تحولت الصين خلال السنوات الأخيرة إلى ما يمكن وصفه بأول دولة كهربائية في العالم، وهو مفهوم جديد يعبر عن قدرة دولة ما على بناء قوتها الاقتصادية والسياسية اعتمادًا على الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الخضراء.
هذا التوصيف جاء في ملف نشرته صحيفة La Libre Eco والذي استند إلى تحليلات الباحثة الفرنسية آن صوفي كوربو، المتخصصة في شؤون الطاقة العالمية.
وحسب ما ورد في المصدر ذاته، فإن الصين لم تعد تكتفي بدور المصنع العالمي التقليدي، بل انتقلت إلى مرحلة توظيف التفوق الصناعي في مجالات الطاقات المتجددة والبطاريات والسيارات الكهربائية من أجل تعزيز نفوذها الدولي.
فبفضل استثمارات ضخمة في مجالات الألواح الشمسية وتوربينات الرياح والمعادن النادرة، نجحت بكين في بناء سلسلة إنتاج شبه كاملة تجعلها اللاعب الأهم في سوق الطاقة النظيفة.
وتوضح الباحثة آن صوفي كوربو، كما نقل عنها المصدر نفسه، أن الصين فهمت مبكرًا أن الانتقال الطاقوي العالمي ليس فقط قضية بيئية، بل هو أيضًا ورقة جيوسياسية قوية.
فالدول التي ستتحكم في تصنيع البطاريات وموادها الأولية وتقنيات تخزين الطاقة ستكون صاحبة الكلمة الأولى في الاقتصاد العالمي خلال العقود المقبلة. ولهذا تعمل بكين على ربط عدة دول بها من خلال الاستثمارات ومشاريع البنية التحتية، خصوصًا في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وتشير التحليلات الواردة في التقرير إلى أن هذا التوسع لا يعني فقط تصدير منتجات صينية، بل بناء تبعية تكنولوجية طويلة المدى، سواء عبر شركات السيارات الكهربائية أو عبر شبكات نقل الكهرباء الذكية التي بدأت المؤسسات الصينية في تنفيذها خارج الحدود.
وترى كوربو أن هذه الاستراتيجية تمنح الصين قوة ناعمة جديدة تختلف عن القوة العسكرية والاقتصادية التقليدية.
في المقابل، تواجه الدول الغربية تحديات كبيرة أمام هذا الصعود، إذ تعتمد صناعاتها بشكل واسع على المواد القادمة من الصين، سواء في مجال البطاريات أو المعادن الحيوية مثل الليثيوم والكوبالت والغرافيت.
ويحذر التقرير من أن هذا الواقع قد يسمح لبكين باستخدام نفوذها التكنولوجي في القضايا الاستراتيجية، تمامًا كما كان يحدث سابقًا في أسواق النفط والغاز.
ويخلص ملف La Libre Eco إلى أن العالم يدخل مرحلة جديدة، حيث تصبح التكنولوجيا الخضراء أداة نفوذ بحد ذاتها، والصين بدورها تسير بثبات نحو موقع الدولة المهيمنة في هذا المجال، مستفيدة من سرعتها الصناعية ومن رؤية طويلة المدى تجعلها في مقدمة سباق الطاقة النظيفة.
المصدر:
الإخبارية