آخر الأخبار

مقال رأي | مليون شجرة تفضح المؤثرين المزيفين

شارك
بواسطة محمد،قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد،قادري

مليون شجرة تفضح المؤثرين المزيفين

الجزائرالٱن _ في يوم واحد، زُرعت مليون شجرة في الجزائر. مبادرة تاريخية أطلقها شاب من باتنة اسمه فؤاد معلى، فلبّى الآلاف النداء من كل ولايات الوطن.

رجال ونساء، شباب وشيوخ، خرجوا إلى الحقول والجبال والسهول، حاملين أشتال الأمل، يغرسونها في تراب الجزائر.

كانت لحظة نادرة من الوحدة والفعل الحقيقي، لحظة يفترض أن يتصدرها من يدّعون “التأثير” في المجتمع.

لكن أين كانوا؟

أين كان من يملكون الملايين من المتابعين؟ أين اختفى “المؤثرون” الذين يملؤون منصات التواصل الاجتماعي بالرقصات التافهة والتحديات الفارغة والمحتوى الذي لا يسمن ولا يغني من جوع؟ أين غاب من يتباهون بالأرقام الفلكية للمشاهدات، بينما شاب بسيط من باتنة يحرك شعباً بأكمله بفكرة واحدة نبيلة؟

السبت 25 أكتوبر 2025 لم يكن مجرد يوم لزراعة الأشجار، بل كان يوم كشف الحقيقة: من هو المؤثر الحقيقي؟ ومن هو المزيف؟

التأثير الحقيقي لا يُقاس بعدد المتابعين

فؤاد معلى ليس نجماً بمعنى “السوشيال ميديا”.

لا يملك ملايين المتابعين، ولا يظهر في إعلانات تجارية كل ساعة، ولا يرقص على أنغام “الترند” الأخير.

لكنه فعل ما لم يستطع أن يفعله كل “المؤثرين” مجتمعين: حرّك شعباً بأكمله نحو هدف حقيقي.

مليون شجرة في يوم واحد.

هذا ليس رقماً عابراً، بل إنجاز وطني يستحق أن يُخلّد. وقد تحقق بفضل شاب آمن بفكرة، ونشرها بصدق، فاستجاب لها الجزائريون لأنهم رأوا فيها قيمة حقيقية، لا مجرد محتوى للاستهلاك السريع.

فؤاد لم يطلب “لايك”، ولم يقل “شاركوا الفيديو للوصول إلى مليون مشاهدة”.

طلب فعلاً على الأرض، فكان الفعل. هذا هو التأثير الحقيقي.

المؤثرون المزيفون: ملايين المتابعين… وصفر تأثير

. في نفس الوقت الذي كان فيه الآلاف يزرعون الأشجار، اختفى “المؤثرون” تماماً.

لم يُشِر أحدهم إلى المبادرة من قريب أو بعيد. لا فيديو، لا منشور، لا حتى كلمة عابرة.

غابوا تماماً عن المشهد، وكأن زراعة مليون شجرة في يوم واحد لا تعنيهم، وكأن مبادرة وطنية بهذا الحجم لا تستحق دقيقة واحدة من وقتهم “الثمين”.

لنكن صريحين: هؤلاء لا يعرفون المبادرات الجادة ولا يهتمون بها.

عالمهم محصور في “الترندات” السطحية، في المحتوى الذي يحقق مشاهدات سريعة، في كل ما هو استهلاكي وفارغ.

أما القضايا الحقيقية، المبادرات الوطنية، الأفعال التي تخدم المجتمع، فهي خارج رادارهم تماماً.

أين كانوا يوم السبت؟ لماذا لم يستخدموا “منصاتهم الضخمة” للترويج لمبادرة مليون شجرة؟ لماذا لم نرَ فيديو واحداً من هؤلاء “النجوم” وهم يزرعون شجرة، أو على الأقل يدعون متابعيهم للمشاركة؟

الجواب مُرّ لكنه صريح: لأن هذه المبادرات لا تدخل ضمن اهتماماتهم.

هم لا يبحثون عن التأثير الحقيقي، بل عن الشهرة السريعة والربح السهل. والمبادرات الجادة لا تحقق لهم ذلك، فيتجاهلونها ببساطة، كأنها غير موجودة.

عندما تصبح التفاهة مهنة

المشكلة ليست في وجود محتوى ترفيهي، فالترفيه مطلوب وضروري.

المشكلة في أن التفاهة أصبحت هي المعيار، وأن من يقدمها يحصد الملايين من المتابعين والأموال، بينما من يقدم محتوى حقيقياً يبقى في الظل.

المشكلة في أن هؤلاء “المؤثرين” يتحملون مسؤولية أخلاقية واجتماعية تجاه متابعيهم، خاصة إذا كان معظمهم من الشباب.

ومع ذلك، يختارون نشر محتوى يتعارض مع قيم المجتمع، يشجع على الاستهلاك الأعمى، ويكرّس ثقافة السطحية.

فؤاد معلى علّمنا درساً، وهو أنّ التأثير الحقيقي لا يُشترى بالإعلانات، ولا يُقاس بعدد المتابعين. التأثير الحقيقي هو القدرة على تحريك الناس نحو الخير.

الجزائريون اختاروا: فؤاد هو المؤثر الحقيقي

يوم السبت 25 أكتوبر 2025، قال الجزائريون كلمتهم بأفعالهم. خرجوا بالآلاف، ليس لمشاهدة فيديو تافه، بل ليزرعوا مستقبلاً أخضر. استجابوا لشاب بسيط لم يملك سوى فكرة نبيلة، بينما تجاهلوا من يدّعون “التأثير” وهم لا يقدمون سوى الفراغ.

هذا هو الاختيار الواعي، الجزائريون يعرفون الفرق بين من يستحق أن يُتابع، ومن يستحق أن يُتجاهل.

فؤاد معلى ليس مجرد شاب أطلق مبادرة. فؤاد معلى هو نموذج المؤثر الحقيقي، الذي يستخدم صوته لخدمة وطنه ومجتمعه، لا لملء جيوبه أو إشباع غروره.

رسالة إلى المؤثرين المزيفين

إن كنتم تملكون فعلاً ملايين المتابعين، فاستخدموهم في شيء مفيد.

شاركوا في المبادرات الوطنية.

ادعموا القضايا الحقيقية. كونوا قدوة، لا مجرد أدوات لبيع الوهم.

وإن لم تفعلوا، فلا تتباهوا بأنكم “مؤثرون”، لأن التأثير الحقيقي يُقاس بالفعل، لا بعدد المتابعين.

مليون شجرة… ومليون درس

يوم السبت 25 أكتوبر 2025، زُرعت مليون شجرة، لكن الأهم من ذلك، زُرعت فكرة، وهي أنّ التأثير الحقيقي لا يأتي من الأرقام الفارغة، بل من القيم الحقيقية.

فؤاد معلى هو المؤثر الحقيقي، والجزائريون أثبتوا أنهم يعرفون من يستحق الاحترام والتقدير.

أما الباقون، فليعودوا إلى فيديوهاتهم التافهة، لكن دون أن يدّعوا أنهم “يؤثرون” في أحد.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا