطقة سقارة وبحثوا فيها جميعًا، ما عدا منطقة واحدة، هي "قرية كانت مبنية" في شمال الهرم المُدرج بسقارة.

نحن "قمنا بإزالة هذه القرية بالكامل، ونبحث تحتها الآن"، وأنا أقول إنه هناك احتمال كبير جدًا، العثور على مقبرة إمحوتب في هذا المكان.

DW عربية: ما الذي يجعل مقبرة "إمحوتب" الأهم في التاريخ الإنساني، كما تصفها؟

زاهي حواس: هذا الرجل ليس شخصًا عاديًا، هو "أهم من أي ملك"، هو عبقري العمارة ومهندسها الذي حول "الطوب اللبن إلى الحجر"، وأول من بنى سقف وعمود من الحجر في العالم كله.

إمحوتب جرى عبادته في العصر المتأخر كإله للطب، هو شخصية عالمية، ولأول مرة في التاريخ يضع ملك فرعوني اسم شخص على تمثاله، هذا ما فعله الملك زوسر حينما وضع اسم "إمحوتب" على تمثاله الشخصي، ولم يفعلها من قبل أي ملك آخر.

الوصول إلى مقبرة "إمحوتب" سيفتح أبواب التاريخ وأسرار العمارة والطب والهندسة قديمًا، سيكون كشفًا عالميًا يتحدث عنه العالم كله، وسيكشف الكثير من الأمور الخفية أيضًا.

زاهي حواس وفي الخلفية قناع الملك توت عنخ آمون. صورة من: picture alliance/dpa

DW عربية: لماذا تصف المتحف المصري الكبير بأنه "أعظم متحف في العالم"، وما الذي يمنحه هذا التفرد عالميًا؟زاهي حواس: نعم، هو أعظم متحف في العالم حاليًا، وقد دعوت لأن يكون يوم افتتاحه في "1 نوفمبر/ تشرين الثاني" عيدًا عالميًا للمتاحف، لأنه لم يحدث في تاريخ المتاحف كلها، أن يحصل أحدها على كل هذه الدعاية الكاملة مثل التي حصل عليها "المتحف الكبير".  في السنوات الأخيرة جرى افتتاح متحف تورينو، وكذلك متحف "اللوفر أبو ظبي"، ولم يحصلا على دعاية مماثلة، ولا يوجد متحف في الدنيا حضر افتتاحه 42 ملكًا وملكة ورئيس جمهورية، و37 رئيس وزراء، و150 ممثل لشركات عالمية، وهذا حدث فقط في المتحف المصري الكبير؛ لأن المتحف به ثلاث مُميزات فريدة، أولها أنه بُني على مشارف الأهرامات، إحدى عجائب الدنيا السبع، وثانيها، أنه الأكبر بالفعل من حيث كل شيء، الأكبر لحضارة واحدة، وفي المساحة، وغيرها.

أما الأمر الثالث، وهو الأهم، أن المتحف الكبير يعرض لأول مرة بطل موجود في قلوب الناس في كل مكان بالعالم وهو الملك "توت عنخ آمون" الذي تُقدم كنوزه لأول مرة كاملة أمام شعوب الأرض.

DW عربية: كيف يُمكن أن يغير المتحف الكبير صورة مصر عالميًا ويعيد صياغة مكانتها الثقافية والسياحية؟

زاهي حواس: هذا المتحف فوائده لمصر "غير عادية"، أولها أن اسم مصر  تردد في كل مكان في العالم يوم "1 نوفمبر/ تشرين الثاني" الماضي ما أحدث ترويجًا كبيرًا لنا، وثانيها، أن وجود هذا العدد من الرؤساء والملوك في مكان واحد على أرض مصر لحضور هذه الفعالية الثقافية الكبرى هي أكبر دعاية أن مصر "بلد آمنة" ومستقرة ولا يوجد بها أي مشاكل، وهو ما سيجعل السياح يفكرون في زيارتها لأنها أمان.

ثالثًا، وهو أمر مهم جدًا، أن المتحف يساهم في نمو السياحة والاقتصاد المصري من تشغيل عمالة وإدخال عُملة أجنبية، ونحن الآن نناقش كيفية توفير فنادق وغرف نوم إضافية لاستيعاب كل هذه الوفود التي تأتي لزيارته ما يعني توسع في الاستثمارات الفندقية.

وللتأكد من ذلك، اذهب فقط في أي يوم في اتجاه المتحف، سترى "جحافل" المواطنين والسياح في صفوف هائلة يقبلون بشغف ولهفة على الدخول، وهو منظر لن تراه في أي مكان في العالم سوى في الصين.

الامر الأخير، أنه تسبب في إحداث "وعي أثري" بين المواطنين بعظمة وأهمية حضارتهم؛ الشباب والأطفال وكبار السن يأتون الآن من كل مكان من الواحات البحرية ومن الواحات الخارجة والداخلة والصعيد، ووجه بحري من أجل رؤية ملوك الفراعنة، هذه سابقة "لم تحدث من قبل"، إذًا المتحف له فوائد عظيمة جدًا، وأنا سعيد أني شاركت في بناء هذا الصرح العملاق منذ وضع حجر أساسه عام 2002.

DW عربية: هل يفتح المتحف المصري الكبير بابًا جديدًا لاستعادة الآثار المصرية بالخارج، وما خطواتكم الجادة في هذا الملف؟

زاهي حواس: أقولها بكل صراحة، أن المتحف المصري الكبير هو هدية مصر للعالم أجمع، وأؤكد أن "وجود آثارنا المصرية في الخارج لا يُعني أنها أصبحت ملكًا للدول المعروضة فيها"، كما أننا قادرون على حماية آثارنا وعرضها بأفضل شكل مُمكن.

والآن نتخذ خطوات جادة لاستعادة آثارنا "المسروقة" التي خرجت بشكل غير قانوني، نُجهز حاليًا لمؤتمر دولي بالتعاون مع مُنظمة "اليونسكو" لم نُحدد وقت انعقاده بعد، وسندعو للمشاركة فيه كل الحضارات التي "سُرقت" آثارها، فنحن متمسكون بإعادة آثارنا حتى لو كانت "مسروقة" قبل عام 1970.

أما عن الفكرة التي أثارها البعض عبر السوشيال ميديا، والخاصة بعرض آثارنا الموجودة في الخارج بطريقة "الهولوغرام" في المتحف المصري الكبير كمحاولة للضغط، فهذه طريقة "همجية" ليست لها قيمة إطلاقًا، ولابد من استرجاع آثارنا.

أجرى الحوار: محمود الطباخ

DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار