● ستورا يفكك خطاب اليمين الفرنسي: اتفاقية 1968 لم تعد تمنح الجزائريين أي امتياز
الجزائر الآن _ بعدما تمكن اليمين المتطرف من فرض منطقه داخل البرلمان والتصويت على إلغاء اتفاقية 1968 المنظمة لهجرة الجزائريين إلى فرنسا، يسعى حزب التجمع الوطني بقيادة عائلة لوبان إلى استثمار هذا الملف سياسياً، ولكن المؤرخ بنجامين ستورا لم يترك الميدان خاليا، حيث خرج عن صمته ليردّ بحزم، مؤكدًا أن ما يُروَّج حول “امتيازات الجزائريين” مجرّد خرافة سياسية تخدم أجندة انتخابية لا أكثر.
● “اتفاقية بلا امتيازات“
في حوار مع صحيفة “ليبراسيون”، قال ستورا إن إثارة موضوع الاتفاقية داخل الجمعية الوطنية يعكس عمق الأزمة بين الجزائر وفرنسا، محذرًا من أن أي محاولة للمساس بها ستؤدي إلى مزيد من التصعيد. وأوضح أن ما تبقى من اتفاقية 1968 لا يمنح الجزائريين أي ميزة تفضيلية، لأن تعديلات متتالية ألغت أغلب بنودها الأصلية، لتصبح اليوم “اتفاقية رمزية أكثر منها عملية”.
● “أكاذيب إيديولوجية“
وفي حديث ثانٍ لموقع “لا فوا دو نور”، انتقد ستورا ما وصفه بـ“الأكاذيب الإيديولوجية” التي يروّجها زعماء اليمين المتطرف، وفي مقدمتهم مارين لوبان، حول كون الجزائريين يتمتعون بامتيازات خاصة. وقال إن هذه الادعاءات “تسعى إلى شيطنة الجالية الجزائرية في فرنسا وتقديمها كعبء مجتمعي”، مضيفًا أن الهدف الحقيقي من هذه الحملة هو “كسب أصوات انتخابية من خلال إثارة المشاعر المعادية للمهاجرين”.
اتفاقية تغيّر وجهها عبر الزمن
ذكّر ستورا بأن اتفاقية 1968 لم تبقَ على حالها، إذ جرى تعديلها ثلاث مرات أفقدتها مضمونها الأصلي:
ـ في 1985، فُرضت التأشيرة على الجزائريين لأول مرة بعد أن كانت حرية التنقل مكفولة بموجب اتفاقيات إيفيان.
ـ في 1994، تم تشديد قوانين الإقامة ومنع المقيمين من مغادرة فرنسا لأكثر من ثلاث سنوات.
ـ في 2001، أُلغيت معظم التسهيلات المتعلقة بالتأشيرات والإقامة، ولم يبق سوى بعض الامتيازات التجارية.
من “حرية التنقل” إلى “صفوف التأشيرات”
يرى المؤرخ الفرنسي أن الانحدار الحقيقي بدأ سنة 1974 عندما قرر الرئيس فاليري جيسكار ديستان غلق الحدود أمام الهجرة الجزائرية وطرد عشرات الآلاف من العمال، ثم جاءت مرحلة التأشيرة عام 1986 لتقضي على ما تبقّى من حرية التنقل. وقال ستورا بلهجة نقدية: “منذ ذلك التاريخ، تحوّل الجزائري من زائرٍ طبيعي إلى طالب تأشيرة ينتظر بالساعات أمام القنصليات”.
● صوت العقل في باريس الغاضبة
عودة ستورا إلى الساحة الإعلامية لم تكن صدفة، بل ردّ فعل على تصاعد الخطاب العدائي تجاه الجزائر في فرنسا. فالرجل الذي يُعد أحد أبرز المستشارين في ملف الذاكرة لدى الرئيس إيمانويل ماكرون، أراد من خلال تصريحاته الأخيرة تذكير الطبقة السياسية الفرنسية بأن استهداف الجزائريين أو العبث بالاتفاقيات التاريخية لن يحلّ أزمة باريس مع الجزائر، بل سيعمّقها أكثر.
المصدر:
الجزائر الآن
مصدر الصورة