آخر الأخبار

اليمين المتطرف الفرنسي يستهدف الجزائريين: عنصرية مقننة وفوبيا ممنهجة قبيل "الكان"

شارك
بواسطة محمد،قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد،قادري

اليمين المتطرف الفرنسي يستهدف الجزائريين: عنصرية مقننة وفوبيا ممنهجة قبيل “الكان”

الجزائرالٱن _ في تصعيد خطير للخطاب العنصري المؤسساتي، شرع اليمين المتطرف الفرنسي في حملة ممنهجة لتسميم الأجواء واستهداف أبناء الجالية الجزائرية بشكل محدد وانتقائي، عشية انطلاق كأس أمم إفريقيا بالمغرب، وذلك عبر سؤال برلماني كتابي يحمل كل سمات الكراهية والتمييز العنصري المقنن.

● سؤال برلماني أم وثيقة عنصرية؟

السؤال الكتابي رقم 11761، الذي أعده النائب جوليان أودول من حزب “التجمع الوطني” (الجبهة الوطنية سابقاً) بزعامة مارين لوبان وجوردان باريلا، وجّهه إلى وزير الداخلية الفرنسي لوران نونياز، يمثل نموذجاً صارخاً لاستخدام المنصات الديمقراطية لترويج خطاب الكراهية وإدانة جماعة بشرية بأكملها.

مصدر الصورة

النائب اليميني المتطرف، المعروف بعدائه السافر للجزائر والجزائريين، لم يكتف بالاستباق والاتهامات الجزافية، بل ذهب إلى حد المطالبة بتدابير أمنية استثنائية تستهدف الجزائريين وحدهم دون سواهم من الجاليات الإفريقية في فرنسا.

● تمييز عنصري صريح ومقارنات فاضحة

في فقرة تكشف بوضوح البعد العنصري للسؤال، يزعم أودول: “المنتخب الجزائري وحده هو الذي يثير الفوضى في فرنسا بعد مبارياته… لا يوجد أي منتخب إفريقي آخر، كالسنغال أو الكاميرون أو مالي مثلاً، يثير مثل هذه التجاوزات”.

هذا التخصيص المتعمد للجزائريين دون غيرهم، رغم وجود جاليات إفريقية متعددة في فرنسا، يكشف عن فوبيا جزائرية ممنهجة لها جذور تاريخية عميقة مرتبطة بالماضي الاستعماري الفرنسي وعقدة الذنب التاريخية التي لم تُحل.

مصدر الصورة

● تزوير الحقائق وقلب الضحية جلاداً

يتحدث النائب المتطرف عن “أعمال شغب” و”عنف” خلال احتفالات فوز الجزائر بكأس أمم إفريقيا 2019، لكنه يتجاهل عمداً الحقائق التالية:

ـ الاستفزاز الأمني الممنهج: الشرطة الفرنسية حاولت منع الجزائريين من الاحتفال بفوز منتخبهم، في تصرف استبدادي لا مبرر له قانونياً أو سياسياً.

ـ منع رفع الأعلام الجزائرية: في خرق صارخ لحرية التعبير المكفولة دستورياً، منعت السلطات الفرنسية المحتفلين من رفع أعلام بلادهم في الشوارع الفرنسية.

ـ العنف البوليسي المسكوت عنه: يذكر أودول “إصابات رجال الشرطة”، لكنه يتعامى تماماً عن الإصابات والاعتداءات التي تعرض لها الجزائريون على يد الشرطة الفرنسية.

من بدأ العنف؟: الوقائع الموثقة تثبت أن الشرطة الفرنسية هي من بدأت بالاستفزازات والاعتداءات، في محاولة لقمع احتفالات سلمية عفوية.

● حرية انتقائية ومعايير مزدوجة

حين يحتفل الفرنسيون بفوز فريقهم بكأس العالم، تغرق باريس والمدن الفرنسية في احتفالات صاخبة تستمر لأيام، وتُغض السلطات الطرف عن كل التجاوزات. لكن عندما يحتفل الجزائريون بفوز منتخبهم، يتحول الأمر إلى “تهديد للنظام الجمهوري” و”استفزاز للسلطة”!

هذه الازدواجية الفاضحة تكشف أن المسألة ليست مسألة نظام عام أو أمن، بل مسألة هوية وعرق وانتماء. الجزائريون مرفوضون لأنهم جزائريون، وليس لأنهم يخرقون القانون.

● إنكار التعددية والدعوة للذوبان القسري

النائب المتطرف يُصر على أن الفرنسيين من أصول جزائرية يجب أن “يذوبوا بصفة كلية في المجتمع الفرنسي”، متجاهلاً أن:

ـ فرنسا دولة متعددة الثقافات: بحكم تاريخها الاستعماري، تضم فرنسا ملايين المواطنين من أصول متنوعة، والتنوع جزء من هويتها المعاصرة.

ـ الدستور الفرنسي يكفل الحريات: حرية التعبير والتدين والانتماء الثقافي مكفولة دستورياً، وليس للنائب المتطرف أو لغيره الحق في فرض “ذوبان قسري” على أي مجموعة.

ـ الهوية المركبة ليست خيانة: ملايين الفرنسيين من أصول جزائرية يحملون هوية مركبة، يعتزون بأصولهم دون أن يتنازلوا عن مواطنتهم الفرنسية. هذا حق إنساني طبيعي وليس “تهديداً للجمهورية”.

● تحريض على القمع والمطالبة بالتعامل الأمني الاستثنائي

لا يكتفي أودول بالإدانة والاتهام، بل يذهب أبعد من ذلك بالمطالبة بـ:

ـ نشر قوات أمنية إضافية في “المناطق عالية الخطورة” (أي التجمعات السكنية للجزائريين)

ـ إنشاء آلية تنسيق أمني خاصة بين الولاة والمخابرات والشرطة البلدية

ـ استراتيجية حكومية “لضمان عدم استغلال كرة القدم لأغراض أيديولوجية”

هذه المطالب تعني ببساطة: معاملة الجزائريين كمشتبه بهم بالجملة، ووضعهم تحت المراقبة الأمنية المشددة لمجرد أنهم قد يحتفلون بفريق بلادهم الأصلية!

● جذور تاريخية للكراهية

هذا الاستهداف المنظم للجزائريين ليس وليد اليوم، بل هو امتداد لعقود من الإسلاموفوبيا والجزائروفوبيا المتجذرة في الوجدان الاستعماري الفرنسي:

ـ عقدة الهزيمة التاريخية: فرنسا لم تهضم بعد هزيمتها في الجزائر وخسارتها لـ”جوهرة المستعمرات”.

ـ الخوف من “الانتقام الديموغرافي”: اليمين الفرنسي يرى في وجود ملايين الجزائريين في فرنسا “تهديداً وجودياً” للهوية الفرنسية.

ـ استمرار العقلية الكولونيالية: رغم مرور أكثر من 60 عاماً على الاستقلال، لا يزال جزء كبير من النخبة الفرنسية يتعامل مع الجزائريين بعقلية المستعمِر المتعالي.

● الرد الجزائري الواجب

أمام هذا التصعيد العنصري المقنن، على الجزائر والجزائريين:

ـ فضح العنصرية المؤسساتية: استخدام كل المنابر الدولية لفضح هذا الخطاب العنصري الذي يصدر من برلمان دولة تدّعي أنها مهد الديمقراطية وحقوق الإنسان.

ـ التمسك بالحق في الاحتفال: على أبناء الجالية الاحتفال بفريقهم بكل فخر واعتزاز، في إطار القانون وبسلمية تامة، دون الخضوع للتخويف والترهيب.

ـ اللجوء للقضاء: رفع دعاوى قضائية ضد كل خطاب عنصري يصدر من مسؤولين فرنسيين، واستخدام القانون الفرنسي نفسه لمواجهة العنصرية.

ـ التضامن الإفريقي: دعوة الجاليات الإفريقية الأخرى للتضامن، فما يحدث للجزائريين اليوم قد يحدث لغيرهم غداً.

ـ الرد الدبلوماسي: على الجزائر استدعاء السفير الفرنسي وتقديم احتجاج رسمي على هذا الخطاب العنصري الصادر من مؤسسة تشريعية.

● فرنسا أمام مفترق طرق

على فرنسا أن تختار: إما أن تكون دولة ديمقراطية حقيقية تحترم التعددية والحريات، أو أن تنساق وراء خطاب اليمين المتطرف وتتحول إلى دولة تمارس التمييز العنصري المؤسساتي.

وعلى وزير الداخلية الفرنسي، إن كان يملك ذرة من الضمير والمهنية، أن يرفض هذا السؤال العنصري ويؤكد أن جميع المواطنين الفرنسيين متساوون في الحقوق والواجبات، بغض النظر عن أصولهم أو انتماءاتهم.

أما الجزائريون، في الجزائر وفرنسا، فسيواصلون الاحتفال بفريقهم الوطني بكل فخر واعتزاز، لأن هذا حقهم الإنساني والدستوري، ولن يسمحوا لعنصريي اليمين المتطرف بسلبهم هذا الحق تحت أي ذريعة.

الجزائر منتصرة كانت أو مهزومة، ستبقى في قلوب أبنائها، ولن تُسكت احتفالاتهم كل قوانين القمع الاستعمارية الجديدة.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا