الجزائرالٱن _ انطلقت، صباح اليوم الخميس، مسابقة التوظيف الوطنية لمؤسسة بريد الجزائر، في تجربة هي الأولى من نوعها تعتمد كليًا على الامتحان الرقمي عبر منصة إلكترونية، ما يتيح للمترشحين إجراء الاختبار دون الحاجة للتنقل أو التعامل مع الأوراق التقليدية.
تجربة رقمية رائدة
منذ الساعة العاشرة صباحًا، تمكن المترشحون من الولوج إلى المنصة الإلكترونية الخاصة بالمسابقة، وذلك في إطار حرص المؤسسة على تسهيل العملية وضمان الشفافية وتكافؤ الفرص. وقد أُغلق باب الولوج مباشرة بعد هذا التوقيت، تأكيدًا على احترام المواعيد المحددة.
هذه الخطوة تمثل نقلة نوعية في فلسفة التوظيف العمومي بالجزائر، حيث تتحول العملية من نموذج بيروقراطي ثقيل إلى نموذج رقمي شفاف يُدار لحظيًا وهو ما يعتبر نجاحا واضحا لقطاع البريد بأكمله . فهي تعكس بداية تحول أعمق في عقل الدولة الجزائرية نحو “الحوكمة الرقمية”، التي تربط بين الكفاءة، والعدالة، والتقنيات الذكية في إدارة الموارد البشرية.
امتحان تفاعلي بنظام QCM
يتضمن الامتحان أسئلة متعددة الاختيارات (QCM) بإجابة واحدة صحيحة، مع إلزام المترشح بالضغط على زر “التالي” بعد اختيار الإجابة للانتقال إلى السؤال الموالي.
ويشمل الاختبار 90 سؤالًا توزعت على النحو التالي:
منصب مكلف بالزبائن: 55 سؤالًا في مدة 60 دقيقة.
باقي المناصب: 35 سؤالًا في مدة 40 دقيقة.
ويُمنح المترشح 60 ثانية فقط للإجابة على كل سؤال، حيث ينتقل النظام تلقائيًا إلى السؤال التالي عند انتهاء الوقت.
آلية الأسئلة الزمنية الدقيقة، بحسب المختصين، تُبرز توجهًا نحو اختبار القدرات الذهنية والسرعة في اتخاذ القرار، وهي مهارات أساسية في بيئة العمل الحديثة .
هذا الأسلوب يعزز موضوعية التقييم ويقلل من التأثيرات الخارجية، في وقت تسعى فيه المؤسسات العمومية إلى إعادة تعريف مفهوم الكفاءة بعيدًا عن المحسوبية أو العلاقات الشخصية.
نظام مراقبة ذكي ضد الغش
زُوّدت المنصة بنظام مراقبة آلي متطور يرصد أي محاولة خروج من صفحة الامتحان أو تغيير النافذة أو إعادة تحميل الصفحة. كما أن أي محاولة لإعادة الدخول بعد إنهاء الامتحان تُسجل كمخالفة قد تؤدي إلى الإقصاء النهائي.
تعليمات صارمة للحفاظ على النزاهة
دعت مؤسسة بريد الجزائر المترشحين إلى استخدام جهاز واحد فقط طيلة فترة الامتحان (هاتف ذكي، حاسوب أو لوح إلكتروني)، مشددة على أن أي محاولة لفتح الامتحان من جهاز آخر ستؤدي إلى الإقصاء.
اعتماد نظام مراقبة ذكي هو خطوة متقدمة في بناء الثقة الرقمية بين المواطن والمؤسسة حسب المراقبين دائما .
فنجاح مثل هذه الآليات لا يقاس فقط بقدرتها على منع الغش، بل بمدى شعور المترشح بأن العملية عادلة وتخضع لمعايير موضوعية.
وبالتالي ،فهي تجربة تؤسس لثقافة جديدة في التوظيف قائمة على “الشفافية التكنولوجية”.
النتائج تُعلن في نفس اليوم
إعلان النتائج في اليوم نفسه يُعد قفزة في تسريع الخدمات الإدارية ويختصر أسابيع من الانتظار إلى ساعات معدودة.
هذه السرعة في التفاعل تُعيد تعريف العلاقة بين الإدارة والمواطن، من علاقة “وصاية” إلى علاقة “خدمة”، وهو جوهر التحول الرقمي في المؤسسات العمومية الحديثة.
وسيُسمح للمترشحين بالولوج إلى المنصة مجددًا ابتداءً من الساعة الثالثة زوالًا (15:00) للاطلاع على النتائج.
بهذه الخطوة، يؤكد بريد الجزائر عزمه على مواكبة التحول الرقمي وتبسيط الإجراءات الإدارية، في تجربة يُنتظر أن تُعمم مستقبلًا على باقي القطاعات في الجزائر.
تجربة “بريد الجزائر” في التوظيف الرقمي ليست مجرد خطوة تقنية، بل إشارة سياسية وإدارية إلى دخول الجزائر فعليًا عصر الدولة الرقمية.
فهي تُجسّد التحول من إدارة الورق إلى إدارة البيانات، ومن الانتقاء البشري إلى الانتقاء الذكي القائم على الكفاءة.
وإذا ما جرى تعميم هذا النموذج على باقي القطاعات، فإن الجزائر ستنتقل من مرحلة “الرقمنة الشكلية” إلى مرحلة الحوكمة الرقمية المتكاملة التي تشكل أحد أعمدة “رؤية الجزائر الرقمية 2030″، حيث يصبح المواطن في قلب الخدمة، والشفافية في صلب الأداء، والكفاءة معيار النجاح.
المصدر:
الجزائر الآن
مصدر الصورة