الجزائرالٱن _ أعلنت وزارة الداخلية عن إحصاء 865 نقطة سوداء موزعة عبر التراب الوطني، مصنفة ضمن المناطق المهددة بالكوارث الطبيعية. هذا الرقم لا يمثل مجرد إحصائية باردة، بل يرسم ملامح خريطة وطنية للخطر، حيث تتقاطع عوامل الطبيعة مع ثغرات التسيير المحلي، ما يطرح تساؤلات جدية حول نجاعة منظومة الوقاية وإدارة المخاطر في الجزائر.
معايير علمية دقيقة
مندوب المخاطر الكبرى بوزارة الداخلية، عبد الحميد عفرة، أوضح أنّ تحديد هذه النقاط تم وفق معايير علمية تشمل مساحة الأحواض المائية، نوعية التربة، وطبيعة الغطاء النباتي، مؤكدًا أن المعطيات التقنية متوفرة لدى السلطات المحلية بالتنسيق مع المكاتب الدائمة على مستوى الوزارة.
قانون جديد لتوضيح المسؤوليات
وأشار عفرة إلى أنّ غياب وضوح المسؤوليات كان من بين العراقيل الكبرى أمام التنفيذ، غير أن القانون 24-04 جاء ليحدد 18 نوعًا من الأخطار الكبرى، مع إسناد المسؤولية لكل قطاع وزاري على حدة، فيما تبقى وزارة الداخلية طرفًا محوريًا في التنسيق بين مختلف القطاعات.
فيضانات المسيلة نموذجًا
وفي حديثه عن فيضانات ولاية المسيلة الأخيرة، قال إن السيول لم تتجاوز 50 ملم وكانت متوقعة من مصالح الأرصاد الجوية، لكن ضعف الثقافة الوقائية والتمدد العمراني غير المنظم على ضفاف الأودية، إلى جانب انسداد الممرات بسبب النفايات، كلها عوامل ساهمت في تفاقم الأضرار.
البلديات.. الحلقة الأضعف
رغم وجود مخطط وطني، تبقى البلديات محدودة الإمكانيات وعاجزة عن مواكبة متطلبات الوقاية، وهو ما يجعلها الحلقة الأضعف في مواجهة الكوارث. القانون الجديد، حسب عفرة، يمثل نقلة تنظيمية ضرورية، لكن نجاحه مرتبط بالتطبيق الفعلي والتنسيق متعدد المستويات.
الوقاية ثقافة مستمرة
أكد المسؤول بوزارة الداخلية أن الوقاية لا يمكن أن تكون ظرفية أو مرتبطة بحملات موسمية، فالأخطار الطبيعية تتربص في صمت، وتكشف عند أول فرصة هشاشة البنى التحتية وضعف الجاهزية.
استراتيجية بعيدة المدى
وللتذكير، كانت الجزائر قد صادقت في نوفمبر 2020 على استراتيجية وطنية لتسيير المخاطر تمتد على مدى 15 سنة، وتهدف إلى تطوير أدوات الوقاية، صيانة الوديان، وتنقية الفضاءات الحضرية، خاصة في المناطق المصنفة عالية الخطورة.