يكشف تقرير نشره موقع éditions érès عن جوانب نفسية مهمة تشير إلى أن تفضيل الهدوء والعزلة ليس علامة على الانطواء أو الانسحاب، بل دليل على مجموعة من السمات التي تعزز التوازن الداخلي، وضوح الأولويات وجودة العلاقات.
ويوضح التقرير أن اختيار الهدوء عن قصد يمنح صاحبه قدرة أكبر على التركيز، إعادة الشحن، وصياغة علاقات أكثر عمقًا وصدقًا.
ويرى خبراء علم النفس، حسب المصدر نفسه، أن القدرة على قول لا دون شعور بالذنب من أبرز علامات الأشخاص الذين يفضلون العزلة الإيجابية. فترسيم الحدود يحمي الطاقة ويمنع الإرهاق اليومي، مما يحول الوقت الهادئ إلى مساحة لاستعادة التوازن العقلي. وتحافظ هذه الممارسة على إيقاع صحي وتزيد من اتساق الخيارات مع القيم الحقيقية للفرد.
كما يؤكد التقرير أن لحظات الصمت ترفع من حساسية الشخص تجاه “الإشارات الضعيفة” في داخله. المشي دون سماعات، تدوين اليوميات أو ممارسة التنفس الهادئ يساعد على فهم الرغبات بوضوح أكبر، ويعزز الثقة بالنفس دون الحاجة إلى مصادقة خارجية. بهذه الطريقة تتشكل رؤى أكثر دقة وتصبح القرارات أقل ترددًا.
ويشير علم النفس العاطفي، وفق ما نشرته éditions érès، إلى أن الاستقلالية العاطفية هي إحدى الثمار البارزة للعزلة المختارة. فالشخص لم يعد يبني قيمته على الحركة الاجتماعية المستمرة، بل على تقديره لذاته. هنا تلعب الطقوس البسيطة – مثل لحظات الصمت القصيرة أو الابتعاد عن الشاشات – دورًا مهمًا في تخفيف التقلبات العاطفية وتوسيع القدرة على مواجهة الضغوط.
وعلى صعيد العلاقات، تؤدي العزلة الواعية إلى روابط أكثر قوة ووضوح. فالأشخاص الذين يفضلون الهدوء يميلون إلى اختيار قلة من العلاقات العميقة بدلًا من التشتت في علاقات سطحية. وتصبح اللقاءات القصيرة والحوارات الهادئة أكثر جودة، مما يعزز الثقة ويقلل من سوء الفهم.
ويبرز التقرير أن الهدوء يساعد أيضًا على تحسين مهارات التواصل، إذ يصبح الصمت مساحة للتفكير قبل الحديث، واختيار الكلمات المناسبة دون اندفاع. بهذه الطريقة تصبح الخلافات أقل حدة والاتفاقات أكثر استقرارًا.
أما على مستوى الحياة اليومية، فإن الوجود في اللحظة الحاضرة يزداد وضوحًا. فالتفاصيل الصغيرة – كالإضاءة، والتنفس، وإيقاع الأفكار – تصبح أكثر إدراكًا، ما يقلل من التشتت ويزيد الشعور بالرضا.
ويخلص الخبراء، إلى أن تخصيص ربع ساعة من الهدوء يوميًا كفيل بتعزيز الإبداع والصفاء الذهني وتحسين جودة العلاقات. فالعزلة الواعية لا تعزل الشخص عن الآخرين، بل تعيده إلى ذاته ليكون أكثر قدرة على الحضور والإنصات والتواصل.
المصدر:
الإخبارية