الجزائرالٱن _ تسير الجزائر نحو إنهاء عام 2025 بخطى واثقة في قطاع الطاقة، معزَّزة بخطط تطوير كبرى في مجالي النفط والغاز، رغم توقّع تسجيل تراجع طفيف في إجماليعام 2025 إنتاج الهيدروكربونات إلى 3.2 مليون برميل نفط مكافئ يوميًا، بعد أن بلغ 3.3 مليون برميل يوميًا في 2024، وفق ما أوردته منصة “الطاقة” المتخصصة .
ويُعدّ هذا التراجع الطفيف طبيعيًا في ظل التزامات الجزائر في اتفاق أوبك+ بالخفض الطوعي للإنتاج، وفي سياق دولي تتأرجح فيه الأسعار والإمدادات. غير أن الجزائر، بحسب التقرير ذاته، تظل من أكثر الدول استقرارًا في إنتاجها الطاقوي مقارنة بدول المنطقة، بفضل توازن سياستها بين الحفاظ على الحصة السوقية وضمان تدفق الإيرادات .
استقرار إنتاج النفط والغاز على المدى المتوسط
توقّع التقرير أن يبقى إنتاج النفط الخام الجزائري عند مستوى يقارب مليون برميل يوميًا بحلول 2026، مع استقرار إنتاج الغاز عند حدود 10 مليارات قدم مكعبة يوميًا (أي نحو 103 مليارات متر مكعب سنويًا )
هذه الأرقام، وإن بدت متقاربة مع معدلات السنوات السابقة، تعبّر عن قدرة الجزائر على الحفاظ على وتيرة إنتاجية مستقرة رغم التحديات، خاصة في ظل اعتماد الحكومة مقاربة طويلة المدى تهدف إلى تطوير البنية التحتية وتعزيز استغلال الحقول القائمة .
ويعزو التقرير هذا الثبات النسبي إلى استقرار الاحتياطيات الوطنية منذ نحو عقدين، حيث تبلغ احتياطيات النفط 12.2 مليار برميل واحتياطيات الغاز 4.5 تريليون متر مكعب، وهي أرقام ثابتة تقريبًا منذ منتصف العقد الأول من الألفية .
استثمارات ضخمة لمواصلة النمو الطاقوي
يُبرز تقرير منصة “الطاقة” المتخصصة أن الجزائر تواصل تنفيذ برنامج استثماري استراتيجي عبر شركة سوناطراك، بقيمة 40 مليار دولار حتى عام 2027، منها 30 مليار دولار مخصصة للاستكشاف والإنتاج .
ويُنتظر أن تثمر هذه الاستثمارات عن تحسين معدلات الاسترجاع في الحقول القديمة، وتطوير حقول جديدة في الجنوب الشرقي، مما يضمن دعم الإنتاج في المدى المتوسط. وتبقى سوناطراك المنتج الرئيسي للطاقة في البلاد، إذ تمثل 75% من إنتاج السوائل النفطية و80% من إنتاج الغاز .
كما أشار التقرير إلى أن عام 2024 شهد 14 اكتشافًا جديدًا للنفط والغاز، قادتها شركتا سوناطراك وإيني الإيطالية، خصوصًا في حوضي حاسي مسعود وبركين، وهو ما يعزز آفاق النمو خلال السنوات المقبلة .
من الخفض الطوعي إلى الرفع التدريجي للإنتاج
وفق بيانات منظمة أوبك، بلغ إنتاج الجزائر من النفط الخام 907 آلاف برميل يوميًا في 2024 مقابل 973 ألفًا في 2023، في حين انخفض إنتاج الغاز إلى 94.7 مليار متر مكعب بعد أن بلغ 101.5 مليار متر مكعب في السنة التي سبقتها، حسب معهد الطاقة البريطاني .
غير أن منصة الطاقة المتخصصة تشير إلى أن هذه المرحلة تمثل فترة انتقالية أكثر منها تراجعًا هيكليًا، إذ بدأت الجزائر، منذ أفريل 2025، في رفع تدريجي لتخفيضات الإنتاج الطوعية التي كانت مفروضة ضمن تحالف أوبك +.
وبالفعل، سجّل إنتاج البلاد ارتفاعًا إلى 940 ألف برميل يوميًا في أوت 2025، مقابل 930 ألفًا في جويلية، مع توقع بلوغه 963 ألف برميل يوميًا في أكتوبر الجاري، ما يؤكد أن الجزائر تسير نحو تعويض الانخفاض السابق تدريجيًا، مع المحافظة على التزاماتها في استقرار الأسواق .
مشاريع الغاز.. دعامة استراتيجية للتنمية
إلى جانب استقرار إنتاج النفط، تواصل الجزائر توسيع قاعدة إنتاج الغاز الطبيعي عبر مشاريع ضخمة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة والطاقة النظيفة .
وتشمل هذه المشاريع :
ـ تطوير حقل تين فوي تبنكورت، المتوقع تشغيله العام المقبل، ويستهدف استرجاع 11.5 مليار متر مكعب من الغاز و1.3 مليون طن من المكثفات .
ـ مشروع عين أمناس 2، وهو من أكبر مشاريع الغاز الرطب في البلاد، يتكون من أربعة حقول تحتوي على ميثان بنسبة تقل عن 85 %.
ـ مشروع توسيع حقل حاسي الرمل، الذي يُعد الأكبر في الجزائر، بإضافة 121 مليار متر مكعب من الغاز الجاف و7 ملايين طن من المكثفات و3 ملايين طن من غاز النفط المسال .
ووفق منصة “الطاقة” المتخصصة، تهدف هذه المشاريع إلى رفع إنتاج الغاز الوطني إلى 200 مليار متر مكعب سنويًا خلال السنوات الخمس المقبلة، مع تخصيص 100 مليار متر مكعب للتصدير، ما يعزز موقع الجزائر كمصدر موثوق للطاقة نحو أوروبا وإفريقيا .
توقعات 2025: سنة استقرار وثقة
يُجمع الخبراء الذين نقلت عنهم منصة “الطاقة” المتخصصة على أن عام 2025 سيكون عام الاستقرار الطاقوي بامتياز في الجزائر، إذ تجمع المؤشرات بين تراجع طفيف في الكميات المنتجة وثبات في العائدات بفضل التوازن السعري، إلى جانب توسّع في المشاريع المستقبلية .
فبينما تبقى 3.2 مليون برميل نفط مكافئ يوميًا هي القيمة المرجحة لإنتاج البلاد خلال العام، فإن المناخ الاستثماري الإيجابي، والاكتشافات الجديدة، والانفتاح على الشراكات الدولية تمنح الجزائر قاعدة صلبة لمواصلة نموها في السنوات التالية.