آخر الأخبار

عميد مسجد باريس: الذاكرة الاستعمارية أصل الأزمة مع فرنسا… والسيادة الجزائرية لا تُدار تحت الضغط

شارك
بواسطة بلقور محمد
مصدر الصورة
الكاتب: بلقور محمد

● الدكتور حفيز: الذاكرة الاستعمارية أصل الأزمة مع فرنسا… والسيادة الجزائرية لا تُدار تحت الضغط….

الجزائر الآن – يرى الدكتور شمس الدين حفيز أن الأزمة الراهنة في العلاقات الجزائرية–الفرنسية لا يمكن اختزالها في أحداث ظرفية أو ملفات عابرة، بل تعود جذورها إلى إشكالية تاريخية عميقة تتصل بملف الذاكرة الاستعمارية.

ويؤكد بأن هذا الملف الحساس يظل العقدة المركزية التي تعيق بناء علاقات ديبلوماسية ودية مستقرة ومتوازنة ما بين الجزائر وباريس، ما دام لم يُعالج هذا الملف بجرأة سياسية ووضوح أخلاقي.

● حفيز: مسجد باريس وُلد من الجزائر… وهو امتداد سيادي لتاريخها الديني في فرنسا

أكد عميد مسجد باريس عبد الحفيظ حفيز وخلال نزوله ضيفا على حصة برنامج “يمين ويسار” على قناة “الخبر تي في”، أن مسجد باريس الكبير لم يكن في أي مرحلة مؤسسة منفصلة عن الجزائر، بل تأسس تاريخيا عبر مسار جزائري خالص، مذكرا بأن جمعية الأحباس والأماكن المقدسة الإسلامية، المالكة للمسجد.

وُلدت سنة 1917 في الجزائر، وسُجلت قوانينها الأساسية لدى محكمة الجزائر، وكان مقرها الاجتماعي المسجد الكبير بالجزائر العاصمة.

مصدر الصورة

ومضيفا بأن الشيخ قدور بن غبريط، الذي يعد المؤسس الفعلي للمسجد، عاد إلى الجزائر بعد الحرب العالمية الأولى لتعديل قوانين الجمعية تحضيرا لبناء مسجد في باريس، مع الإبقاء على الجزائر كمرجعية قانونية وروحية.

● حفيز: الجزائر موّلت مسجد باريس علنًا وباتفاق رسمي… لا ملفًا سريًا

أشار عميد مسجد باريس و بخصوص ميزانية المسجد إلى أن تمويل المسجد كان قبل استقلال الجزائر يتم عبر الإدارة الاستعمارية باعتبار أن الجزائر كانت مقاطعة فرنسية آنذاك، لكن بعد الاستقلال قد تغير الإطار السياسي وبقي الارتباط الروحي والتاريخي قائما.

واستحضر محطة سنة 1982، التي وصفها بالمفصلية، حين قرر الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد، باتفاق رسمي وعلني مع الدولة الفرنسية، أن تتولى الجزائر تمويل مسجد باريس الكبير، مع إرسال أئمة منتدبين وهو ما تم دون أي غموض أو سرية،

وشدد على أن هذا التمويل معروف لدى السلطات الفرنسية ومؤطر قانونيا، ولا يختلف من حيث المبدأ عن تمويل دول أخرى لمؤسسات دينية في فرنسا.

● حفيز : تجريم الاستعمار… مقاربة سيادية لا خيار تصعيدي

كشف عميد مسجد باريس بأن مشروع قانون تجريم الاستعمار الذي صادق عليه نواب المؤسسة التشريعية مؤخرا .

يندرج في سياق طبيعي لمواجهة إرث إستعماري فرنسي تاريخي ثقيل امتد 132 سنة إلى سنة 1962 أين شهدت فيه الجزائر أفضع صور الجرائم ضذ الإنسانية من إغتيالات جماعية والترحيل القسري للجزائريين نحو كليدونيا الجديدة .

وانتهاكات جسيمة لازالت راسخة في وجدان الذاكرة التاريخية للأمة الجزائرية ، إلى جانب التدمير المنهجي للبنية الاجتماعية والثقافية للجزائر،

ويشدد على أن هذه الخطوة الدستورية والقانونية للجزائر لا تستهدف التصعيد أو القطيعة مع باريس .

بل تهدف إلى إرساء علاقة مستقبلية قائمة على الحقيقة والاعتراف بالماضي الإستعماري لفرنسا، باعتبار أن المصالحة الحقيقية لا تُبنى على النسيان، بل على مواجهة الماضي دون تهويل أو إنكار.

● خطاب “الجزائر الفرنسية”… أقلية صاخبة خارج منطق الدولة

توقع عميد مسجد باريس الكبير أن تثير خطوة تجريم الاستعمار ردود فعل رافضة داخل فرنسا، خصوصاً من بعض التيارات اليمنية الفرنسية المتطرفة ،و التي ما تزال أسيرة خطاب “الجزائر الفرنسية”.

غير أنه يلفت إلى أن هذه التيارات، رغم ضجيجها الإعلامي، تمثل أقلية محدودة، ولا ينبغي أن تُصاغ السياسات الجزائرية أو تُختزل العلاقات الثنائية في مواقفها الإيديولوجية.

● إشارات تهدئة محسوبة في سياق توتر معقّد

يشير حفيز بأنه وفي خضم هذا التوتر المزمن،إلا أنه توجد بعض إشارات التهدئة، من بينها قرار العفو عن الكاتب الفرانكو جزائري بوعلام صنصال.

مصدر الصورة

معتبراً إياها خطوة إيجابية قد ساهمت في تخفيف منسوب الاحتقان، خاصة لدى الجالية الجزائرية في فرنسا.

بعدما تحولت هذه القضية إلى عامل توتير غير مسبوق في العلاقات بين البلدين.

● قضية صنصال… إشكال قانوني بتداعيات سياسية

ذكر حفيز بأن بوعلام صنصال، رغم اكتسابه الجنسية الفرنسية في فترة حديثة، يبقى جزائرياً بالميلاد، وأن مسألة ازدواج الجنسية غير معترف بها لا في الجزائر ولا في فرنسا.

وهو ما جعل وضعيته القانونية معقدة منذ توقيفه في مطار الجزائر وهو يحمل جواز سفر جزائري، لتتحول القضية من مسار قضائي إلى ملف ذي أبعاد سياسية ودبلوماسية.

● سيادة القضاء الجزائري فوق كل اعتبار

أوضح عميد مسجد باريس إلى أن المتابعة القضائية للكاتب بوعلام صنصال قد جرت وفق أحكام القانون الجزائي الجزائري، في ظل احترام تام لمبدأ السيادة الوطنية.

فيما قد اعتبرته السلطات الفرنسية مواطناً فرنسياً وسعت إلى تفعيل الحماية القنصلية ، وهو ما لم يتم.

ويعتبر حفيز أن قرار العفو الذي اتخذه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون كان قراراً شجاعاً ودقيقاً، عكس استعداد الدولة الجزائرية لإيجاد مخارج عقلانية للأزمات.

بعد أن أدى القضاء دوره كاملاً واستُنفدت جميع طرق الطعن القانونية، باعتبار رئيس الجمهورية أول قاضٍ في البلاد.

● العفو الرئاسي… بعد إنساني ورسالة دولة

أشار حفيز إلى أن هذا القرار قد خفف عبئاً نفسياً وسياسياً كبيراً عن الجالية الجزائرية في فرنسا، التي وجدت نفسها في قلب سجال سياسي وإعلامي حاد.

ويضيف، من موقعه كمحامٍ، أن السجن، مهما كانت التهمة، يظل من أقسى العقوبات، ما يمنح قرار العفو بعداً إنسانياً لا ينفصل عن دلالاته السياسية والدبلوماسية.

● حفيز: “نطوي الصفحة ولا نمزقها”… مصالحة دون تنازل عن الثوابت

ويؤكد عميد مسجد باريس الكبير أن هذه القضية قد طُويت نهائياً، مستحضراً مقولة الرئيس الراحل هواري بومدين: “نطوي الصفحة ولا نمزقها”.

مع التشديد على أن أي مساس بالوحدة الترابية للجزائر يظل خطاً أحمر لا يقبل المساومة أو التوظيف تحت أي ظرف.

● “الماك” والانفصال… عبث سياسي من خارج الحدود

وبخصوص إعلان حركة “الماك” الانفصالية ما سمته استقلال منطقة القبائل انطلاقاً من الأراضي الفرنسية، يقول حفيز إنه تلقى هذا الحدث بمرارة شديدة.

فحتى وإن بدا غير جدي في ظاهره، فإنه يشبه لعباً خطيراً بالنار، وقد تكون له عواقب غير محسوبة، خاصة عندما يُستغل في سياقات إقليمية ودولية معقدة.

● منطقة القبائل… تاريخ وطني لا يُختزل في مشاريع وهمية

ويشدد حفيز على ضرورة التعامل الجدي مع مثل هذه المحاولات، وفهم الخلفيات التي دفعت شخصيات مثل فرحات مهني إلى هذا المسار، مذكّراً بأن والده كان شهيداً، وأن منطقة القبائل قدمت تضحيات جسيمة من أجل استقلال الجزائر. ويؤكد أن توظيف هذه المنطقة في مشاريع انفصالية يتناقض جذرياً مع تاريخها النضالي وعمقها الوطني.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا