أكد رئيس المجلس الشعبي الوطني، الثلاثاء، أن قانون المالية 2026 يجسّد رؤية الدولة لتحقيق التوازن بين العدالة الاجتماعية والتحول الاقتصادي، مبرزا أن القانون تضمن إصلاحات سياسية وجريئة وتتطلب إرادة قوية في التطبيق بعيدًا عن التراخي الإداري.
جاء ذلك عقب تصويت نواب المجلس، في جلسة عامة على مشروع قانون المالية لسنة 2026، حيث ألقى، إبراهيم بوغالي، كلمة تناولت المرتكزات الاقتصادية والاجتماعية للقانون، كما تضمنت الكلمة قراءة سياسية لجملة القرارات الأخيرة لرئيس الجمهورية، حيث ثمّن النقاشات الواسعة التي عرفتها الجلسة، معتبرًا أنها تعكس نضجًا سياسيًا وحرصًا وطنيًا على المصلحة العليا للبلاد.
ميزانية تتجاوز 17 ألف مليار دينار ورهان على التحول الاقتصادي
اعتبر رئيس المجلس أنّ تخصيص أكثر من 17 ألف مليار دينار في مشروع قانون المالية لسنة 2026 ، رقمًا يعكس إرادة سياسية قوية لبلوغ مستهدفات التنمية، لكنه في الوقت نفسه يطرح تحديات تتعلق بترشيد النفقات وضمان الفعالية في التنفيذ.
وأشار بوغالي إلى أنّ القانون تضمّن مراجعة بعض الأحكام الجبائية في خطوة تهدف إلى توسيع الوعاء الضريبي وتحقيق العدالة بين مختلف الفئات، مؤكدًا أن هذه الإصلاحات “سياسية وجريئة وتتطلب إرادة قوية في التطبيق بعيدًا عن التراخي الإداري”.
وفي الجانب الاقتصادي، نوّه بتقديرات النمو خارج المحروقات في حدود 4.1%، معتبرًا أنها مؤشر محفّز في مسار الانتقال نحو اقتصاد متنوع، لكنه شدّد على ضرورة مواصلة الإصلاحات الهيكلية، وتشجيع الاستثمار المنتج، وتحرير المبادرة الاقتصادية من البيروقراطية التي تعيق ديناميكية السوق .
الطابع الاجتماعي للدولة… ثابت في قانون المالية
أكد بوغالي أنّ الحكومة حافظت في مشروع هذا القانون على الطابع الاجتماعي للدولة من خلال تخصيص اعتمادات معتبرة لبرامج السكن، والصحة، والتعليم، ودعم الفئات الهشة.
لكنه دعا إلى إجراء تقييم دوري للتحويلات الاجتماعية لضمان توجيهها نحو الفئات المستحقة ورفع فعاليتها وتأثيرها على تحسين الإطار المعيشي للمواطن .
تثمين دور النواب والمعارضة وتعزيز التكامل بين المؤسستين التنفيذية والتشريعية
أشاد رئيس المجلس بأداء النواب من مختلف المجموعات البرلمانية خلال مناقشة هذا النص، واعتبر أنّ التعددية، عندما تُمارس بروح المسؤولية، تصبح مصدر قوة، وأثنى خصوصًا على جهود لجنة المالية والميزانية لما بذلته من عمل تحضيري وتنسيق مع القطاعات الوزارية المختلفة.
ودعا الحكومة إلى تجسيد التزاماتها الواردة في القانون، وتقديم تقارير دورية حول التنفيذ، وأضاف بأن التكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يشكّل شرطًا أساسيًا لضمان الاستقرار السياسي ونجاعة السياسات العمومية، كما شدّد على أولوية تعزيز الشفافية في صرف الأموال العمومية وتكريس مبدأ المحاسبة وتفعيل آليات الرقابة الداخلية لاسترجاع ثقة المواطن بالمؤسسات.
قرارات رئاسية مفصلية: ولايات جديدة، مشاريع كبرى، وتحسين للقدرة الشرائية
خصّص بوغالي حيّزًا هامًا من كلمته للقرارات الأخيرة لرئيس الجمهورية، معتبرًا إياها مؤشرًا على دخول الجزائر مرحلة جديدة من الإصلاحات العميقة:
1. ترقية 11 مقاطعة إلى ولايات كاملة الصلاحيات
وصف القرار بأنه “خطوة استراتيجية نحو تفعيل طاقات مناطق الوطن” إداريًا واقتصاديًا واجتماعيًا، بما يضمن تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة عبر مختلف المناطق” .
2. إطلاق خط السكة الحديدية الجديد “تندوف – بشار”
أعلن عن التحضير لانطلاق المشروع بداية جانفي 2026، مؤكدًا أنه يفتتح عهدًا جديدًا في تعزيز التطور الاقتصادي خاصة في الجنوب الكبير.
3. استغلال خام الحديد من منجم غار جبيلات: أشاد بوغالي بعزم الدولة على اطلاق الاستغلال خلال الثلاثي الأول من 2026، كما أشاد بالتوجيه الرئاسي بإنشاء مصانع جديدة لمعالجة خام الحديد في كلّ من تندوف وبشار والنعامة.
4. إجراءات لدعم القدرة الشرائية: ثمّن رئيس المجلس تضامن رئيس الجمهورية مع الطبقة العاملة، من خلال تكليف وزير المالية بتحضير مشروع لرفع الحد الأدنى للأجور ومنحة البطالة، معتبرًا ذلك خطوة ستنعكس إيجابيًا على القدرة الشرائية وزيادة مداخيل الأسر، إضافة إلى تعزيز النشاط الاقتصادي الداخلي .
رسالة سياسية: القرار الوطني يُصنع داخل مؤسسات الدولة
أكد رئيس المجلس أن الجزائر تتعامل مع المتغيرات الوطنية والإقليمية بـ“حكمة ومسؤولية متوازنة”، وأن مؤسسات الدولة أثبتت قدرتها على معالجة الملفات الحساسة بعقلانية واحترام القانون.
وشدد على أنّ السيادة واستقلالية القرار الوطني ليست شعارات بل ممارسة يومية ترتكز على مبادئ دستورية ودبلوماسية نشطة، موجهًا رسالة واضحة للمشككين:
“الرد الحقيقي ليس في الجدل، بل في استمرار الجزائر في تبنّي مواقف رصينة تحمي مصالحها” .
تحية للجيش والحماية المدنية والمؤسسات الأمنية
جدد بوغالي إشادته بـ الجيش الوطني الشعبي باعتباره “الحصن المنيع للوطن”، كما ثمّن جاهزية مؤسسات الدولة للتدخل في مختلف الكوارث، مستشهدًا بالأداء الكبير للحماية المدنية خلال حرائق الغابات الأخيرة، وترحيبه بقرار رئيس الجمهورية فتح تحقيق لتحديد أسبابها.
خاتمة: نحو مرحلة جديدة من التنمية
اختتم بوغالي كلمته بدعوة النواب والحكومة إلى مواصلة العمل بروح المسؤولية، مؤكّدًا أنّ مشروع قانون المالية 2026 يمثل خطوة إضافية في مسار التنمية التي تعرفها الجزائر في ظل الرؤية الجديدة التي يقودها عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية.
المصدر:
الإخبارية