● جبهة البوليساريو ترفض مشروع القرار الأميركي حول الصحراء الغربية وتؤكد عدم مشاركتها في أي عملية سياسية على أساسه
الجزائر الآن _ عشية انعقاد جلسة مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي حول بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (المينورسو)، بعث ممثل جبهة البوليساريو لدى الأمم المتحدة والمنسق مع البعثة، الدكتور سيدي محمد عمار، رسالة رسمية إلى السفير فاسيلي نيبينزيا، الممثل الدائم لروسيا الاتحادية والرئيس الحالي لمجلس الأمن، عبّر فيها عن رفض الجبهة القاطع لمشروع القرار الأميركي المقترح بشأن القضية الصحراوية.
مشروع القرار الأميركي محلّ رفض
قالت الجبهة إنها اطّلعت على مشروع القرار الذي وزّعته الولايات المتحدة الأمريكية في 22 أكتوبر الجاري على أعضاء المجلس، مشيرةً إلى أنه يعكس “انحرافاً خطيراً وغير مسبوق” عن مبادئ القانون الدولي التي تؤطر مسألة الصحراء الغربية كقضية تصفية استعمار.
ووفق نص الرسالة، ترى البوليساريو أن المشروع يتضمن عناصر تمسّ بجوهر عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، وتشكّل – بحسبها – انتهاكاً للوضع القانوني للإقليم الذي ما يزال مدرجاً على لائحة الأقاليم غير المستقلة.
كما جددت التذكير بأن مجلس الأمن سبق أن حدّد الإطار المرجعي للحل السياسي من خلال مفاوضات مباشرة بين الطرفين، دون شروط مسبقة، وبهدف الوصول إلى تسوية دائمة تضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.
هذا الرفض لا يأتي بمعزل عن السياق الدولي المتوتر داخل مجلس الأمن، حيث تسعى واشنطن – وفق تقديرات دبلوماسية – إلى فرض صيغة سياسية تخدم الطرح المغربي، في مقابل اعتراضات روسية وجنوب إفريقية تدعو إلى احترام المرجعية القانونية للأمم المتحدة.
ومن هذا المنطلق، تُعد رسالة البوليساريو محاولة استباقية لإعادة ضبط ميزان المواقف، وضمان ألا يتحول القرار الجديد إلى سابقة تُقوّض مبدأ تقرير المصير.)
● السيادة للشعب الصحراوي
وأكدت الرسالة بحسب ما كشفته وكالة الأنباء الصحراوية أن محكمة العدل الدولية سبق أن أقرت بأن لا سيادة لأي دولة على الصحراء الغربية، وأن الشعب الصحراوي هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبله بحرية، وهو حق “غير قابل للمساومة أو التقادم”.
وشددت البوليساريو على أن أي مبادرة أو مقاربة تفرض نتائج مسبقة للمفاوضات أو تحدد شكل الحل قبل انطلاق العملية السياسية، تعتبرها الجبهة “غير شرعية وغير مقبولة على الإطلاق”.
كما ذكّرت بأنها قدّمت منذ بداية مسار السلام تنازلات مؤلمة من أجل حل عادل ودائم، وقدّمت مؤخراً (في 20 أكتوبر الجاري) مقترحاً موسعاً إلى الأمين العام للأمم المتحدة يعكس استعدادها للانخراط في مفاوضات جدية وفق الشرعية الدولية.
ومع ذلك، أعلنت البوليساريو بوضوح أنها لن تشارك في أي عملية سياسية إذا تم تمرير مشروع القرار الأميركي بصيغته الحالية، دون الأخذ بملاحظاتها الأساسية.
من منظور استراتيجي، يرى المتابعين الملف أن البوليساريو تسعى من خلال هذا الموقف إلى تثبيت ما تسميه “الخط الأحمر القانوني” في أي تسوية مستقبلية، وهو الاعتراف الصريح بحق تقرير المصير كأرضية أولى لأي حوار. فالمسألة بالنسبة لها ليست رفضاً للدبلوماسية، بل رفضٌ لمنطق الحلول المفروضة من فوق، ما يعيدها إلى مربع التناقض بين “المشروعية القانونية” و”الواقعية السياسية” التي تحاول بعض العواصم تمريرها وعلى رأسها( واشنطن و باريس) كخيار وحيد في المرحلة الراهنة.
● دعوة إلى مفاوضات جادة ومتوازنة
وفي ختام الرسالة، أعرب ممثل البوليساريو عن ثقته في التزام أعضاء مجلس الأمن بمبادئ الميثاق الأممي، داعياً جميع الأطراف المؤثرة إلى استخدام نفوذها من أجل تهيئة الظروف المناسبة لمفاوضات “جادة وذات مصداقية ومحددة زمنياً” بين الجبهة والمغرب.
وأبرز أن السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم وعادل في المنطقة هو تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير عبر آلية أممية نزيهة، مؤكداً أن أي حل يخرج عن هذا الإطار “لن يكون قابلاً للاستمرار”.
وختم الدكتور سيدي محمد عمار رسالته بطلب من السفير الروسي تعميم محتواها على أعضاء مجلس الأمن، لما تحمله من طابع مستعجل ورسالة سياسية واضحة تجاه المسار الأممي المقبل.
و يأتي هذا التحرك بحسب ذات المتابعين ،في توقيت دقيق يسبق تجديد ولاية بعثة المينورسو، ما يجعل من الرسالة أداة ضغط دبلوماسية موجهة نحو أعضاء المجلس.
جبهة البوليساريو تراهن على الموقفين الروسي والصيني، وعلى دعم عدد من الدول الإفريقية والأمريكية اللاتينية، لمعادلة ما تعتبره “انحرافاً أميركياً” في الصياغة.
في المحصلة، تسعى البوليساريو إلى فرض معادلة جديدة: لا مفاوضات بلا مرجعية تقرير المصير، ولا سلام بلا ضمانة أممية واضحة.
المصدر:
الجزائر الآن
مصدر الصورة