_ الخبير الإقتصادي “هواري قرار “يؤكد بأن سيارة فيات غراندي باندا تمثل ميلاد القطب الصناعي الجزائري الجديد
الجزائر الآن _ يشكّل الإعلان الرسمي عن إنتاج أول سيارة جزائرية محلية الصنع فيات غراندي باندا خطوة تاريخية في مسار الصناعة الوطنية، وحدثًا استراتيجيًا يعكس التحول الحقيقي الذي تعرفه الجزائر نحو تحقيق السيادة الاقتصادية وتنويع مصادر الدخل الوطني.
فالسيارة الجديدة ليست مجرد منتوج ميكانيكي، بل مشروع وطني يعيد الثقة في القدرات الجزائرية، ويؤكد نجاح سياسة الدولة في توطين التكنولوجيا وبناء قاعدة صناعية مستدامة.
_ نقلة نوعية في مسار التحول الصناعي
تمثل “غراندي باندا” ثمرة شراكة جزائرية إيطالية بين مجمّع “فيات” وشركة “ستيلانتيس”، وهي تعبير واضح عن نضوج الرؤية الصناعية للجزائر، التي انتقلت من مرحلة التجميع البسيط إلى مرحلة التصنيع الفعلي بمستويات إدماج مرتفعة وبالتالي تحقيق الهدف المنشود الذي سطرته السلطات العليا للبلاد.
ويؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور هواري قرار لصحيفة “ الجزائر الآن“الالكترونية أن هذا المشروع يعكس رغبة حقيقية في إعادة بعث الحلم الصناعي الوطني، مشيرًا إلى أن مصنع طفراوي بوهران أصبح قادرًا على تنفيذ عمليات متقدمة تشمل اللحام والدهان والتجميع بمعايير عالمية، ما يضع الجزائر في مصاف الدول الصاعدة صناعيًا.
_ تأثير اقتصادي ملموس وتراجع تدريجي في فاتورة الاستيراد
من المنتظر أن يسهم المشروع في تقليص فاتورة استيراد السيارات تدريجيًا، بفضل ارتفاع نسبة الإدماج المحلي، إذ كلما زادت المكونات المصنّعة داخل الجزائر، تراجع حجم الواردات الصافية من قطع الغيار.
ويعتبر الدكتور قرار أن تحقيق إدماج محلي حقيقي يتجاوز 70% سيكون له أثر مباشر على الميزان التجاري الوطني، خاصة إذا استُكملت الجهود بإقامة شبكة موردين محليين قادرة على المنافسة والجودة.
_ خلق مناصب شغل وتطوير المهارات التقنية
ساهمت “غراندي باندا” في خلق آلاف مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة، سواء داخل المصنع أو عبر سلسلة المناولة والخدمات المرتبطة به، كما مكّن المشروع من نقل التكنولوجيا وتكوين اليد العاملة الوطنية في مجالات الميكانيك، الإلكترونيات، والبرمجيات الصناعية.ويرى الخبراء أن الأثر الاجتماعي للمشروع سيزداد مع توسع القاعدة الإنتاجية وتطوير مراكز التكوين المتخصصة، مؤكدين أن الجزائر أصبحت تمتلك كل المقومات اللازمة لتطوير صناعة ميكانيكية متكاملة.
_ الجزائر في مواجهة التحدي الأكبر مابين الإدماج الحقيقي والتصنيع المحلي
ورغم التصريحات التي تتحدث عن إدماج يفوق 70%، يؤكد الدكتور” قرار” أن التحدي الأكبر يكمن في تحقيق إدماج فعلي ومستدام يشمل المكونات الأساسية، على غرار المحرك، نظام النقل، والإلكترونيات. ويشدد على أن النجاح لا يُقاس بالأرقام المعلنة بقدر ما يُقاس بمدى تصنيع المكونات داخل التراب الوطني، وليس فقط تجميعها.
_ فرص التوسع نحو السوق الإفريقية والمستهلك المحلي مابين الثقة والجودة
تسعى الجزائر إلى جعل “غراندي باندا” بوابة لتصدير السيارات نحو القارة الإفريقية، بفضل موقعها الجغرافي واتفاقيات التعاون الاقتصادي المبرمة مع عدد من الدول الإفريقية.
ويرى مراقبون أن نجاح هذه الخطوة مرتبط بتحسين جودة المنتوج المحلي، وخفض التكلفة، وتطوير خدمات ما بعد البيع، مما سيمكن الجزائر من التحول إلى مركز إقليمي لتصنيع وتصدير السيارات ،ويبقى المستهلك الجزائري عنصرًا حاسمًا في نجاح التجربة، إذ يتوقف الإقبال على المنتوج المحلي على مدى الثقة في جودته وسعره، وتوفر خدمات الصيانة وقطع الغيار. لذلك يوصي الخبراء بضرورة اعتماد سياسة تسويق وطنية قوية تبرز قيمة المنتوج الجزائري، مع توفير ضمانات وخدمات ما بعد البيع تعزز ثقة المستهلك.
_ دعم مصرفي وتمويلي لتوسيع السوق المحلية
تلعب المؤسسات المالية والبنوك دورًا مهمًا في دعم هذا التحول الصناعي، من خلال توفير تسهيلات للقروض الموجهة لاقتناء السيارات، وتمويل الموردين والمناولة الصناعية.
كما يُنتظر أن تسهم برامج التأجير والتمويل المرن في توسيع دائرة الزبائن وتشجيع الطلب على المنتوج الوطني.
_ نحو آفاق واعدة لصناعة جزائرية طموحة
تؤكد تجربة “غراندي باندا” بحسب المتابعين أن الجزائر دخلت فعليًا مرحلة جديدة في مسارها الصناعي، عنوانها الاعتماد على الذات وبناء السيادة الصناعية ،شريطة المواصلة على نفس النهج وعدم تكرار أخطاء معينة أشار إليها رئيس الجمهورية عبد المحيد تبون مؤخرا ( عدم الرفع من قدرات الإنتاج لتلبية حاجيات السوق الوطنية و تصدير كميات قليلة من أجل العرض والترويج ).
فصناعة ” غراندي باندا” ليست مجرد سيارة جديدة في السوق، بل رمز لعودة الأمل الصناعي الوطني، ودليل على أن ان الجزائر تتجه في الطريق الصحيح لتكون قوة إقتصادية ناشئة