الجزائر الآن _ قررت الجزائر، اليوم الجمعة، عدم المشاركة في التصويت على مشروع قرار مجلس الأمن الخاص بتجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، معتبرة أن النص “لا يعكس المبادئ الأممية لإزالة الاستعمار” ولا يتضمن “إشارة واضحة إلى مقترح جبهة البوليساريو”، التي تعتبرها الجزائر الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي.

وجاء هذا القرار عقب مفاوضات ماراطونية خاضتها الدبلوماسية الجزائرية خلال الأيام الماضية على أكثر من جبهة، من الجزائر العاصمة إلى نيويورك وواشنطن، في مسعى لتعديل الصيغة الأصلية للنص المقترح من قبل الولايات المتحدة الأمريكية — التي تتولى دور “حامل القلم” في هذا الملف — وإعادة التوازن إليه بما يتماشى مع مبادئ الأمم المتحدة وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها.

● من انحياز للمغرب إلى نص متوازن يفتح المجال لكل الحلول

في الوقت الذي وُصفت فيه النسخة الأولى للمشروع بانحياز واضح للموقف المغربي، نجحت الجزائر في إعادة صياغة جوهر القرار ليصبح أكثر اتزاناً وموضوعية. فقد أصبح النص النهائي يؤكد أن أي حل سياسي يجب أن يكون مقبولاً من الطرفين، وأن يندرج ضمن مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وصولاً إلى تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير.

كما شدد القرار على الدور المحوري لبعثة المينورسو في دعم جهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة لإيجاد تسوية سلمية، مجدداً ولايتها لمدة سنة كاملة بدل ثلاثة أشهر كما كان مقترحاً في البداية، وهو ما اعتُبر انتصاراً دبلوماسياً جزائرياً في حد ذاته.

● تعديل جوهري في لغة القرار: من “خطة جدية” إلى “خيار من بين خيارات“

بحسب وكالة الأنباء الجزائرية (وأج)، تمكنت الجزائر من إقناع عدة دول أعضاء في المجلس بالضغط على واشنطن لسحب العبارات التي كانت تصف مقترح الحكم الذاتي المغربي بأنه “خطة جدية وذات مصداقية وواقعية”، حيث بات النص الجديد يعتبره مجرد خيار ضمن مقترحات أخرى قابلة للنقاش في إطار المسار التفاوضي الأممي.

هذا التعديل، وفق مصادر دبلوماسية متطابقة، يمثل تحولاً مهماً في الموقف الدولي من النزاع، إذ يُعيد الاعتبار للمبدأ الأساسي في القضية، وهو حق الشعب الصحراوي غير القابل للتصرف في تقرير مصيره.

● الجزائر تؤكد استقلال قرارها ورفضها لأي ضغوط

موقف الجزائر، كما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية، جاء ليؤكد أن الجزائر سيدة قرارها السيادي، وأنها “لا ولن ترضخ لأي ضغوط أو مساومات، أياً كان مصدرها”، متمسكة بموقفها الثابت في الدفاع عن قضايا التحرر العادلة، وعلى رأسها القضية الصحراوية، التي تعتبرها امتداداً طبيعياً لتاريخها التحرري ومبادئها الدبلوماسية الراسخة.