يترقب متابعو كرة القدم الأفريقية مشاركة المنتخب الجزائري، حامل اللقب مرتين، في نهائيات كأس أمم أفريقيا 2025 بالمغرب، وسط آمال باستعادة الهيبة القارية بعد خيبتين متتاليتين بالخروج من الدور الأول في النسختين الأخيرتين.
ولا يزال الهدف الذي حدده الاتحاد الجزائري لكرة القدم لـ"محاربي الصحراء" يثير جدلا واسعا في الأوساط الرياضية، إذ اكتفى بوضع بلوغ الدور الثاني كحد أدنى، وهو ما اعتبره منتقدون طموحا متواضعا لا ينسجم مع اسم منتخب سبق له التتويج القاري، ويرون أن المنافسة على اللقب يجب أن تكون الهدف الطبيعي.
في المقابل، يدافع آخرون عن هذا التوجه "الواقعي"، مستحضرين الفشل الذريع في نسختي الكاميرون 2021 وكوت ديفوار 2023، حيث عجز المنتخب عن تحقيق أي فوز، مكتفيا بثلاثة تعادلات مقابل 3 هزائم.
ولم يحسم المدرب السويسري فلاديمير بيتكوفيتش هذا الجدل، حين أكد أن هدفه يتطابق مع هدف الاتحاد، والمتمثل في الفوز بكل مباراة والذهاب إلى أبعد نقطة ممكنة، وهو تصريح وصفه منير واصل، مدير تحرير صحيفة كومبيتيسيون الرياضية، بأنه "دبلوماسي يهدف إلى تخفيف الضغط".
وبلغة الأرقام، لا يملك المنتخب الجزائري سجلا قاريا يضعه في مصاف منتخبات مثل مصر أو الكاميرون أو غانا، إذ توج باللقب مرتين فقط (1990 و2019)، وبلغ النهائي مرة واحدة عام 1980، كما حل ثالثا مرتين (1984 و1988)، ورابعا في مناسبتين (1982 و2010).
وخلال 20 مشاركة، لعب "الخضر" 80 مباراة، فازوا في 28 منها وتعادلوا في 24 وخسروا مثلها، مسجلين 97 هدفا مقابل استقبال 93.
ويُلاحظ أن تتويجي 1990 و2019 حملا تشابها رقميا، إذ سجل المنتخب 13 هدفا في كل نسخة، غير أن اللقب الأول تحقق في 5 مباريات كلها انتصارات، بينما احتاج في نسخة مصر إلى 7 مباريات.
اعتاد المنتخب الجزائري الظهور بشكل أفضل عندما تقام البطولة في شمال أفريقيا، مستفيدا من العامل المناخي، وهو ما يعزز آماله في نسخة المغرب، التي سبق أن شهدت حلوله ثالثا عام 1988.
وسيخوض "الخضر" منافسات المجموعة الخامسة إلى جانب السودان وبوركينا فاسو وغينيا الاستوائية.
وضمت قائمة بيتكوفيتش 28 لاعبا، من بينهم 16 شاركوا في نسخة 2023، و10 في نسخة 2021، و7 توجوا بلقب 2019، فيما لا يزال 4 لاعبين حاضرين منذ نسخة 2017، أبرزهم رياض محرز وإسماعيل بن ناصر.
ويطمح كل من عيسى ماندي ورياض محرز إلى معادلة رقم الأسطورة رابح ماجر، كأكثر اللاعبين الجزائريين مشاركة في أمم أفريقيا (6 نسخ).
ويرى المدرب والناقد الرياضي مراد وردي أن المنتخب الجزائري يمتلك مجموعة متوازنة تجمع بين الخبرة والشباب، قادرة على صنع الفارق، لكنه أبدى تحفظه بشأن مركز حراسة المرمى، خاصة استدعاء أنتوني ماندريا الذي ينشط في الدرجة الثالثة الفرنسية.
وأكد وردي ضرورة استخلاص الدروس من الإخفاقين السابقين، محذرا من الاستهانة بالمنتخبات المصنفة أقل مستوى، ومشددا على أن "تجاوز الدور الأول يظل مفتاح كل السيناريوهات".
من جهته، اعتبر واصل أن الجزائر المرشح الأبرز للتأهل عن مجموعته، متوقعا أن يسهم التأهل إلى كأس العالم 2026 في تعزيز الاستقرار الذهني للفريق.
وأضاف "المنتخب اليوم أفضل حالا مقارنة بالنسختين الماضيتين، هناك مدرب مسيطر على المجموعة ولاعبون يملكون الجودة والخبرة".
وتوقع واصل بلوغ "الخضر" الدور ربع النهائي على الأقل، مستفيدين من الظروف المناخية.
يرشح المختصون والمتابعون، المهاجم محمد الأمين عمورة، هداف نادي فولفسبورغ الألماني، ليكون أحد مفاتيح لعب المنتخب الجزائري في البطولة الأفريقية، بالنظر لجودته وفعاليته أمام المرمى التي جعلت منه أحد أبرز المهاجمين في منتخب بلاده منذ تعيين فلاديمير بيتكوفيتش، على رأس الجهاز الفني.
وقبل أن يتوج كأفضل هداف للتصفيات الأفريقية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2026 بتوقيعه على10 أهداف متقدما بذلك على نجوم عالميين، ترك عمورة (25 عاما) بصمته على مشوار تأهل منتخب بلاده إلى أمم أفريقيا، وسجل هدفين بالإضافة إلى تمريرتين حاسمتين، وهو ما يبين الدور المهم المتزايد الذي بات يلعبه مع "الخضر".
يحتل عمورة الآن المركز التاسع على جدول ترتيب هدافي المنتخب الجزائري برصيد 19 هدفا، لكنه يستهدف تحطيم رقم إسلام سليماني، التاريخي (46 هدفا)، فضلا عن قيادة منتخب بلاده إلى التتويج بكأس أمم أفريقيا للمرة الثالثة، وهو الذي لم يلعب دقيقة واحدة في نسخة الكاميرون 2021، مقابل 115 دقيقة في نسخة كوت ديفوار 2023 مع التطلع للعب أدوار متقدمة في نهائيات كأس العالم 2026.
ولا يخفي عمورة إعجابه بالنجم المصري محمد صلاح، فهناك أوجه شبه بينهما. لذلك يأمل السير على خطاه واللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز في يوم ما، والتتويج بجائزة الكرة الذهبية الأفريقية، فهل تكون أمم أفريقيا 2025، انطلاقة عمورة، الجديدة نحو تحقيق ما تبقى من أحلامه وأهدافه؟
يذكر أن المنتخب الجزائري سيستهل مشواره في هذه الدورة من "الكان" بمواجهة السودان يوم 24 ديسمبر/كانون الأول، ثم بوركينا فاسو بعد 4 أيام، قبل أن يختتم دور المجموعات أمام غينيا الاستوائية في 31 من الشهر ذاته.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة