آخر الأخبار

الجزائر في صدارة الأمن الغذائي.. سيادة تبدأ من الأرض

شارك
بواسطة محمد،قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد،قادري

الجزائرالٱن _ سجّلت الجزائر خطوة جديدة في مسارها نحو تحقيق السيادة الغذائية، بعدما احتلت المرتبة 48 عالميا من أصل 123 دولة شملها تصنيف مؤشر الجوع العالمي 2025، بمؤشر بلغ 7.1، ما يضعها ضمن فئة “الجوع المنخفض”.

النتائج التي أصدرتها منظمات Welthungerhilfe وConcern Worldwide ومعهد القانون الدولي للسلام والنزاعات المسلحة (IFHV) تعكس بوضوح نجاعة السياسات الجزائرية في مواجهة التحديات الغذائية والاجتماعية، ضمن رؤية تنموية شاملة هدفها تقليص التبعية وتعزيز الإنتاج الوطني.

من صحراء العطش إلى واحات الإنتاج

في العقد الأخير، أعادت الجزائر رسم ملامح خريطتها الفلاحية، بتحويل مناطق الجنوب إلى مراكز إنتاج ضخمة.

في بسكرة والوادي وورقلة والأغواط، تحوّلت الرمال إلى حقول خضراء، تُنتج القمح والبطاطا والبرسيم والخضر بكميات كانت قبل سنوات حلمًا بعيدًا.

هذه الثورة الزراعية لم تكن صدفة، بل ثمرة سياسة قائمة على الاستصلاح، المكننة، والريّ الذكي، وهي عوامل جعلت الزراعة الصحراوية عنوانًا لتحول استراتيجي يغيّر وجه الاقتصاد الوطني.

الفلاح الجزائري.. جندي في معركة السيادة

التحولات الميدانية لم تكن لتتحقق دون الفلاحين والمستثمرين الذين تحولوا إلى طليعة في معركة الأمن الغذائي.

فالدولة فتحت أمامهم أبواب التمويل، وقدمت البذور والأسمدة الحديثة، ورافقتهم بخطط تأطير وتكوين، ما مكّن من مضاعفة إنتاج القمح الصلب واللين، ورفع الصادرات الزراعية تدريجياً.

لقد عاد الفلاح الجزائري ليكون رمز السيادة كما كان المجاهد رمز الحرية.

عدالة الغذاء.. بعدٌ اجتماعي في قلب المعادلة

السياسة الفلاحية لم تنفصل عن بعدها الاجتماعي، فالدولة واصلت دعم المواد الأساسية كالقمح والزيت والحليب والسكر، وضمنت أسعارًا مرجعية تراعي القدرة الشرائية للمواطنين، خصوصًا في الفئات الهشة والمناطق النائية.

كما استمرت برامج الإطعام المدرسي والتغذية الجماعية في المدارس والمستشفيات والجامعات، لتضمن الدولة أن لا يُترك أي جزائري فريسة للجوع أو الحرمان.

عندما تتحول الزراعة إلى دبلوماسية

لم تمر التجربة الجزائرية دون إشادة دولية، فالتقرير الأممي وصفها بأنها “نموذج فعال ومستدام” استطاع الجمع بين الرؤية الاقتصادية والتضامن الاجتماعي، لتصبح الجزائر من بين الدول القليلة في إفريقيا التي نجحت في الحفاظ على مستوى جوع منخفض رغم الأزمات المناخية والاقتصادية.

بهذا، تحولت التجربة الجزائرية إلى قضية دبلوماسية إيجابية، ترفع صورة البلاد في المحافل الدولية كنموذج إفريقي رائد في الأمن الغذائي.

من أمن الغذاء إلى أمن المستقبل

تعمل الجزائر اليوم على جعل الزراعة قاطرة لتنويع الاقتصاد الوطني، من خلال دعم المؤسسات الناشئة في الصناعات الغذائية وتشجيع التصدير نحو الأسواق الإفريقية والعربية.

الرهان القادم هو الاكتفاء الذاتي الكامل في القمح والزيوت والبقوليات، ما سيجعل الجزائر قوة غذائية إقليمية حقيقية.

المرتبة 48.. رقم يحمل معنى السيادة

هذا التقدم ليس مجرد ترتيب إحصائي؛ إنه اعتراف عالمي بقدرة الجزائر على تحويل إرادتها السياسية إلى نتائج ملموسة.

في عالم يزداد جوعًا، تثبت الجزائر أن الاستثمار في الأرض هو استثمار في الكرامة والسيادة، وأن تحرير الوطن لا يكتمل إلا حين يتحرر الخبز من التبعية.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا