شهدت القصبة السفلى بالعاصمة الجزائرية حدثًا ثقافيًا بارزًا مع إعادة فتح “دار البشطارزي” بعد عملية ترميم دقيقة أعادت لهذا المعلم التاريخي رونقه وأصالته، لتصبح الدار اليوم رمزًا لنجاح الجزائر في صون تراثها المعماري والثقافي.
وأعادت فرق متخصصة في ترميم المباني التاريخية الحياة إلى هذا الصرح العريق، حيث نفذت أعمال الترميم بدقة هندسية عالية وباحترام تام للهوية المعمارية الأصلية.
وسعت الجهود إلى الحفاظ على كل تفاصيل المكان التي تشهد على عبق التاريخ الجزائري، بدءًا من الجدران والمكونات الزخرفية وصولًا إلى الهياكل الداخلية.
كما عملت فرق الهندسة على تدعيم البنية الأساسية باستخدام مواد وتقنيات تتماشى مع الطابع الأصلي للبناء، فيما جرى معالجة الجدران التقليدية بالجير الطبيعي للحفاظ على نفاذية الجدران كما كانت قديمًا.
وشملت الأشغال ترميم الزخارف الخشبية والجصية بدقة فنية نادرة، مع إدخال حلول هندسية مبتكرة لتصريف مياه الأمطار وحماية المبنى من الرطوبة، دون المساس بجماله الأصيل.
تجدر الإشارة إلى أن هذه العملية واكبتها رقابة صارمة من مهندسين مختصين في ترميم التراث المعماري، لضمان احترام المعايير التقنية الخاصة بالمباني التاريخية، مما جعل المشروع مثالًا للتوازن بين الأصالة والتطور التقني الحديث.
لتتحول دار البشطارزي بعد ترميمها إلى فضاء ثقافي نابض بالحياة، يجمع بين عبق الماضي وحيوية الحاضر. فقد صمم فضاؤها الداخلي لاستضافة الأنشطة الفنية والثقافية، واستقبال الفنانين والمعارض التي تبرز الحرف والصناعات التقليدية الجزائرية.
وتحمل الدار اسم المبدع الراحل محي الدين بشطارزي، رائد المسرح الجزائري، الذي كان يستعمل هذا المكان في عشرينيات القرن الماضي لتدريب فرقته المسرحية. واليوم، تستعيد الدار روحها الفنية لتكون منبرًا جديدًا للإبداع واللقاءات الثقافية في قلب العاصمة.
وتجسد إعادة افتتاح دار البشطارزي رؤية الجزائر الجديدة في حماية تراثها الحضاري وإبراز قيمتها الثقافية أمام العالم. حيث أن هذه الدار العتيقة في قلب الجزائر العاصمة هي بالفعل قصة نجاح تعيد الاعتبار للقصبة باعتبارها القلب التاريخي والثقافي النابض للجزائر، ورسالة تؤكد أن الحفاظ على الذاكرة المعمارية هو الطريق لبناء مستقبل يعتز بالماضي ويواكب الحداثة.
المصدر:
الإخبارية