روبير مينار.. نموذج آخر للنخبة الفرنسية السجينة في أوهام الماضي الاستعماري
الجزائرالٱن _ أثار روبير مينار، عمدة مدينة بيزيي الفرنسية، موجة غضب واسعة بتصريحات استفزازية وصف فيها مدينة وهران بأنها “بيته”، في تعبير صريح عن النزعة الاستعمارية التي لا تزال متجذرة لدى بعض الأوساط الفرنسية اليمينية المتطرفة.
وفي تصريحات نُشرت مؤخرًا، لم يتوانَ مينار، المعروف بمواقفه اليمينية المتشددة وعلاقاته بالحركات الاستعمارية الحنينية، عن مهاجمة الجزائر والتعبير عن ارتباط عاطفي مزعوم بمدينة وهران، في إشارة واضحة إلى ماضي الاحتلال الفرنسي.
خطاب استعماري متخلف في القرن الواحد والعشرين
تصريحات مينار ليست مجرد زلة لسان أو موقف شخصي عابر، بل هي تعبير صارخ عن عقلية استعمارية لم تستوعب بعد أن زمن الإمبراطوريات قد ولّى دون رجعة.
فالحديث عن مدينة جزائرية بوصفها “بيتًا” يعكس استمرار أوهام الهيمنة والسيطرة التي ميزت الحقبة الاستعمارية المظلمة.
وهران ليست “بيت” أحد سوى الجزائريين الذين عاشوا فيها وناضلوا من أجل تحريرها ودفعوا دماءهم ثمنًا لاستقلالها.
إنها مدينة جزائرية بامتياز، بتاريخها وثقافتها وهويتها العربية الأمازيغية الإسلامية، ولا مكان فيها للحنين الاستعماري المريض.
النخب الفرنسية المتطرفة.. سجينة ماضٍ لن يعود
ما يثير القلق أكثر هو أن مينار ليس صوتًا معزولًا في المشهد السياسي الفرنسي، بل يمثل تيارًا واسعًا من اليمين المتطرف والنخب الحنينية التي لا تزال ترفض الاعتراف بجرائم الاستعمار، وتحاول تلميع صورة حقبة دموية عانت منها الجزائر لأكثر من 132 عامًا.
هذه العقلية الاستعمارية المتحجرة تفسر الكثير من التوترات المستمرة في العلاقات الجزائرية الفرنسية.
حيث تصر أطراف فرنسية على التعامل مع الجزائر بمنطق الوصاية والاستعلاء، رافضة الاعتراف الكامل بالجرائم التي ارتُكبت باسم “الحضارة” و”التنوير”.
الجزائر اليوم.. دولة سيدة ومستقلة
على مينار وأمثاله أن يدركوا أن الجزائر اليوم ليست الجزائر المحتلة التي كانوا يحلمون باستعبادها إلى الأبد. إنها دولة مستقلة ذات سيادة، تحظى باحترام دولي واسع، وتبني مستقبلها بسواعد أبنائها.
وهران، كباقي المدن الجزائرية، هي رمز للمقاومة والصمود، وشاهدة على انتصار الإرادة الشعبية على آلة القمع الاستعمارية.
ومهما حاول الحنينون إلى الماضي الأسود إحياء أوهامهم، فإن الحقيقة الراسخة هي أن الجزائر حرة، وستبقى حرة.
دعوة لفرنسا الرسمية للتبرؤ من الخطاب الاستعماري
إن استمرار مثل هذه التصريحات من مسؤولين فرنسيين منتخبين يضع فرنسا الرسمية أمام مسؤوليتها الأخلاقية والسياسية.
فإما أن تتبرأ باريس بشكل واضح من هذا الخطاب الاستعماري المقيت، وإما أن تتحمل تبعات صمتها الذي يُفسَّر على أنه موافقة ضمنية.
الجزائريون لن ينسوا، ولن يسمحوا لأحد بالمساس بسيادتهم أو التطاول على مدنهم وتاريخهم. ووهران ستبقى جزائرية، مهما حلم الحالمون بغير ذلك.
المصدر:
الجزائر الآن
مصدر الصورة