الجزائر بدأت فعليًا خطوات لتنويع مصادر توليد الكهرباء

تتجه الجزائر بشكل متسارع نحو تعزيز مساهمة الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء، وسط تنامٍ واضح في معدلات الطلب، لا سيما خلال فصل الصيف.

ويُعدّ إنتاج الكهرباء في الجزائر نموذجًا متقدمًا للاعتماد على الغاز الطبيعي بوصفه مصدرًا رئيسًا في مزيج التوليد، ووفقًا لأحدث بيانات منصة الطاقة المتخصصة، تُنتج البلاد أكثر من 96.3 تيراواط/ساعة سنويًا، وهي قادرة على تلبية ذروة استهلاك تجاوزت مؤخرًا الـ20 ألف ميغاواط، مع فائض يسمح بالتصدير إلى دول الجوار، مثل تونس.

ويستند هذا الأداء إلى قدرة مركبة تصل إلى 27.33 ألف ميغاواط، واحتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي تتجاوز 159 تريليون قدم مكعبة (4.5 تريليون متر مكعب).

ورغم سيطرة الغاز بنسبة تقترب من 99% على توليد الكهرباء، فإن البلاد بدأت فعليًا خطوات لتنويع المزيج، مدعومة بمشروعات كبرى للطاقة المتجددة، أبرزها “سولار 1000” ومشروع إنشاء 2000 ميغاواط من محطات الطاقة الشمسية في 12 ولاية.

هذا وتملك الجزائر احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي، ما يتيح لها تشغيل محطات الكهرباء بكفاءة عالية وضمان استقرار الإمدادات، دون الحاجة إلى الاعتماد على مصادر خارجية أو وقود مستورد.

كما تُعدّ محطة بلارة في ولاية جيجل نموذجًا بارزًا في هذا السياق، إذ تبلغ طاقتها الإنتاجية أكثر من 1600 ميغاواط.

ورغم هذا الاعتماد شبه الكامل على الغاز بمزيج الكهرباء في الجزائر، فقد بدأت الدولة خطة تحول تدريجي لزيادة إسهام الطاقة المتجددة، مستفيدة من وفرة الإشعاع الشمسي الذي يصل إلى 3900 ساعة سنويًا في بعض المناطق، ما يتيح توليد طاقة نظيفة ومستدامة.

هذا وتكشف أحدث البيانات لعام 2024 ارتفاعًا في الطلب على الكهرباء في الجزائر بنسبة 5.4%، ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو بمتوسط 5.2% حتى 2027، وفق تقرير لوكالة الطاقة الدولية.

ويُقدَّر الطلب في الظروف الطبيعية بنحو 17 ألف ميغاواط، يرتفع في ذروة الاستهلاك خلال الصيف إلى نحو 20.5 ألف ميغاواط.

وسجّلت الجزائر أعلى ذروة في الطلب على الكهرباء يوم 24 جويلية 2025، إذ بلغ الحمل الأقصى 20 ألفًا و628 ميغاواط، متجاوزًا الرقم السابق المُسجل في صيف 2024 عند 19 ألف ميغاواط، نتيجة موجات الحر والرطوبة المرتفعة.

ورغم ذلك، نجحت شركة الكهرباء الوطنية سونلغاز في تلبية الطلب دون انقطاع، مع مواصلة تصدير 500 ميغاواط يوميًا إلى تونس، ما يعكس مرونة المنظومة الكهربائية الوطنية.

وفي سياق التوسع بالطاقة المتجددة، خصصت الجزائر 1.5 مليار دولار لإنشاء خطوط ربط بين الشبكة الشمالية والجنوب الكبير، بطول 880 كيلومترًا.

كما أطلقت مشروعات لتنفيذ 20 محطة طاقة شمسية بسعة إجمالية 3 غيغاواط، لدعم إنتاج الكهرباء في الجزائر من المصادر المتجددة.

وبهدف تصدير الكهرباء إلى أوروبا، وقّعت سونلغاز وسوناطراك مذكرة تفاهم مع شركة إيني الإيطالية لإجراء دراسة جدوى بشأن الربط الكهربائي بين الجزائر وإيطاليا، ما قد يشكّل طفرة بمستقبل إنتاج الكهرباء في الجزائر وتحويلها إلى مركز تصديري للطاقة في المنطقة.