الجزائر تقود إفريقيا نحو تجريم الاستعمار: مؤتمر دولي تاريخي يعيد فتح ملف الجرائم ويدعم حق الشعوب في تقرير المصير”
الجزائرالٱن_ افتتحت الجزائر أشغال المؤتمر الدولي حول تجريم الاستعمار في إفريقيا، بحضور رفيع المستوى ضمّ شخصيات أفريقية وقارية بارزة، في ملتقى اعتُبر محطة فارقة للدفاع عن الذاكرة التاريخية لشعوب القارة الإفريقية.
حضور رفيع المستوى يعكس البعد الدبلوماسي
خضر اللقاء كل من وزير العلاقات الخارجية الأنغولي، والأمين العام للاتحاد الإفريقي تيتي أنطونيو، ومفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن بانكول إديوي.
بالإضافة إلى كاتبة الدولة المكلفة بالشؤون الإفريقية سلمى بختة منصوري، ووزير الاتصال زهير بوعمامة، ووزير الدولة ووزير الداخلية والجماعات المحلية والنقل سعيد سعيود.
كما شارك رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي، ورئيس مجلس الأمة ناصري عزوز، إلى جانب أعضاء السلك الدبلوماسي والخبراء القانونيين، ما منح المؤتمر طابعاً دبلوماسياً رفيع المستوى يعكس التزام الجزائر بقيادة جهود تعزيز العدالة التاريخية ومساءلة القوى الاستعمارية دولياً.
رعاية سامية ودور قيادي للجزائر
أوضح وزير الشؤون الخارجية، أحمد عطاف، في كلمته بالمركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال، أنّ انعقاد المؤتمر يأتي تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي جعل الدفاع عن الذاكرة الإفريقية والتصدي لمحاولات تزييفها محوراً أساسياً في الرؤية الدبلوماسية الجزائرية.
وأكد عطاف أن الجزائر، انسجاماً مع مخرجات الاجتماع الأخير للاتحاد الإفريقي في فيفري، تواصل ترسيخ دورها القيادي في تعزيز العدالة التاريخية ومساءلة القوى الاستعمارية دولياً، بما يعكس رؤية دبلوماسية ثابتة تستند إلى مبادئ التحرر والتضامن الإفريقي.
تضحيات الجزائر وتجاربها التاريخية مصدر الالتزام
جدد عطاف التأكيد على أنّ الجزائر، بما عانته من جرائم الاستعمار الفرنسي من مجازر وفضاعات وتجارب نووية، تدرك حجم آثار الاستعمار اللاحضارية على الشعوب، وتستلهم من تضحيات شهدائها روح الالتزام بالمبادئ التحررية والدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصيرها.
وفي مقدمة هذه القضايا، أشار الوزير إلى القضية الصحراوية والقضية الفلسطينية، مؤكداً أن الموقف الجزائري ينبع من تجربة مريرة للجرائم الوحشية للاستعمار ضد الأفارقة وما تركته من آثار عميقة راسخة في الذاكرة الجماعية للقارة الإفريقية.
دراسة الآثار المدمرة للاستعمار الاستيطاني
أبرز عطاف أنّ القارة الأوروبية خلال القرن الثامن عشر شهدت عصر التنوير والصناعة، بينما كانت القارة الإفريقية تواجه التدمير والتجويع والمجازر وممارسات الاستيطان.
وتناول مثال الجزائر كنموذج صارخ للاستعمار الفرنسي، من طمس الهوية الوطنية إلى التجارب النووية، مؤكداً أن هذه الجرائم تركت آثاراً عميقة على الشعب الجزائري وعلى الذاكرة الجماعية للقارة الإفريقية.
تعزيز التضامن الإفريقي والعدالة التاريخية
وأشار الوزير إلى أن المؤتمر يشكل منصة لمناقشة آليات التعويض ومحاسبة القوى الاستعمارية، بما يسهم في بناء إفريقيا موحدة قادرة على حماية مصالح شعوبها وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، بعيداً عن أي مظاهر التمييز أو الإقصاء التاريخي.
تيتي أنطونيو يشيد بالمبادرة الجزائرية: تجريم الاستعمار واستعادة الحقوق الإفريقي
أشاد وزير العلاقات الخارجية الأنغولية والأمين العام للاتحاد الإفريقي تيتي أنطونيو بالمبادرة الجزائرية الرامية إلى تجريم الاستعمار، مؤكداً على الأهمية الاستراتيجية لهذه الخطوة في استرجاع حقوق القارة الإفريقية المسلوبة على يد القوى الاستعمارية.
كما شدد أنطونيو على أن مثل هذه المبادرات تعزز التضامن الإفريقي والمساءلة الدولية، وترسخ مكانة الجزائر كفاعل دبلوماسي رائد يدافع عن الحقوق التاريخية للشعوب الإفريقية.
قراءة سياسية واستراتيجية لمخرجات المؤتمر
أكد فاتح بوطبيق، رئيس جبهة المستقبل وعضو البرلمان الإفريقي، أنّ انعقاد المؤتمر يمثل تكريماً لضحايا الاستعمار ويُعد حدثاً تاريخياً أول من نوعه يُعقد على أرض الجزائر، قلعة الثورة والثوار، الداعمة للقضايا التحررية وعلى رأسها القضية الصحراوية والقضية الفلسطينية.
وأشار بوطبيق إلى أنّ المخرجات تتقاطع مع نقاشات الاتحاد الإفريقي، خصوصاً المتعلقة بجرائم الاستعمار والقوى الإمبريالية، وما تركته من آثار مروعة وفضائع راسخة في الذاكرة الجماعية للأفارقة.
وفي قراءة سياسية لمخرجات القرار الأممي الأخير بشأن القضية الصحراوية فقد كشف بأن حزبه يدعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفقا لأحكام القانون الدولي وانسجاماً مع السياسة الخارجية للجزائر القائمة على دعم الشعوب المستعمرة في تقرير المصير.
ومهما كانت طبيعة القرار الأممي فإن الشعب الصحراوي له الحق في تقرير مصيره بإعتبار أن الجمهورية الصحراوية تعتبر آخر مستعمرة في القارة الإفريقية.
ومن جهته فقد كشف المؤرخ الجزائري والمكلف بملف الذاكرة التاريخية لدى رئاسة الجمهورية الدكتور محمد احسن زغيدي بأنه قد حان الاوان للأجيال الإفريقية للإسترداد الحق الافريقي الضائع من القوى الإستعمارية السابقة وأن إنعقاد أشغال هذا المؤتمر الدولي سوف يسمح من وضع اطار قانوني وآليات تسمح من دفع المستعمر للإعتراف بما قام به في الدول الإفريقية وتجريم ممارساته التي إقترفها في حق القارة الإفريقية.
البعد القانوني والدولي
يعتمد قانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر على مجموعة من القوانين والمعاهدات الدولية، منها:
• نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (17 جوان 1998)
• الاتفاقية الدولية لعدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية (26 نوفمبر 1968)
• بروتوكولات جنيف لحظر الأسلحة الكيميائية وحقوق الإنسان (1925 و1977)
• ميثاق الأطلسي بشأن تقرير المصير للشعوب المستعمرة (14 أوت 1941)
ويؤكد القانون أن الجزائر ملتزمة باستخدام هذه المرجعيات لمطالبة فرنسا بالاعتراف بالتاريخ الأسود والتعويض عن الانتهاكات، وهو أداة ضغط سياسية ودبلوماسية لتثبيت العدالة الدولية وتعزيز حقوق الشعوب المستعمرة.
تعزيز الوحدة الإفريقية والمساءلة التاريخية
تميز المؤتمر بحضور رئيسي الغرفتين البرلمانية الجزائرية، الأمين العام للاتحاد الإفريقي، ووزير الشؤون الخارجية الأنغولي، ما يعكس البعد الاستراتيجي للدبلوماسية الجزائرية في تنسيق الجهود الإفريقية لمطالبة القوى الاستعمارية بالاعتراف بماضيها وتقديم التعويضات للشعوب المتضررة.
وأكد المشاركون أن المؤتمر يمثل خطوة رائدة لتعزيز الوحدة الإفريقية والمساءلة التاريخية، ووضع الجزائر كمركز إقليمي لدعم حقوق الشعوب الإفريقية في استعادة كرامتها ومكتسباتها التاريخية.
برنامج متكامل وورشات تواكب فعاليات المؤتمر الدولي
سطرت مديرية الإعلام والاتصال بمصالح وزارة الشؤون الخارجية برنامجًا ثريًا ينسجم مع فعاليات المؤتمر الدولي حول جرائم الاستعمار في إفريقيا، حيث شمل البرنامج تنظيم ندوات تاريخية وقانونية، بالإضافة إلى معارض للصور توثق فضائح الاستعمار وتزين جدران المركز الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال.
افتتاح رسمي يعكس ريادة الجزائر الأفريقية
افتتحت المراسيم بحفل رسمي استهل بسماع النشيد الوطني الجزائري، تلاه النشيد الرسمي للاتحاد الإفريقي، في دلالة برتوكولية تعكس المكانة الريادية للجزائر على كافة الأصعدة والمستويات.
هذه الخطوة تؤكد دور الجزائر كلاعب فاعل ومؤثر في قيادة القارة الإفريقية نحو استرداد حقوقها الضائعة من استعمار الأمس، خاصة وأن قضايا الاستعمار لا تسقط بالتقادم وتشكل ذاكرة جماعية لا يمكن تجاهلها.
ندوات تاريخية وقانونية تضيء آثار الاستعمار
وقد شكلت الندوات التاريخية فرصة لإبراز آثار الاستعمار على الشعوب الأفريقية عبر العصور، فيما ركزت الجلسات القانونية على سبل تجريم الاستعمار وتعويض الضحايا، بينما شكلت معارض الصور وسيلة بصرية قوية لإظهار حجم الانتهاكات والظلم الذي طال القارة، مما أكسب المؤتمر بعدًا تاريخيًا وقانونيًا وإنسانيًا متكاملاً.
الاستناد إلى الاتفاقيات والقوانين الدولية
ويؤكد الخبراء في القانون الدولي أن الجزائر ملتزمة باستخدام هذه المرجعيات القانونية لمطالبة فرنسا بالاعتراف بالتاريخ الأسود للاستعمار، وتقديم التعويضات العادلة للشعوب المتضررة.
محطات حديثة في استعادة العدالة والاعتراف
خلال احتجاجات الجزائر عام 2019، أعيد طرح قانون تجريم الاستعمار الفرنسي على الساحة الوطنية، خاصة بعد تدخل البرلمان الأوروبي، الذي اعتبرته الجزائر محاولة لتأجيج الفوضى.
وقد أكّد وزير المجاهدين حينها الراحل الطيب زيتوني على أهمية المسار القانوني في ضمان حقوق الضحايا وتحقيق العدالة التاريخية، معتبرًا أن القانون يشكل أداة أساسية للضغط على القوى الاستعمارية.
تعزيز الوحدة الإفريقية والمطالبة بالاعتراف
تميز المؤتمر الدولي حول جرائم الاستعمار في إفريقيا ، بللورشات القانونية المكرسة لإستعادة العدالة الإفريقية وتجريم ممارسات الإستعمار ، مما سوف يعكس البعد الاستراتيجي للدبلوماسية الجزائرية في توحيد الجهود الإفريقية لمطالبة القوى الاستعمارية بالاعتراف بجرائمها التاريخية وتقديم التعويضات للشعوب المتضررة.
وقد شدد المختصون على أن هذا المؤتمر يمثل خطوة رائدة لتعزيز الوحدة الإفريقية والمساءلة التاريخية، ويؤكد المكانة المركزية للجزائر كحاضنة للحقوق الإفريقية ومستعيد للكرامة والمكتسبات التاريخية للشعوب المتضررة.
أبعاد سياسية واستراتيجية للقانون
يشكل القانون الدولي العام أداة ضغط دبلوماسية وسياسية على فرنسا والدول الاستعمارية الأخرى، ويؤكد التزام الجزائر المطلق بالمطالبة بالاعتراف الرسمي بالجرائم التاريخية.
كما يرسخ هذا النهج مبادئ العدالة الدولية ويقدم دروسًا للأجيال القادمة حول ضرورة احترام السيادة الوطنية وحقوق الشعوب المستعمرة، وفق ما يؤكده خبراء القانون الدولي.
المصدر:
الجزائر الآن
مصدر الصورة