●الرقمنة في عهد الرئيس تبون..رهان إستراتيجي لاعادة هندسة الدولة الجزائرية
●الوزيرة المحافظة السامية للرقمنة، مريم بن مولود : دزاير سرفيسز خطوة حاسمة نحو جزائر رقمية موحدة
● الخبراء يبرزون “للجزائر الآن” الافاق المستقبلية للإقتصاد الرقمي بالجزائر
الجزائر الأن -يشير الخبراء في الشأن الاقتصادي إلى أن الجزائر تشهد في السنوات الأخيرة تحولًا رقميًا متسارعًا، تجلى فعليًا في تحقيق قفزات ملحوظة على مستوى مؤشرات التنمية الرقمية.
ويجمع المتابعون على أن هذا التحول لا يقتصر على تحديث البنية التحتية أو الخدمات فحسب، بل يمثل مرحلة جديدة من الحوكمة الإلكترونية الرشيدة المستهدفة ، التي تجعل من الرقمنة أداة فعالة لتطهير الإدارة من الممارسات البيروقراطية، ومحاربة الفساد، وتعزيز الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
غير أنه و أمام هذا التقدم الهيكلي، وبحسب غالبية المختصين يرونه لازال في بداياته لوجود عددًا من التحديات الحقيقية التي لا تزال تعيق بلوغ النضج الرقمي بالكامل في الجزائر .
وفي تفسيرهم لذلك ،وإن كانوا متفائلين بالإنجازات الجارية للحكومة الجزائرية في بلوغ رهانات وتحديات الانتقال بالنظر إلى التوسع الواعد في البنية التحتية والخدمات الرقمية،إلا أنه ما زالت توجد نسبة تأخر في تبني الحلول الرقمية والتي يرونها لازالت تراوح مكانها أو تكاد تكون ضعيفة وفي عدد من القطاعات الاستراتيجية، لا سيما في بعض القطاعات الاقتصادية والإدارية الكبرى التي لازالت تقاوم في صمت .
ويظهر ذلك جليًا في محدودية انتشار أجهزة الدفع الإلكتروني (TPE)، التي تغطي نحو 2.68٪ فقط من إجمالي التجار، ما يعكس بطء ترسيخ ثقافة المعاملات الإلكترونية لدى الفاعلين الاقتصاديين .كما يبين بوضوح الفارق الشاسع بين أهداف الرئيس تبون وفيما تحقق لحد الآن .
غير أن الملاحظ ،أن هناك إجماع من طرف أهل المختصين بأن الرقمنة في عهد الرئيس تبون تحولت إلى رهان إستراتيجي لإعادة هندسة الدولة الجزائرية لأول مرة منذ الاستقلال لما ستحققه من نتائج بعد تعميمها على شتى القطاعات والمجلات .
هذا وقد سبق و أن كشف محمد لوعيل مدير الحوكمة الرقمية بالمحافظة السامية للرقمنة وفي تصريحات سابقة بأنه هناك عدة مشاريع قد أطلقتها المحافظة السامية للرقمنة ، والتي قد ثم إنجازها، ومنها مشروع ،المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية ،والدي سوف يستوطن النظام الوطني المعلوماتي وكذا النظام الوطني للتشغيل البيني ،والبوابة الوطنية للخدمات الرقمية التفاعلية ،كذا الشبكة الوطنية السيادية لربط مختلف الدوائر الوزارية فيما بينها قصد تعزيز مسارات الإنتقال الرقمي بالجزائر.
● جبري : الجزائر تتقدم بخطوات ثابتة نحو التحول الرقمي: ترسانة قانونية لتعزيز الإدارة والاقتصاد الرقمي
أكد الدكتور والمحاضر في القانون بجامعة البليدة 2، جبري محمد، في تصريح صحفي لصحيفة الجزائر الآن” الاليكترونية ، بأن المشرع الجزائري قد عزز الترسانة القانونية المكرسة لدعم الإدارة الرقمية، مما يضع الجزائر على الطريق الصحيح نحو الانتقال الرقمي المتسارع، بعد أن تحول هذا المسار من مجرد شعار إداري إلى خيار استراتيجي يفرضه تطور الحوكمة الحديثة ، وأشار إلى أن هذا التحول لم يكن ممكنًا دون وجود إطار قانوني واضح يحدد معالم الانتقال الرقمي، ويضمن الشفافية، ويحمي الحقوق الرقمية للمواطن والمؤسسة على حد سواء. فالرقمنة، كما أوضح، ليست مجرد تجهيزات تقنية أو شبكات، بل هي منظومة تشريعية تنظم العلاقة مابين الإنسان والتكنولوجيا، وتبني الثقة في التعاملات الإلكترونية في الإدارة والاقتصاد والحياة اليومية.
كما كشف بأن بدايات التشريع الرقمي في الجزائر ،قد تجسدت كخطوات أولى من خلال صدور القانون الإطاري رقم 18-05 المؤرخ في 10 ماي 2018 المنظم لنشاط التجارة الإلكترونية، وهو الذي قد مهد و فتح الباب أمام الاقتصاد الرقمي، وضبط العقود والمعاملات الإلكترونية مابين المتعاملين الإقتصاديين .
كما حدد التزامات المتعاملين تجاه المستهلكين، مع ضمان حق الزبون في التراجع وحماية بياناته الشخصية.بحيث أن هذا القانون قد أرسي قاعدة مهمة، مفادها أن المعاملات الرقمية تُعتبر قانونية بالكامل، وهو ما منح الثقة للمواطن والمؤسسات العمومية والإقتصادية ، ومهّد الطريق نحو اقتصاد بلا أوراق، وفي خطوة لاحقة، فقد سارع المشرع الجزائري إلى إصدار القانون رقم 20-05 المؤرخ في 28 أفريل 2020 لحماية المعطيات الشخصية، تأكيدًا على أن التحول الرقمي يجب أن يتم دون المساس بخصوصية الأفراد وحرياتهم الشخصية .
و أسس أيضا ، هذا القانون لهيئة وطنية لمراقبة المعاملات المعلوماتية، وضمن توازنًا مابين حق التطور التكنولوجي وحق المواطن في الأمان الرقمي، وهو أحد أسس السيادة الرقمية الحديثة.
ويرى المختص في القانون ، بأنه ومع تزايد الحاجة لتحديث المرفق العام، فقد سارع المشرع الجزائري إلى إصدار القانون رقم 21-09 ليضع الإدارة الإلكترونية في صلب الحوكمة الرشيدة الإليكترونية ، مع اعتماد التوقيع الإلكتروني وتبادل الوثائق عبر المنصات الرقمية،وهو الأمر الذي قد ساهم في تعزيز سرعة الخدمة العموية وضمان شفافيتها ،وأدى بدوره إلى التخفيف من حدة البيروقراطية الإدارية .مبرزا بأن الحكومة الجزائرية لم تغفل البعد الاقتصادي وسوق الاقتصاد الوطني كون أن المشرع الجزائري قد أصدر القانون رقم 21-15 المتعلق بمكافحة المضاربة غير المشروعة ، وهو الذي قد أدرج الرقمنة كأداة رقابية لمتابعة حركية السلع والأسعار بدقة وشفافية، مؤكدًا أن التحول الرقمي ليس قطاعًا معزولًا، بل وسيلة لتعزيز مباديء النزاهة والشفافية وحماية الاقتصاد الوطني.
وفي سياق حماية البيانات الوطنية، فقد صدر المرسوم التنفيذي رقم 23-404، الذي ينظم تخزين وإدارة البيانات العمومية داخل التراب الوطني، ويضمن السيادة الرقمية من خلال منع تبعية البيانات لمراكز أجنبية، وهو جزء من الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي 2024–2030. ويختم الدكتور جبري محمد بأن المشرع الجزائري قد صاحب عمليات الإنتقال الرقمي في الجزائر بخارطة طريق جزائرية رقمية ،من خلال إصداره لمجموعة هذه النصوص القانونية والتشريعية والتي تظهر لنا مجتمعة وتبرز بأن الجزائر قد تبنت الإنتقال الرقمي على أسس قاعدية قانونية صلبة ، تجمع ما بين التنظيم، والابتكار، والحماية القانونية للمعاملات وحماية المعطيات والبيانات ، فالرقمنة لم تعد مجرد خيار تقني، بل قرار سيادي يعكس إرادة الدولة في تحويل الإدارة والاقتصاد والمجتمع إلى فضاء رقمي آمن وشفاف.
● نزار جلال عدناني: الرئيس تبون يرفع الرقمنة إلى أولوية وطنية لتعزيز الإدارة العمومية وتطوير النمو الاقتصاد يالجديد
أكد الدكتور نزار جلال عدناني، أستاذ محاضر في جامعة وهران 2 ومتخصص في الرقمنة والتكنولوجيات الحديثة، ومؤسس شريك لحاضنة الأعمال Makers Lab، ” للجزائر الآن” ، بأن تصريحات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون حول الإسراع في استكمال عملية الرقمنة قبل نهاية السنة الجارية تمثل ت وجهًا سياسيًا استراتيجيًا بعيد المدى ومبرزا و في هذا المجال بأن الرقمنة اليوم لم تعد مجرد خيار إداري ثانوي، بل أصبحت أداة أساسية وضرورة ملحة قصد إعادة بناء الدولة الحديثة على أسس الشفافية والكفاءة، وربطها بالنزاهة الإدارية، وذلك هو ما حمله تصريح الرئيس بصفة حاسمة وواضحة، إذ أن الرئيس تبون قد شدد على ضرورة تعميم الرقمنة قبل نهاية سنة 2025، معتبرًا أن المشروع قد أصبح أولوية وطنية قصوى، وأن أي تأخر أو تقاعس في تطبيقه سيقابل بإجراءات جذرية.
● الجزائر تشهد مرحلة جديدة من الحوكمة الرقمية تحت قيادة الرئيس تبون
وفي تحليله لتصريح الرئيس تبون بشأن الإسراع في الإنتقال الرقمي قبل نهاية السنة الجارية ،فقد أبرز عدناني بأن الرئيس قد أولى اهتمامًا بالغًا الأهمية لملف الانتقال الرقمي في الجزائر وإعتبره من من بين الأولويات الوطنية الكبرى ،حيث قد دشن عهدته الأولى مباشرة بوضع إطار مؤسساتي وذلك من خلال إصداره للمرسوم الرئاسي رقم 314-23 بتاريخ 6 سبتمبر 2023 والقاضي بإنشاء محافظة سامية للرقمنة وتحديد مهامها وتنظيمها وسيرها.والتي قد باتت مكلفة بتنظيم قطاع الرقمنة في الجزائر وتطويره.، وقد أصبح من جراء ذلك لدى الجزائر اليوم مفوضية سامية للرقمنة مريم بن مولود والتي تعمل جنبًا إلى جنب مع عدد من الوزراء الذين يشتركون في نفس الرؤية من بينهم وزير الفلاحة والتنمية الريفية مهدي ياسين وليد، و وزير التعليم العالي البروفيسور كمال بداري، وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية سيد علي زروقي ،وزيرة التكوين المهني والتمهين نسيمة أرحاب و وزير اقتصاد المعرفة و المؤسسات الناشئة و المصغرة ودعم المقاولاتية نور الدين واضح، والذين قد تضافرت جهودهم من أجل إنجاح وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمصغّرة .
وبهذه الإنجازات التي تميز عملية الإنتقال الرقمي في الجزائر فإن يمكن الجزم بأن الجزائر تشهد مرحلة جديدة من الحوكمة الرشيدة الرقمية تحت قيادة الرئيس تبون ، وذلك ما يبرز من خلال تصريحه لوسائل الإعلام أين بعث فيه برسالة واضحة لكل مسؤولي القطاع العام بأن البيانات الدقيقة قد أصبحت معيارًا لا يمكن التلاعب به، ومن يعمل بنزاهة لا يخشى الأرقام، أما من يفضل الغموض فهو كالخفافيش التي تحب الظلام”، كما أن رسالة الرئيس تبون قد جاءت أيضًا كتنبيه مباشر لبعض الإدارات التي ما تزال، حسب قوله، “تفضل العمل في الضبابية وتؤجل عمدًا اعتماد الرقمنة لتفادي الشفافية والمساءلة”، وهو ما اعتبره مؤشرًا واضحًا على ضرورة التحاق هذه الجهات بركب الإصلاح الرقمي دون تأخير.
● الرقمنة ألية تقنية لتحقيق العدالة الجبائية ومكافحة الفساد
أشار عدناني إلى أن تركيز الرئيس تبون على قطاعي العقار والضرائب العقارية يعكس التزام الدولة بالعدالة الجبائية، مؤكدًا أن الرقمنة ليست رفاهًا إداريًا، بل أداة عملية لتصحيح الاختلالات القديمة: “ليس من العدل أن يدفع صاحب عدد من الفيلات الفاخرة نفس الضريبة التي يدفعها من يملك مسكنًا بسيطًا.
فالرقمنة وفي هذه الحالات هي من التي بإمكانها من بأن تسمح و تتيح للمواطنين فرصة الوصول إلى معلومات دقيقة وتعيد التوازن للنظام الجبائي الوطني،ومبرزا بأن ربط الرقمنة بمحاربة الفساد يعكس إرادة سياسية واضحة لتطهير الإدارة الجزائرية من الممارسات غير النزيهة، وإرساء ثقافة جديدة في التسيير تعتمد وتقوم على مباديء الشفافية والنواهة والمساءلة وحق المواطن في الوصول إلى المعلومة.
وبهذا الخصوص فإن المشروع الرقمي يتجاوز البعد التقني ليصبح تحولًا استراتيجيًا في بنية الدولة، يعيد صياغة علاقة المواطن بالإدارة على أسس الثقة والكفاءة والمسؤولية ، ويمهد لعهد جديد تتقدم فيه الجزائر بخطى واثقة نحو إدارة عصرية واقتصاد وطني نظيف يتماشى مع متطلبات التحولات التكنولوجية الحديثة.
● التحوّل الرقمي الوطني في الجزائر رؤية تبون الإصلاحية نحو السيادة الرقمية
وفي قراءته لتصريحات الوزيرة المحافظة السامية للرقمنة مريم بن مولود ، حول إنجاز 46 عملية ربط بالألياف البصرية عالية التدفق لفائدة الدوائر الوزارية والهيئات العمومية، فإنه يرى بأن هذه الخطوة تمثل الأساس التقني لضمان انتقال فعلي وآمن للمعلومات نحو قاعدة البيانات الوطنية، وهو ما من شأنه تحسين جودة القرار العمومي الحكومي وتسريع وتيرة التحول الرقمي، وذلك هو ما أكد عليه الرئيس تبون ، معتبرا بأن دخول مركز البيانات الوطني بالمحمدية حيّز الخدمة، وإقتتراب الانتهاء من المركز الثاني بالبليدة وبنسبة إنجاز فاقت 75 بالمائة، سوف يعكسان إرادة الدولة في توطين التكنولوجيا وتحصين سيادتها الرقمية، وفيما يتعلق بالحوسبة السحابية، فقد أشاد بتوجه المحافظة السامية للرقمنة نحو تشجيع المؤسسات الوطنية على توطين أنشطتها الرقمية داخل البلاد، مبرزا بأن إنشاء “كلاود” مخصص للهيئات العمومية وآخر موجه للجمهور يمثل خطوة استراتيجية لترسيخ السيادة الرقمية وضمان أمن البيانات الوطنية.
ويكشف عدناني في الأخير إلى أن ما يجري اليوم من مشاريع ومبادرات رقمية ليس مجرد تحديث إداري، بل هو مسار وطني يرمي إلى بناء اقتصاد معرفة حقيقي، قائم على البيانات والابتكار، ويمهّد لمرحلة جديدة من التنمية المستدامة في الجزائر.، كما يرى بأن ما أعلنته موخرا الوزيرة، المحافظة السامية للرقمنة، مريم بن مولود، من إطلاق المنصة الوطنية “دزاير سرفيسز”ووضع النظام الوطني المعلوماتي حيز الخدمة، يؤكد دخول الجزائر مرحلة النضج الرقمي. وبهذا فإن مشروع الحكومة الإلكترونية لم يعد مجرد شعار إداري، بل أصبح خيارًا استراتيجيًا يفرضه العصر الحديث ومتطلبات التنمية الشاملة ،بحيث أن التحول الرقمي في الجزائر خلال السنوات الأخيرة لم يعد مسألة تقنية أو إدارية فحسب، بل أصبح قضية سيادية تؤثر في عمق الإصلاح الاقتصادي وبنية الدولة الحديثة، كون أن الرقمنة تمثل البوابة الأساسية لبناء منظومة اقتصادية قائمة على الشفافية والكفاءة والمساءلة. وتشكل منعطفًا حقيقيًا نحو تعزيز السيادة الرقمية للجزائر، وتجسد الإرادة السياسية الواضحة للرئيس تبون للمضي نحو بناء أسس متينة وجادة لمشروع رقمي وطني شامل، يتجاوز الانتقال التقني البحت ليصبح مشروعًا وطنيًا واستراتيجيًا متكاملً الأبعاد .
●الجزائر في طليعة إفريقيا بالذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي
يؤكد الدكتور نزار جلال عدناني بأن الجزائر وقصد كسب تحديات الإنتقال الرقمي وجعله واقع ميداني ملموس ، فإن الحكومة الجزائرية تسابق حاليا الزمن و تبذل جهودًا متكاملة لتطبيق استراتيجيتها الوطنية في مجال الذكاء الاصطناعي والتي قد أفصحت عنها في شهر ديسمبر الماضي، بمناسبة انعقاد المؤتمر الإفريقي الثالث للشركات الناشئة، والتي قد شكّلت نقلة نوعية و محطة مفصلية في مسار الجزائر نحو الريادة التكنولوجية والإنتقال الرقمي ، لتكون بذلك من أوائل الدول الإفريقية من خلال إعتمادها لوثيقة وثيقة رسمية ممنهجة بهدف تأطير هذا القطاع الحيوي الحساس .
بحيث أن الإستراتيجية الجززائرية قد إرتكزت على محاور إستراتيجية ـوالتي قد تعززت مباشرة في الإطار المؤسساتي المتكامل القانوني والتكويني من خلال إستحداث المدرسة الوطنية العليا للذكاء الاصطناعي “ENSIA” والتي مثلت خطوة مفصلية من بين هذه المحاور التي أعلنتها الجزائر ،حيث أصبحت هذه المؤسسة التكوينية والعلمية بمثابة “القلب النابض لمشروع الرقمنة الوطني”، من خلال تقديم تكوينات متقدمة للباحثين والمهندسين، مواكبة للمعايير الدولية في مجالات الذكاء الاصطناعي.
حيث تتوفر على أحدث التكنولوجيات في الذكاء الاصطناعي كونها مزوّدة بأحدث التجهيزات العصرية مثل وحدات المعالجة الفائقة NVIDIA H100 وL40S،وهو الأمر الذي قد مكّنها من تكوين كفاءات جزائرية شابة من خلال برامج نظرية وتطبيقية، وتطوير نماذج لغوية وأنظمة رؤية حاسوبية تخدم الاقتصاد الوطني وتدعم القطاعات الاستراتيجية كالصناعة، الأمن، والصحة .
مشيرا بأن التحول الرقمي في الجزائر لم يعد يقتصر على البعد المحلي، بل امتد إلى بعد إفريقي شامل، حيث تجلّى ذلك بوضوح خلال قمة إفريقيا لتكنولوجيات الإعلام والاتصال 2025 التي احتضنتها الجزائر، والتي شهدت الإعلان عن “إعلان الجزائر للتحول الرقمي في إفريقيا”، ليصبح مرجعًا قاريًا للتعاون الرقمي ما بين الدول الإفريقية وفي ذات السياق فقد أكد ذات الكختص ، بأن التجربة الجزائرية قد قدّمت نموذجًا ناجحًا قائمًا على توطين التكنولوجيا، تكوين الكفاءات الوطنية، توسيع شبكات الألياف البصرية، والاستعداد لإطلاق الجيل الخامس للذكاء الإصطناعي ، مما جعل الجزائر تثبت حضورها الرائد كإحدى القوى الرقمية الصاعدة في القارة الإفريقية ، ومثالًا يحتذى به في التحول الرقمي الإفريقي
● تنمية الكفاءات المحلية مفتاح التحول الرقمي الشامل
يرى الدكتور عدناني وبالرغم من كافة الجهود الجارية والتي قد بوءت الجزائر الصدارة الإفريقية ، إلا أن العملية التقنية لا تزال بحاجة إلى بعض الوقت قصد بلوغ الأهداف الحكومية المسطرة ،كون أن الإنتقال الرقمي لازال حديث في الجزائر والعملية تحتاج إلى فترة زمنية قصد الوصول إلى نسبة تغطية وطنية كاملة لجميع تحديات الانتقال الرقمي.
ومع ذلك، يوضح عدناني بأن الخبراء يتوقعون بأن تشهد الجزائر مرحلة متقدمة جدًا في هذا المجال ولاسيما مع حلول عامي 2026 و2027، لتصبح الرقمنة جزءًا أساسيًا وطبيعيًا من أداء مؤسسات الدولة، وبخصوص مستوى الثقة الرقمية ما بين الأفراد والمؤسسات العمومية أو الخاصة سواء كانت الادارية أو الاقتصادية أو حتى الخدماتية والمالية، فقد أبرز بأنهالا تتثير أي إشكال فني كان أو تقني في هذا المجال ، ولاسيما خاصة وأن الإطار العملي والمؤسساتي للقطاعات الوطنية قد صار جاهزا لهذه التجربة الواعدة لها، وإن كشف وبلغة الارقام، عن مؤشر إيجابية تتوقع مزيد من التحسن مع تسارع الابتكار التكنولوجي وزيادة الاعتماد على البيانات الرقمية.
ومؤكدا ب أن الجزائر، ومع حلول عام 2030، سوف تتمكن من تعويض جزء كبير من التأخر الذي شهدته ما بين عامي 2010 و2020، لتتصدر قائمة الدول الرائدة في التحول الرقمي على المستوى الإفريقي وربما الدولي. كما يتوقع أن يصبح المشهد الرقمي أكثر وضوحًا وتنظيمًا، مع ارتفاع مستوى الوعي الرقمي لدى المواطنين والمؤسسات والشركات، بما يضمن استغلال الرقمنة كأداة للحكم الرشيد وتعزيز المواطنة.
ويختتم الخبير بالإشارة إلى أن الاستثمار في رأس المال البشري يمثل العامل الحاسم لنجاح هذه الاستراتيجية الوطنية ،كونه سوف ، يسهم تطوير الكفاءات المحلية في بناء منظومة متكاملة تدعم المؤسسات الناشئة وتعزيز أداء الشركات القائمة، بما يساهم في تحسين مستوى رفاهية المواطنين وتحقيق تحول رقمي جزائري شامل وحقيقي.
تيغرسي الرقمنة: رافعة استراتيجية للنمو والتنمية الاقتصادية
هذا ،وقد وصف الدكتور هواري تيغرسي، أستاذ الاقتصاد بجامعة بن عكنون، في حديثه ” للجزائر الآن ” حول أهمية ودور الرقمنة من المنظور الإقتصادي ، بأنها تمثل رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية في الجزائر”، وأن “الرقمنة ليست مجرد خيار إداري أو تقني، بل هي خيار اقتصادي استراتيجي يرتبط بالكفاءة، والشفافية، والتنمية المستدامة.
والرهان الحقيقي اليوم يكمن في قدرة الجزائر على تحويل الإرادة السياسية إلى واقع اقتصادي ملموس، من خلال شراكات فاعلة ما بين القطاعين العام والخاص، وتكوين رأس مال بشري مؤهل قادر على قيادة هذا التحول.” مؤكدًا أن التحول الرقمي أصبح اليوم أحد أهم مسارات إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني.
ويأتي ذلك في ظل التحديات المتمثلة في تنويع مصادر الدخل الوطني وتحديث منظومات الإنتاج الوطني والخدمات.وبأن الرقمنة تتجاوز بعدها التقني لتكتسب دورًا تنمويًا استراتيجيًا،كونها أداة لترشيد الإنفاق العام، وتحسين الكفاءة الإنتاجية، ورفع مردودية المؤسسات العمومية والخاصة على حد سواء.
ويبرز هذا البعد الاستراتيجي من خلال السياسات الحكومية التي أطلقتها الجزائر في السنوات الأخيرة، مثل إنشاء وزارة الرقمنة والإحصائيات، وإطلاق الخطة الوطنية للتحول الرقمي 2025–2030، التي تهدف إلى دمج التكنولوجيا في الإدارة العمومية، وتحفيز الابتكار، وتوسيع الاقتصاد الرقمي كمكوّن أساسي في النموذج الاقتصادي الجديد.
ويطرح السؤال الجوهري اليوم: هل نجحت الرقمنة في التحول من شعار إصلاحي إلى ركيزة فعلية في النموذج التنموي الوطني؟ ويرى تيغرسي أن الإجابة تعتمد بشكل مباشر على سرعة الانتقال من الإطار القانوني والمؤسساتي إلى التطبيق العملي والنجاعة الميدانية داخل القطاعات الاقتصادية المنتجة .
وبشأن انعكاسات الرقمنة على القطاعات الإنتاجية والخدمية، فالخبير الإقتصادي يرى بأن الرقمنة تفتح آفاقًا واسعة لتحولات عميقة في البنية الاقتصادية الجزائرية. فالقطاعات الإنتاجية، مثل الزراعة والصناعة والطاقة، يمكن أن تستفيد من نظم الإنتاج الذكية “Smart Industry, AgriTech, EnergyTech” مما يساهم في خفض التكاليف ورفع الإنتاجية.
أما في قطاع الخدمات، فتظهر آثار الرقمنة في تبسيط المعاملات البنكية، وتسهيل الإجراءات الجمركية، وتحسين الخدمات الإدارية للمواطنين والمستثمرين عبر المنصات الرقمية . فعلى سبيل المثال، رقمنة الموانئ والجمارك تقلص آجال الاستيراد والتصدير، وتحد من البيروقراطية، الإدارية ما يعزز من تنافسية الاقتصاد الجزائري على المستوى الإقليمي.
كما أن التحول الرقمي لا يقتصر فقط على تبسيط العمليات التجارية والاقتصادية فحسب، بل يشكل محركًا رئيسي لتنويع الاقتصاد الوطني من خلال تطوير قطاعات جديدة قائمة على إقتصاد المعرفة والإبتكار ، مثل التجارة الإلكترونية والخدمات الرقمية العابرة للحدود، مما يؤذي إلى التقليص من التبعية المفرطة لعائدات المحروقات ويفتح آفاقًا للتصدير غير النفطي.
● الرقمنة أداة لتعزيز الشفافية في قطاع الصفقات العمومية وترشيد المال العام ومحاربة الفساد
يبرز ذات الخبير الإقتصادي أهمية كبيرة للرقمنة والتي باتت تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الحوكمة الرشيدة والشفافية والنزاهة داخل المؤسسات الاقتصادية، من خلال اعتماد أنظمة رقمية موحدة لتتبع الإنفاق المالي العمومي وإجراءات الصفقات العمومية وعقود التوريد للمصالح المتعاقدة العمومية، وهو الامر الذي سوف يقلص تدريجيا من المساحات الرمادية المهيأة للفساد، كما تمكّن قواعد البيانات المتصلة ما بين الوزارات والممارسات القائمة على البيانات المفتوحة (Open Data) من مراقبة التمويل المالي وفي الوقت الفعلي، وتقليل التعامل الورقي الذي لطالما شكل بيئة خصبة للفساد الإداري والمالي.
كما تتيح الرقمنة أيضًا ترسيخ ثقافة المساءلة عبر أنظمة الدفع الإلكتروني، والسجل التجاري الرقمي، ومتابعة الصفقات العمومية على مستوى المنصات الإلكترونية، مما يعززمن كسب ثقة المواطنين والمستثمرين في مؤسسات الدولة ويجعل الاقتصاد الوطني الجديد أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية.
كما اعتبربأن المشروع الموازي، المتمثل في النظام الوطني المعلوماتي الذي تعمل عليه المحافظة السامية للرقمنة ، يُعد بمثابة العمود الفقري للتحول الرقمي في الجزائر، نظرًا لاعتماده على قاعدة بيانات وطنية موثوقة ونظام للتشغيل البيني ما بين المؤسسات السيادية ، بما يسمح بصنع القرار على أساس معطيات واقعية وآنية.
● المؤسسات الناشئة والتكنولوجيا المالية: رافعة النمو والتحول الاقتصادي
يكشف تيغرسي بأن المؤسسات الناشئة، ولاسيما خصوصًا في مجالات التكنولوجيا المالية (FinTech)، والزراعة الذكية، والطاقة المتجددة،قد أصبحت تمثل أحد الأعمدة الرئيسية للتحول الاقتصادي في الجزائر. فهي تساهم في بناء منظومة رقمية جديدة تخلق الثروة البديلة وتوفر فرص عمل عالية القيمة.
وبلغة الارقام فقد كشف تيغرسي بأن المؤشرات الحديثة تشير إلى توجه الجزائر نحو اقتصاد رقمي ناشئ من خلال برامج دعم مثل “Startup Algeria”، وصندوق تمويل الابتكار، والحاضنات الجامعية التي تشجع البحث التطبيقي. ومع ذلك، يبقى تحدي التمويل، وضعف البنية التحتية الرقمية، وصعوبة الولوج إلى الأسواق، أبرز العقبات التي تحتاج إلى حلول مبتكرة وإطار تنظيمي مرن.
وتوفر التكنولوجيا المالية أدوات لتوسيع الشمول المالي، وتمكين الشباب من دخول الاقتصاد الرسمي، ولاسيما خاصة في المناطق الداخلية والجنوبية، حيث يمثل تحسين البيئة الرقمية من اتصال سريع وأمن سيبراني وإجراءات قانونية مبسطة عاملاً حاسمًا في تحويل الجزائر إلى مركز إقليمي للتكنولوجيا الناشئة في شمال إفريقيا.
الرقمنة رافعة استراتيجية للنمو والاقتصاد الوطني
وأضاف تيغرسي: “الرقمنة مشروع وطني حضاري يؤسس لاقتصاد ذكي، متنوع، ومندمج في الاقتصاد العالمي. فوفقًا لأحدث تقارير مؤشر التنمية الرقمية لسنة 2025، فقد تجاوزت الجزائر المعدل العالمي مسجلة بذلك نتيجة إجمالية قدرها 86.1 نقطة، ومتفوقة بذلك على الصعيدين المتوسطين الإفريقي والعربي، مدفوعة بتطورات ملحوظة في البنية التحتية للاتصالات.”
ومشيرا إلى أن هذه التطورات تشمل توسيع شبكة الألياف الضوئية لتصل إلى نحو 1.9 مليون مشترك، ورفع السعة الدولية للاتصال إلى 10.2 تيرابت في الثانية، بالإضافة إلى التحضير لإطلاق خدمات الجيل الخامس خلال سنة 2026، ما يجعل الجزائر من بين أوائل الدول الإفريقية المعتمدة لهذه التقنية كما أشار كذلك إلى أن القطاع الخاص بدأ يسجل أداءً قويًا أيضًا، حيث تجاوزت إيرادات شركات الاتصالات الوطنية الثلاثة مليارات الدولار سنة 2024.
بينما تشهد مشاريع مراكز البيانات المحلية عمليات تطوير وتجديد تهدف إلى رفع كفاءة الطاقة وتحسين الخدمات الرقمية السيادية. موضحا بأن “التحول الرقمي الوطني قد شمل رقمنة أكثر من 450 خدمة عمومية، ودمج 338 خدمة منها في البوابة الوطنية ‘بواباتك’، ورفع سعة الإنترنت الدولية من 1.5 تيرابايت/ثا سنة 2020 إلى 9.8 تيرابايت/ثا سنة 2025، وتوصيل 6 ملايين منزل بشبكة الألياف البصرية، وتغطية 200 ألف كيلومتر من الألياف عبر كامل التراب الوطني، إلى جانب إدماج الجيل الخامس رسميًا في منظومة الاتصالات.”
ومشيرا بأن هذا التحول الرقمي لم يكن إداريًا فقط، بل اقتصاديًا بالدرجة الأولى.
فقد ارتفع الناتج الداخلي الخام بنسبة 4.2% في الربع الأخير من سنة 2024، بفضل تحسن أداء القطاعات المنتجة المدعومة بالتحول الرقمي، وبلغ معدل النمو الاقتصادي الإجمالي 3.6%، وتجاوز 4.8% خارج قطاع المحروقات، ما يعكس نجاح سياسة تنويع الاقتصاد المبنية على اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة.” وأشار إلى أن الحكومة الجزائرية قد أطلقت مؤخرا ” المنصة الوطنية للمستثمرين، “وهي واجهة رقمية موحدة لتبسيط الإجراءات الإدارية وتمكين المستثمر من متابعة ملفه إلكترونيًا من الإيداع إلى الموافقة، مما قد ساهم في تقليص آجال دراسة الملفات بأكثر من 60%.”
وأضاف تيغرسي: بأن لغة الأرقام تؤكد التقدم الكبير في السياسة الرقمية: فقد بلغ عدد مستخدمي الإنترنت أكثر من 36.2 مليون مستخدم سنة 2024 بنسبة انتشار 76.9%، و25.6 مليون مستخدم نشط على شبكات التواصل الاجتماعي بنسبة 54.2%، لتسجل الجزائر تقدمًا بمقدار 15 مرتبة في مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصال لعام 2025، محتلةً المرتبة 74 عالميًا، مع تخصيص 1.5 مليار دينار لدعم المشاريع الابتكارية عبر اتصالات الجزائر.”
وختم الخبير الاقتصادي حديثه قائلاً: بان الرقمنة ليست مجرد تحديث إداري، بل هي رافعة إقتصادية و استراتيجية حقيقية للنمو، قادرة على تعزيز الشفافية، وتحسين مناخ الاستثمار الوطني البديل ، وخلق فرص جديدة قائمة على إقتصاد المعرفة والتكنولوجيا والإبتكار ، لتجعل م الإقتصاد الجزائري اقتصادًا متنوعًا ومندمجًا في الاقتصاد الرقمي العالمي.”
أما على صعيد التحول الإداري والحوكمة الرقمية، فلا يزال هناك تأخر في رقمنة المرافق العمومية قائمًا، إلى جانب الحاجة الملحّة إلى تفعيل القوانين المتعلقة بالتوقيع الإلكتروني وحماية المعطيات الشخصية.
كما تبرز إشكالية تأهيل الموارد البشرية كعامل مؤثر في وتيرة التحول، رغم امتلاك الجزائر لرصيد شباني واسع يمكن أن يشكّل قاعدة قوية لبناء مجتمع رقمي متكامل إذا ما أُحسن تكوينه وتمكينه. ويُضاف إلى ذلك التحدي المرتبط بـ السيادة التكنولوجية، حيث لا تزال الجزائر تعتمد إلى حدٍّ كبير على التجهيزات والحلول المستوردة، وهو ما يستدعي تعزيز الإنتاج المحلي للتقنيات وبناء منظومة رقمية وطنية مستقلة ومستدامة.
باختصار، تبدو الجزائر اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من النضج الرقمي، تجمع بين مؤشرات تقدم ملموسة في البنية التحتية والاتصالات، وحاجة أكيدة إلى تسريع وتيرة التحول الشامل في الذهنيات والمؤسسات، بما يضمن ترجمة المكاسب التقنية إلى تحول فعلي في نمط الحياة والخدمات.
● الرقمنة… خيار الرئيس تبون الحاسم لبناء دولة عصرية وشفافة
يُجمع الخبراء على أن الرقمنة صارت اليوم من بين أحد أبرز الأسلحة الفعّالة في محاربة الفساد الإداري، نظرا لما توفره من شفافية تامة في المعاملات المالية والإدارية ، وقدرتها على تتبع كل العمليات داخل المؤسسات العمومية بدقة عالية، مما يؤذي إلى وضع حد لمظاهر التلاعب والفساد المالي ، ويعزز من مناخ النزاهة ويعيد الثقة ما بين المواطن ومؤسسات الدولة،كما أن الرقمنة تعني توجه الدولة نحو استبدال الأساليب الورقية التقليدية بالأنظمة الذكية ، أو تقديم الخدمات العمومية أو القضائية لمرتفقي الهيئات العمومية أو القضائية ،بات يمثل نقلة نوعية في تسيير الشأن العمومي، ويساهم في تقليص البيروقراطية، ويؤذي إلى تعزيز الثقة ما بين المواطن والإدارة.
كما يشيرون إلى أن النظام الوطني المعلوماتي، الذي يضم قاعدة البيانات الوطنية والنظام الوطني للتشغيل البيني، سيكون بمثابة العمود الفقري للحكومة الإلكترونية، لما يوفره من بيانات موثوقة ومؤمنة ومحيّنة تساعد أصحاب القرار على رسم السياسات العمومية ومتابعتها بدقة.و يكشفون بأن تأكيدات الرئيس تبون وفي أكثر من مناسبة بأن “الرقمنة هي السبيل الوحيد الذي يخلصنا من الضبابية والأرقام الوهمية”، هي رؤية إستراتيجية قد تم تجسيدها فعليًا من خلال برنامج وطني متكامل لتسريع التحول الرقمي في مختلف القطاعات الحيوية، من المالية والتعليم العالي إلى الفلاحة، والصحة، والعدل ،و بهذه الإصلاحات المتسارعة، تؤكد الجزائر أن الرقمنة لم تعد مجرد شعار إداري، بل أصبحت قاطرة اقتصادية حقيقية تدفع بعجلة التنمية، وتفتح أمام البلاد آفاقًا واسعة نحو اقتصاد عصري قائم على الشفافية والابتكار.
ويؤكد المراقبون، في قراءتهم لهذه المؤشرات بأن الجزائر حقيقة تخوض معركة التحول الرقمي بوعي وإصرار، وتثبت أن الرقمنة لم تعد مجرد ترف تقني، بل صارت ركيزة حضارية واقتصادية لبناء المستقبل، ووسيلة لترسيخ مكانة البلاد ضمن الدول الصاعدة في عصر الذكاء الاصطناعي. ودخلت بذلك الجزائر فعليا نحو الإنتقال الرقمي ، وعززت ريادتها في هذا المجال من خلال تشييد منظومة رقمية وطنية متكاملة، تجمع مابين الشفافية والفعالية والسيادة التقنية الوطنية ، حيث تحوّل مفهوم الرقمنة من مجرد مشروع إداري إلى خيار استراتيجي يهدف إلى تحرير الاقتصاد الوطنية من براثين البيروقراطية، وترقية حركية التنافسية والممارسة الإقتصادية والتجارية للدولة الحزائرية وريادتها في الأسواق الإفريقية والدولية.
الجزائر… رقمنة تعيد الثقة مابين المواطن ومؤسسات الدولة وتؤسس لنهضة عصرية رائدة
خمس سنوات فقط كانت كفيلة بأن تتحول الرقمنة في الجزائر من مجرّد شعار إداري إلى مشروع وطني متكامل، يستند إلى رؤية سياسية واضحة للرئيس تبون ، ودعم مؤسساتي فعّال، واستثمار ذكي في العنصر البشري. واليوم، ومع اقتراب تعميم شبكة الجيل الخامس وتوسيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المرافق العمومية والخدمات الإدارية، تمضي الجزائر بخطى واثقة نحو تحقيق سيادتها الرقمية وبناء اقتصاد متنوع قائم على المعرفة والتكنولوجيا. ،و لقد صارت الإدارة الجزائرية في الوقت الراهن تعرف حركية عميقة تعكس انتقالًا فعليًا نحو عصر جديد من التسيير العصري، وهذا بعد أن تحولت الرقمنة من ورشة تقنية محدودة إلى خيار وطني استراتيجي يرمي إلى إعادة بناء الثقة ما بين المواطن ومؤسسات الدولة.
فالإدارة الجزائرية قد أضحت اليوم ليست مجرد هياكل تنفيذية محضة، بل تحولت إلى فضاءات ومنصات تفاعلية تعتمد على التكنولوجيا لتبسيط الإجراءات الإدارية أو الملفات القضائية للمتقاضين أو من يريد الحصول على وثيقة إدارية من المرفق القضائي كإستخراج شهادة الجنسية أو السوابق القضائية أو حتى إيداع عريضة إفتتاحية لدعوى قضائية هذا على مستوى المرفق القضائي أو بالنسبة لمصالح الداخلية فقد تخلص المواطن من عناء التنقل نحو المصالح البلدية لاستخراج وثائقه الخاصة بالحالة المدنية حيث أصبحت تسريع الخدمات سهل المنال وبمجرد ضغطة زر سواء من هاتفه النقال أو حاسبوه المنزلي.