تكشف الأرقام الرسمية عن ارتفاع مقلقة لانتشار مرض الربو في الجزائر، حيث تشير دراسة ISAAC الدولية المتخصصة في دراسة الربو والحساسية عند الأطفال إلى أن 8.7 بالمئة من الأطفال الجزائريين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و14 سنة مصابون بهذا المرض المزمن، أي ما يعادل قرابة 9 أطفال من كل 100 طفل، أما عند البالغين فتشير دراسة AirMAG إلى أن نسبة الإصابة تبلغ 3.5 بالمائة.
هذه الأرقام التي تعكس ارتفاعا ملحوظا في انتشار المرض خاصة في الوسط الحضري، دفعت المختصين إلى دق ناقوس الخطر والمطالبة بوضع استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة هذا التحدي الصحي.
وفي هذا السياق، احتضن فندق سوفيتيل بالجزائر العاصمة، الاثنين، ندوة علمية مهمة حول الربو وتحديات الصحة العامة وسبل الوقاية والتشخيص، بمشاركة نخبة من المتخصصين في أمراض الجهاز التنفسي، وشارك في هذه الندوة التي نظمتها مختبرات سانوفي الصيدلانية كل من البروفيسور رشيدة خلافي رئيسة مصلحة أمراض الرئة بالمستشفى الجامعي بني مسوس بالجزائر العاصمة، والبروفيسور فايزة أوصديق رئيسة وحدة بمصلحة أمراض الرئة بالمستشفى نفسه، حيث قدمتا عرضين مفصلين حول طبيعة المرض وعوامل انتشاره وأساليب العلاج الحديثة وضرورة إشراك المريض كشريك فعلي في عملية العلاج.
وأكدت خلافي في مستهل مداخلتها أن الربو يعد من بين الأمراض المزمنة غير المعدية الأكثر انتشارا في العالم، حيث يصيب أكثر من 260 مليون شخص على مستوى العالم، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى أكثر من 460 مليون شخص بحلول سنة 2025. هذا الارتفاع المطرد لا يقتصر على الدول الغربية فقط، بل يشمل أيضا الدول النامية ومنها الجزائر التي تشهد زيادة ملحوظة في عدد الحالات المسجلة سنويا.
واستعرضت خلافي سلسلة من الدراسات الوبائية التي أجريت في الجزائر منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث أظهرت دراسة أجريت في الجزائر العاصمة سنة 1986 أن نسبة الإصابة بين طلبة المدارس الثانوية تراوحت بين 1.16 و3.5 بالمئة، فيما سجلت دراسة أخرى في قسنطينة السنة نفسها نسبة 2.73 بالمئة، أما في بجاية فقد بلغت النسبة 3.19 بالمائة بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات، بينما سجلت عنابة سنة 2000 نسبة 1.55 بالمئة عند البالغين، كل هذه الدراسات تشير إلى أن معدل انتشار الربو في الجزائر يتراوح بين 3 و4 بالمئة عند البالغين، لكن النسبة ترتفع بشكل ملحوظ عند الأطفال لتصل إلى 8.7 بالمئة بحسب أحدث الإحصاءات.
وأوضحت البروفيسور أن هذا الفارق بين نسبة الإصابة عند الأطفال والبالغين يعود إلى أن بعض الأطفال الذين يعانون من الربو في مرحلة الطفولة قد تختفي أعراضهم عند بلوغ سن المراهقة أو الشباب، مما يوحي بالشفاء، لكنها شددت على أن هذا الاختفاء للأعراض لا يعني الشفاء التام من المرض، لأن الالتهاب المزمن يبقى كامنا في القصبات الهوائية وقد تعود الأعراض في أي مرحلة من مراحل الحياة، خاصة عند التعرض لعوامل محفزة مثل الحمل عند النساء أو التعرض لضغوط نفسية شديدة أو عدوى فيروسية قوية.
ووجهت البروفيسور خلافي رسالة واضحة وصريحة للمرضى وعائلاتهم، مؤكدة أن الربو مرض مزمن لا يمكن الشفاء منه بشكل نهائي، لكن يمكن السيطرة عليه بشكل تام بحيث يعيش المريض حياة طبيعية تماما دون أي قيود.
المصدر:
الإخبارية