كشفت دراسة علمية حديثة أن الكتابة باليد لا تقتصر على الفن أو التقليد، بل تشكل وسيلة فعّالة لتعزيز التعلم وتحسين الذاكرة.
وأظهرت التجربة التي نشر تفاصيلها موقع futura sciences أن استخدام القلم والورقة ينشط الدماغ بطريقة تختلف عن الطباعة على لوحة المفاتيح أو مجرد مشاهدة الحروف على الشاشة، ما يمنح المتعلم قدرة أكبر على تثبيت المعلومات وفهمها.
وقد شارك في الدراسة 42 بالغًا تعلموا الأبجدية العربية خلال ست جلسات تدريبية. وقسّم المشاركون إلى ثلاث مجموعات: الأولى كتبت الحروف يدويًا، والثانية طبعتها على لوحة المفاتيح، والثالثة اكتفت بالمشاهدة. وبينما تمكنت جميع المجموعات من التعرف على الحروف، أظهرت نتائج الاختبارات الواضحة أن الذين كتبوا يدويًا تفوقوا بشكل كبير في كتابة الكلمات الجديدة، وتهجئتها، وقراءتها. بعض المشاركين تمكنوا من إتقان الأبجدية في جلستين فقط، وهو إنجاز لم تحققه أي مجموعة أخرى.
وأوضح الباحثان روبرت وايلي وراب أن قوة الكتابة اليدوية تكمن في التجربة الحسية-الحركية التي توفرها. فالكتابة باليد تربط بين شكل الحرف، وصوته، وطريقة كتابته، ما يخق مسارات عصبية أقوى وذاكرة أكثر ثراء. ويشير الباحثون إلى أن هذا التفوق لا يرتبط بجمال الخط أو مهارات فن الخط، بل بالعملية الإدراكية التي توحد الحواس والحركة.
وأكد روبرت وايلي، الأستاذ في جامعة كارولاينا الشمالية، أن الكتابة اليدوية تمنح المتعلم تمثيلًا أقوى في الدماغ ، يمكنه من التعامل مع مهام لا علاقة لها مباشرة بالكتابة نفسها، مثل قراءة نصوص جديدة أو تعلم كلمات غريبة بسرعة أكبر.
وتطرح النتائج تساؤلات حول أثر التحول الرقمي على التعلم، مع تراجع الاعتماد على الكتابة اليدوية لدى الأطفال والشباب. ويشير الخبراء إلى ضرورة الحفاظ على هذه المهارة في التعليم، لما لها من فوائد واضحة في تعزيز الفهم والذاكرة، بالإضافة إلى تسريع اكتساب المهارات اللغوية.
كما تؤكد الدراسة أن العودة إلى القلم والورقة ليست مجرد خطوة رجعية، بل استثمار في قدرات الدماغ وتعلم أكثر فعالية، وهو ما يضع الكتابة اليدوية في قلب استراتيجيات التعليم الحديثة.
المصدر:
الإخبارية