ستورا: الإفراج عن صنصال “بارقة أمل” لكن المصالحة الجزائرية-الفرنسية ما تزال بعيدة
الجزائرالٱن _ قال المؤرخ الفرنسي المتخصص في تاريخ الجزائر، بينجامين ستورا، إن قرار الإفراج عن الكاتب بوعلام صنصال يمثل إشارة تهدئة مهمة بين الجزائر وفرنسا، لكنه شدد على أن هذه الخطوة وحدها لا تكفي لإذابة الجليد المتراكم في العلاقات الثنائية.
وفي حديث لصحيفة ليبيراسيون، أوضح ستورا أن إعادة الدفء للعلاقة بين البلدين تتطلب مسارًا طويلًا ومركّبًا، يشمل ملفات سياسية واقتصادية وأمنية، بالإضافة إلى القضايا المرتبطة بالذاكرة الاستعمارية، والتي ما تزال تشكل إحدى أعقد نقاط الخلاف بين الجزائر وباريس.
وأشار ستورا إلى أن وصول لوران نونيز إلى وزارة الداخلية الفرنسية أسهم في تخفيف التوتر، بالنظر إلى أسلوبه “الأقل حدة” مقارنة بسلفه. كما كشف أن الدبلوماسية الفرنسية اشتغلت بهدوء على مستوى “المسار الألماني”، الذي لعب دور الوسيط في بعض الملفات الاقتصادية، خاصة ما يتعلق بالرسوم الجمركية وتوريد الغاز.
وأضاف أن تدخل ألمانيا في هذا الملف كان ضروريًا في ظل استمرار البرود في العلاقات الجزائرية-الفرنسية خلال الأشهر الماضية، معتبرًا أن هذا الانخراط مكّن من “الحفاظ على الحد الأدنى من الحوار بين الجزائر والاتحاد الأوروبي”.
ورغم الترحيب بالإفراج عن صنصال، أكد ستورا أن طريق التطبيع لا يزال طويلًا، مشيرًا إلى وجود ملفات حساسة تعيق التقارب، من بينها قضية الصحفي الفرنسي كريستوف غليز، وموقف باريس من قضية الصحراء الغربية، والتعاون في ملفات الهجرة، والوضع الأمني في منطقة الساحل.
وفي الشق المتعلق بالذاكرة المشتركة، دعا ستورا إلى مواصلة العمل على “توثيق الحقيقة التاريخية” والاعتراف بجرائم التعذيب والواقع الاستعماري، محذرًا من أن صعود اليمين المتطرف في فرنسا قد يهدد هذا المسار.
وكشف المؤرخ الفرنسي أن لقاءه الأخير مع مؤرخين جزائريين في مرسيليا يدخل ضمن برنامج منح مخصّصة للباحثين الجزائريين للاطلاع على الأرشيف الفرنسي، رغم التوتر السياسي بين البلدين.
وأكد ستورا أن الإفراج عن صنصال “يوفر متنفسًا مهمًا” لاستمرار العمل في ملف الذاكرة، ويحرم التيارات اليمينية من استغلال القضية لإضعاف الجهود المبذولة في هذا المجال.
وكانت رئاسة الجمهورية قد أعلنت، أمس، إنهاء ملف بوعلام صنصال بعد أكثر من سنة من الجدل، عقب إصدار الرئيس عبد المجيد تبون عفوًا خاصًا عنه استجابة لطلب الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، مراعاة لحالته الصحية. وأوضحت الرئاسة أن ألمانيا ستتكفل بنقله وعلاجه.
وبذلك يُطوى أحد أكثر الملفات حساسية خلال العام الماضي، وسط آمال بأن تشكل هذه الخطوة مقدمة لفتح حوار أوسع بين الجزائر وفرنسا، رغم بقاء الطريق نحو تطبيع كامل طويلًا ومعقدًا.
المصدر:
الجزائر الآن
مصدر الصورة