آخر الأخبار

ملف خاص│أمراض اللمجة المدرسية.. "قنبلة غذائية" في حقائب التلاميذ!

شارك
صحفية جزائرية مختصة في الشأن الوطني والتربوي و المجتمع
مصدر الصورة
الكاتب: نسيمة بن عيسى

ملف خاص│أمراض القلب والضغط والسكري تبدأ من “السناك” المدرسي.. “قنبلة غذائية” في حقائب التلاميذ!

اخصائيون يدقون ناقوس الخطر.. اللمجة المدرسية “قنبلة صامتة” تهدد صحة 12 مليون تلميذ

مع كل صباح مدرسي، يفتح ملايين التلاميذ الجزائريين محافظهم، في مشهد يبدو عاديًا للوهلة الأولى، لكنه يخفي خلفه قنبلة غذائية موقوتة قد تنفجر في أجسادهم الصغيرة على شكل سمنة مبكرة، سكري، فرط حركة، ضعف تركيز، وحتى أمراض قلبية ووعائية تُرصد عادة في مراحل متقدمة من العمر، فبين علب العصائر الملونة ، قطع الشكلاطة المغرية، أكياس “الشيبس” المملوءة بالصوديوم، ومشروبات الحليب الصناعية المنكهة، تتحول ما يُفترض أن تكون لمجة مدرسية بسيطة إلى خلطة من السموم المضافة، تمرّ من تحت أعين الأولياء والمدرسين، لتصيب الطفل في صحته الجسدية والنفسية، وتنعكس على تحصيله العلمي ومستقبله.ومع غياب الرقابة الفعلية، وضعف الوعي الغذائي، وغلاء البدائل الصحية، تجد الأسرة الجزائرية نفسها بين مطرقة الواقع الاقتصادي وسندان الخيارات الغذائية الرديئة، بينما يتحوّل الطفل إلى ضحية ثقافة استهلاك مريضة، وصناعة غذائية تجارية لا تراعي معايير الجودة ولا رحمة الطفولة.

في هذا (الملف الخاص) ، نسلّط الضوء على واقع اللمجة المدرسية في الجزائر، بالأرقام والشهادات، ونتتبع كيف تحوّلت من عادة غذائية إلى تهديد صامت لصحة الأجيال القادمة، فهل حان وقت التدخل الجدي؟ ومن يتحمّل المسؤولية؟ في ظل تحذيرات قوية أطلقتها منظمة حماية المستهلك، وأصوات أولياء التلاميذ، وأطباء، ونقابيون، وحتى نواب برلمان، مطالبين بضرورة التدخل لحماية الاطفال من كارثة صحية محتملة، عنوانها الامراض المزمنة.

ملونات.. أصباغ.. مضافات .. منتجات سامة في يد الأطفال

وكشفت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك في هذا الصدد، أن أكثر من 67520 وحدة غذائية غير مطابقة للمعايير كانت موجهة للتسويق والاستهلاك المباشر للأطفال، وقد تم ضبطها بإحدى الورشات السرية بقسنطينة، هذه المنتجات تحتوي على ملونات، أصباغ، مضافات أخرى، ومحليات غير مطابقة للمعايير وبكميات غير مسموح بها، وأوصت المنظمة المستهلكين بتوخي الحذر وتفادي اقتناء أي منتج بدون وسم، وعدم تناول هذا النوع من السكاكر والحلويات سواء كانت مصنعة بصفة قانونية أو لا.

هذه عينة صيغة من مواد غذئية، تشكل تهديدا للاطفال، في ظل مواد غائية تشكل تهديدا وتباع يوميا للاطفال من دون رقابة، ما عزز القلق من هذا الواقع حيث توسع لدى أولياء التلاميذ الذين عبّروا عن سخطهم حيال ما يحدث، فإحدى الأمهات قالت ، إن المشكل الكبير يكمن في غياب الرقابة، مؤكدة أن هذه المنتجات تمر عبر الأسواق وتصل للمحلات، ويشتريها الأطفال بسهولة، حيث تبهرهم الألوان الزاهية، ويجذبهم الثمن الزهيد، وأضافت أنها شخصيًا لم تشترِ هذه المنتجات لنفسها أبدًا، ولن تشتريها لأولادها، وتحرص دائمًا على قراءة مكونات أي منتج قبل شرائه، وتفضل المنتجات ذات الجودة العالية، رغم ندرتها.

ولي آخر قال: “حسبنا الله ونعم الوكيل في تجار الربح السريع على حساب صحة أبنائنا بل وعلى حساب صحة المستهلك بصفة عامة”. أما ولية ثالثة، فطرحت تساؤلًا مؤلمًا: “أين الرقابة؟ أطفالنا في خطر حسبنا الله و نعم الوكيل فيهم”.

وشددت على أن الكثير من الأولياء لو توفرت لديهم القدرة المالية لاقتناء فواكه وبيض ومنتجات طبيعية مفيدة لأبنائهم لفعلوا ذلك، ولكن الواقع الاقتصادي يفرض واقعًا مختلفًا، حيث يمنحون أبناءهم 20 دينارًا فقط، فيشترون بها علبة عصير وعلبة بسكويت أو شيبس، وجميعها منتجات تضر بالصحة وتُستهلك يوميًا

في السياق ذاته، قال أحد الأولياء إن التغذية داخل المدارس غير صحية، وتعتمد على السكريات، العصائر المصنعة، منتجات الألبان التجارية، الخبز الأبيض، وغيرها.

وأضاف أن ثقافة الأكل الصحي غائبة عن البيوت، متسائلًا: “لماذا لا يمنعون المضافات الغذائية والملونات في منتوجات الأطفال وهم يعلمون أنها تسبب فرط الحركة والعديد من الأمراض؟”، مؤكدًا أن دراسات أوروبية أثبتت أن مشروبات الطاقة تسبب السرطان بنسبة عالية جدًا.

هذا فيما حذر احدهم و أبدى قلقه من غياب الوعي لدى بعض الأولياء أنفسهم، حيث يمنحون أبناءهم لمجات غير صحية، قد تكون منتهية الصلاحية دون أن ينتبهوا، ما يؤدي إلى حالات آلام في المعدة، وتستنفر على إثرها المصالح الأمنية والإدارية بالمدرسة، ويجد المدير والطباخ أنفسهم محل تحقيق، في حين أن سبب المشكلة يقع في الأساس خارج أسوار المؤسسة التربوية.

80 % من لمجات التلاميذ غير صحية وعامل رئيسي لانتشار فرط الحركة لدى الأطفال

واعتبرت في هذا الصدد رئيسة الجمعية الوطنية للصحة المدرسية، الدكتورة بسام نبيلة، أن الصحة المجتمعية هي رصيد ثقافي صحي وقائي يجب غرسه في المجتمع منذ الطفولة، مستغلة الأسبوع الوطني للصحة بالمدارس ، الى تسليط الضوء على المخاطر الحقيقية المرتبطة بنوعية الأغذية التي ترافق التلاميذ داخل محافظهم المدرسية.

مصدر الصورة

وأوضحت الدكتورة في فيديو توعوي نشرته عبر صفحتها الرسمية على الفايسبوك، بخصوص التغذية السليمة واللمجة، أنها وجّهت نداءً إلى الأمهات، مؤكدة أن 80 بالمائة من اللمجات غير صحية، وتُفضّل أن لا يتم إحضار اللمجة إلى المدارس، ومن الأحسن أن يتناول الطفل أو التلميذ فطور صباح صحي متوازن متنوع. وشدّدت على أهمية القضاء على اللمجة وتعويد الأطفال على تناول طبق غني بالبروتينات، إمّا بيض أو لحم أبيض “دجاج” مثلًا، وأكدت على ضرورة العودة إلى الزمن الماضي، حيث كان يتم تناول وجبة كاملة صباحًا، تتكوّن من خضروات مثل الخيار أو الجزر، طماطم، سلطة، نشويات كالأرز، أو الخبز الأسمر، إلى جانب عصائر طبيعية بعيدًا عن العصائر المصطنعة.

وفي السياق المدرسي، دعت الدكتورة بسام الأساتذة إلى اعتماد دروس تفاعلية من خلال تقديم أسئلة حول نوعية اللمجات التي يحضرها الأطفال، والتعرّف على ما يحبه التلاميذ والعمل على تحسيسهم حول أهمية التوجّه إلى اللمجات الصحية على غرار الفواكه، المكسرات، والابتعاد عن الوجبات الغنية بالدهون أو السكريات المكررة، أو التي تكون منعدمة من العناصر الصحية المفيدة للجسم.

واعتبرت أن هذه الوجبات غالبًا ما تكون عالية السعرات الحرارية وتتسبّب في زيادة الوزن، وهي ظاهرة أصبحت منتشرة عند الأطفال، ولها مضاعفات خطيرة على الصحة، أبرزها السكري من النوع الثاني، الذي بات ينتشر في أوساط الأطفال بعد أن كان مقتصرًا فقط على النوع الأول، في ظل انخفاض ممارسة الرياضة وتوفّر كل ما لذ وطاب من المواد غير الصحية.

جمعية الصحة المدرسية تحذر من علب لمجة مشبوهة في حقيبة كل تلميذ

كما حذرت رئيسة الجمعية الوطنية للصحة المدرسية ، من علب اللمجات التي بات يحضرها التلاميذ إلى المدارس، والتي تحتوي غالبيتها على عصائر، إضافة إلى مشروبات غازية، ومشروب الحليب بالشكلاطة، وهو منتج بات منتشرًا بشكل كبير، محذّرة من احتوائه على كميات كبيرة من الملونات والسكريات الصناعية، والمواد الكيميائية، والمضافات الغذائية.

ولم تتوقف تحذيرات الدكتورة عند هذا الحد، بل أشارت إلى منتوجات منتشرة حاليًا بين تلاميذ المدارس، في إشارة واضحة إلى الشيبس أو “بذور زريعة عباد الشمس”، التي تُشكّل خطرًا كبيرًا، خاصة وأنها تحتوي دهونًا غير صحية، إلى جانب أنواع الحلويات المختلفة.

ودعت بالمقابل إلى تعزيز اللمجات الصحية مثل الفواكه: الموز، التفاح، الخضروات، المكسرات، الزبيب، مؤكدة أنه يمكن شراء هذه المواد بكميات قليلة وبأسعار تُعادل الأسعار التي يشتري بها الأولياء العصائر والحلويات يوميًا.

تحوّل التلاميذ إلى مشاغبين في الأقسام.. “اللمجة” في قفص الاتهام

وأوضحت أن كمية صغيرة من هذه المواد الطبيعية تكون فعاليتها كبيرة بالنسبة للأطفال، مشيرة إلى أن قيمة 200 دج تكفي الطفل لمدة أسبوع، بينما يتم يوميًا صرف ما قد يصل إلى 300 دج على العصائر والحلويات، وهو ما اعتبرته أمرًا خطيرًا، لأن هذه الأموال يمكن أن تُستغلّ في شراء مكسرات أكثر فائدة، فـ”لمجة صغيرة” كافية، خاصة أن الطفل سيتناول وجبة غذاء فيما بعد.

وحذّرت كذلك من نسب السكر المرتفعة التي تُسبب فرط الحركة لدى الأطفال، مما يؤدي إلى اضطراب داخل الأقسام، وانخفاض مستوى التركيز، ويتحوّل بعض التلاميذ إلى مشاغبين نتيجة هذا التأثير الغذائي السلبي. لذلك دعت إلى اعتماد بدائل صحية مثل خبز الشوفان، الخبز الكامل، والحمص.

كما شددت على أهمية فطور صحي ولمجة متوازنة، داعية إلى اعتماد “الهرم الغذائي” في تغذية الأطفال، بدءًا من الماء والحركة، مرورًا بالنشويات، الخضروات، البقوليات، البروتينات، منتجات الحليب، وأخيرًا السكريات في قاعدة الهرم.

وفي ختام تصريحها، دعت الدكتورة بسام نبيلة إلى تنظيم ورشات تفاعلية إدراكية داخل المدارس، لأن الأطفال يعتمدون على “الذاكرة البصرية” التي تُنشّط دماغ الطفل دون جهد كبير، وتسهل من استيعاب المعلومات والنصائح الموجهة إليه.

الطبيبة عباد صباح ..السمنة مست حوالي 1,7% من التلاميذ على المستوى الوطني

في ظل تصاعد المخاوف الصحية المرتبطة باللمجة المدرسية التي باتت ترافق يوميات أكثر من 12 مليون تلميذ جزائري، يرتفع منسوب القلق لدى المختصين في الصحة العمومية بشأن التداعيات الصحية الخطيرة التي تفرزها الوجبات غير المتوازنة والمصنعة من مواد ضارة كيميائيًا، وهو ما يؤكده تصريحات طبيّة من داخل النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية ، وهذا على لسان الطبيبة العامة ، عباد صباح ،في تصريح لـ” الجزائر الآن” التي تسلط الضوء على حجم الخطر الكامن في عادات غذائية بدأت تترسخ مبكرًا لدى الناشئة، وتتجاوز آثارها حدود الوجبة العابرة لتتحول إلى أمراض مزمنة تثقل كاهل النظام الصحي الوطني.

مصدر الصورة

وأوضحت الطبيبة، أن اللمجة المدرسية تبقى مكسبًا اجتماعيًا وصحيًا، لكن نوعيتها تختلف من مؤسسة إلى أخرى، ما نؤكد عليه كأطباء صحة مدرسية هو أن هناك رقابة دورية وصارمة على المطاعم المدرسية، نقاط المياه والمرافق الصحية، تُجرى بانتظام من طرف فرق الصحة المدرسية بالتعاون مع مكاتب النظافة البلدية، بهدف ضمان السلامة الصحية للتلاميذ.

وحذرت المتحدثة من الأخطار العديدة، وأهمها السمنة وزيادة الوزن التي مست حوالي 1,7% من التلاميذ على المستوى الوطني، مشيرة ان هذه النسبة قد تبدو صغيرة لكنها مقلقة، لأن الطفل الذي يعاني من زيادة الوزن قد يبدأ في إظهار عوامل خطر أمراض قلبية ووعائية ابتداءً من سن 8 سنوات، كما أن الوجبات غير الصحية تُضعف التركيز وتؤثر على الأداء المدرسي، إضافة إلى مشاكل في الجهاز الهضمي وزيادة خطر السكري على المدى البعيد.

كما حذرت من تأثير هذه العادات الغذائية على المدى الطويل، بالنظر ان العادات الغذائية غير السليمة في سن الطفولة تؤسس لأمراض مزمنة مثل السمنة، السكري وارتفاع ضغط الدم في سن مبكر، مما يُثقل المنظومة الصحية مستقبلًا.

جهود وزارتي التربية والصحة لتعزيز الصحة المدرسية

في ذات الصدد أبرزت المتحدثة جهود وزارة الصحة لحماية الأطفال ، حيث أطلقت خلال سنتي 2022-2023 أربع دورات تكوين جهوية عبر كامل التراب الوطني، ركزت على الوقاية من السمنة، النظافة والتغذية الصحية، وفي السنة الدراسية 2023-2024، تم توجيه الجهود نحو تشجيع النشاط البدني في الوسط المدرسي، وتعزيز النظافة والأمن الغذائي، مع تنظيم تكوينات مشتركة لفائدة فرق الصحة المدرسية وأطقم التربية.

مصدر الصورة

أما هذه السنة، تقول ذات المتحدثة، “انه قد تمت برمجة أسبوع وطني للتحسيس بالصحة المدرسية ابتداءً من الدخول المدرسي، يتناول عدة محاور من أبرزها التغذية السليمة.

كما تم إقرار 29 سبتمبر من كل سنة يومًا وطنيًا للصحة المدرسية، وهو محطة سنوية للتأكيد على أن الصحة المدرسية مسؤولية مشتركة تتطلب مقاربة متعددة القطاعات، تجمع بين الصحة، التربية، الجماعات المحلية، وأولياء التلاميذ.”

وعن مطلب الإلغاء اللمجة، أشارت، انه ليس الحل الأنسب. فاللمجة لها بعد اجتماعي ونفسي مهم للتلميذ، خصوصًا في البيئات الهشة، و ما يمكن التفكير فيه هو استبدالها بفطور صحي متوازن يُقدم في المدرسة، باعتبار أن وجبة الفطور ضرورية للتركيز والتحصيل العلمي، مع المحافظة على الجانب النفسي والاجتماعي الذي توفره لحظة اللمجة الجماعية بين التلاميذ.

وخلصت الطبية تصريحات بالتأكيد، أن الصحة المدرسية في الجزائر تتبنى اليوم مقاربة شاملة من خلال الوقاية بالتشخيص المبكر، تعزيز النشاط البدني، ترسيخ عادات غذائية سليمة، وضمان بيئة مدرسية نظيفة وآمنة. وهي سياسة استثمارية في صحة الأجيال الصاعدة من أجل مستقبل أفضل.

كيف تفتح “اللمجة” أبواب الأمراض المزمنة؟.. أخصائي تغذية يوضح:

وأكد كريم مسوس، أخصائي في التغذية والسمنة والسكري، ونائب رئيس المجلس العلمي للجمعية الوطنية للسكري، في تصريح لـ”الجزائر الان” على خطورة اللمجة المدرسية غير الصحية التي يتناولها التلاميذ يوميًا، محذرًا من تحولها إلى مصدر للطاقة الفارغة التي تُثقل جسم الطفل دون أن تمنحه أي فائدة غذائية تُذكر.

مصدر الصورة

وفي تصريحاته، شدد الأخصائي على أن معظم اللمجات التي يحضرها التلاميذ إلى المدارس، والتي تتكون غالبًا من الحلويات، المعجنات الجاهزة، الشيبس، والمشروبات السكرية، تُعد عاملاً مباشرًا في انتشار السمنة المبكرة، النوع الثالث من السكري، وأمراض القلب والشرايين مستقبلاً، بفعل المحتوى العالي من السكريات والدهون والصوديوم.

ودعا المتحدث إلى تحرك جماعي يشمل إدارات المدارس، جمعيات أولياء التلاميذ، والأولياء أنفسهم، من أجل توحيد اللمجة المدرسية وفرض وجبات بسيطة وصحية على جميع التلاميذ، بعيدًا عن التفاوت الموجود حاليًا، حيث يحضر بعض الأطفال خضروات وفواكه، بينما يأتي آخرون بحلويات ومأكولات مصنعة.

واعتبر الأخصائي أن هذا التفاوت في نوعية الوجبات لا يخلق فقط مشاكل صحية، بل يعزز الإحساس بالفرق الطبقي بين التلاميذ، ويدفع بعضهم إلى تقليد غيرهم بشكل ضار، سواء من حيث نوعية الطعام أو عادات الأكل.

من جهة أخرى، لفت المتحدث إلى أن اللمجة غير الصحية تشكل عبئًا ماليًا إضافيًا على الأسر الجزائرية، حيث تقدر تكلفة هذه الوجبات اليومية بين 50 إلى 150 دينارًا للطفل الواحد، وهو ما قد يتضاعف في حال وجود أكثر من طفل متمدرس داخل الأسرة، في وقت يمكن استبدالها بخيارات صحية وأقل تكلفة.

خضروات وفواكه: البديل المثالي

وختم الأخصائي حديثه بالتأكيد على أن الطفل ليس بحاجة إلى لمجة يومية غنية بالسكريات، خاصة وأنها تؤثر على شهيته للوجبة الأساسية (الغداء)، وتقوده إلى عادات غذائية سيئة على المدى الطويل.

وفي حال الحاجة إلى لمجة، ينصح المختص بأن تكون من فواكه الفصل أو خضروات طازجة مثل الجزر، الخيار، الطماطم، البسباس، أو الخرشف، مشيرًا إلى أنها تحتوي على الألياف والمعادن الضرورية لنمو الطفل، وفي الوقت ذاته غير مكلفة ومناسبة لكل العائلات.

وفي ظل تصاعد القلق بشأن ما يتناوله التلاميذ يوميًا من وجبات خفيفة غير صحية داخل المدارس، وجه النائب عزالدين زحوف نداءً واضحًا وصريحًا إلى وزارة التربية الوطنية، دعا فيه إلى إصدار تعليمة تمنع إدخال اللمجة غير الصحية إلى المؤسسات التربوية، نظرًا لما تسببه من أضرار صحية خطيرة وتأثير سلبي على التحصيل العلمي للتلاميذ.

طلب برلماني لمنع اللمجة غير الصحية داخل المؤسسات” التربوية”

وقال النائب: “مواصلة لاهتمامنا الدائم بمستقبل الأجيال القادمة، من إصلاح المنظومة التربوية والمناهج التعليمية إلى التغذية السليمة والصحية، راسلنا وزير التربية الوطنية لإصدار تعليمة صارمة تمنع اللمجة غير الصحية لما تسببه من أضرار صحية وتأثير سلبي على التحصيل العلمي. منع اللمجة غير الصحية داخل المؤسسات التربوية”.

وجاء في مراسلة النائب ” تحية طيبة وبعد، يطيب لي، أن أتقدم إليكم بخالص الشكر والتقدير للجهود القيمة التي تبذلها وزارتكم، وللمبادرة المتميزة التي أطلقتها بمناسبة الدخول المدرسي 2025-2026، والمخصصة هذه السنة للصحة المدرسية. إن اختيار شعار “تعزيز الوعي الصحي وسط التلاميذ” يعكس رؤية مستنيرة واهتماماً كبيراً بصحة الناشئة، من خلال تنظيم حملات تحسيسية، وأنشطة تربوية، وورشات عملية تهدف إلى ترسيخ سلوكيات صحية سليمة لدى الأطفال والمراهقين. هذا النهج التربوي المتكامل يسهم دون شك في بناء جيل واعٍ ومُلمٍّ بمقومات الصحة والعناية بالذات”.

وأكد النائب في مراسلته أن الخطوة التالية لتعزيز هذا الوعي الصحي يجب أن تكون من خلال “منع إدخال اللمجة غير الصحية إلى المدارس، والتحذير بشكل صريح من الآثار السلبية للإفراط في استهلاك السكريات على صحة التلاميذ، سواء على المدى القريب أو البعيد.

فمن المعروف أن الاستهلاك المفرط للسكريات يرتبط بمخاطر صحية كبيرة، مثل السمنة، وتسوس الأسنان، وضعف التركيز، وغيرها من المشكلات التي تؤثر سلباً على التحصيل الدراسي والصحة العامة للتلاميذ”.

وفي مقترحه العملي، شدد النائب على “ضرورة العمل على إصدار تعليمات واضحة وصارمة بهذا الشأن، مع توفير بدائل غذائية صحية في فضاءات المؤسسات التعليمية، وتعزيز التوعية بأهمية التغذية المتوازنة في صفوف التلاميذ وأولياء أمورهم”.

وفي ختام رسالته، أبدى النائب عزالدين زحوف “استعداده الكامل لدعم أي مبادرات أو مشاريع تهدف إلى تعزيز الصحة المدرسية”، مؤكداً ثقته في أن جهود الوزارة “ستسهم في إيجاد بيئة مدرسية صحية وآمنة لأبنائنا وبناتنا”.

ممثل نقابة التعليمة الابتدائي حميدات أحمد يدعو المدراء الى فرض الرقابة بالمدارس

من جهته أكد محمد حميدات الأمين العام الوطني للنقابة الوطنية المستقلة لأساتذة التعليم الابتدائي، لـ”الجزائر الان”، أنه في إطار فعاليات أسبوع الصحة المدرسية لهذا العام، يجب مراعاة الظروف الصحية للتلاميذ داخل المدرسة، وخاصة متابعة الوجبات التي يتناولها التلاميذ داخل المؤسسات التعليمية.

وأشار حميدات إلى أن المجمة المدرسية التي يحضرها التلاميذ من منازلهم يجب أن تكون تحت مراقبة دقيقة من قبل إدارة المدرسة، مشيرًا إلى وجود حلويات منتهية الصلاحية تُقدم للتلاميذ في بعض الأحيان، إضافة إلى حلويات فاسدة تبقى في القطاع لفترات معينة دون توفير الظروف الصحية المناسبة.

وأوضح حميدات أن حتى في المدارس يمكن أن يتم توزيع حلويات غير صحية خلال بداية الدخول المدرسي، وهو ما يستوجب تعزيز الرقابة لتفادي أي حالات تسمم قد تتعرض لها التلاميذ. وأضاف: “في أسبوع الصحة يجب تعويد التلاميذ على صحة مدرسية متكاملة وذلك من خلال المتابعة، ومجبَرين على ذلك، لأن التلميذ إذا تلقى النصائح ومتابعة صحية مستمرة يمكن تحقيق الأهداف المرجوة”.

وشدد الأمين العام للنقابة على ضرورة مراقبة اللمجة المدرسية، رغم التحديات والصعوبات التي قد تواجه عملية المراقبة. وقال: “بما أن المدارس في صدد تنظيم أسبوع صحة، فهي ملزمة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتحصين الأطفال من المؤكولات الفاسدة والتي لا تتناسب مع أجسادهم، وليس بالأغذية المقوية التي قد تؤثر سلبًا على صحتهم”.

كما أكد حميدات على أهمية تعزيز الحماية والحملات التحسيسية خلال أسبوع الصحة، الذي يتميز بطابع جدي وأهمية كبرى، مشددًا على ضرورة تعزيز التوعية بين أولياء الأمور والمدرسة من أجل حماية صحة الأطفال، بالنظر إلى أن الصحة هي أساس النجاح والتقدم في المدرسة.

زبدي .. تخصيص دروس حول اللمجة أصبح ضرورة ملحة بالمدارس

وسط تزايد الدعوات إلى مراقبة الوجبات الخفيفة التي يتناولها التلاميذ يوميًا داخل المدارس، اعتبر مصطفى زبدي، رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك، في تصريحه لـ” الجزائر الآن” أن اللمجة المدرسية التي تحولت، حسبه، من سلوك غذائي بسيط إلى مصدر تهديد للصحة العامة، بفعل غياب المعايير الصحية والرقابة.

وصرح زبدي، أن اللمجة المدرسية ليست وجبة أساسية، وإنما دخلت إلى قائمة السلوكيات دون أن تطرق الأبواب، وأصبحت من المسلمات بالنسبة لبعض الأطفال، وأضاف أنه مع العصرنة التي نعيشها، أصبحت هذه اللمجة صناعة غذائية أكثر منها وجبة غذائية وصحية، حيث سادت المشروبات وساد الشيبس وسادت البسكويتات، حتى أن صناعة البسكويت على شكل مصغر أصبحت سمة تميز معظم المؤسسات خصيصًا لوجبة اللمجة، ولذلك، أصبحت هناك مرونة وسيلة ومسايرة للأحداث.

وأوضح أن الأخصائيين ذكروا، خلال يوم دراسي حول اللمجة نظمته المنظمة، أن اللمجة ليست ضرورية إذا ما كانت هناك لمجة صباحية جيدة، فاللمجة غير ضرورية.

لكن للأسف، نمط الاستهلاك في الجزائر أصبح غير سليم، ما يتطلب أخذ اللمجة بعين الاعتبار. وحتى الأولياء، حسبه، يعتمدون على اللمجة ويرسلون أحيانًا الأطفال وأبناءهم إلى المدارس دون حتى فطور الصباح.

وفي ظل صعوبة التخلص من اللمجة الآن بسبب اعتياد التلاميذ عليها، نصح زبدي بتوجيه العائلات نحو غذاء سليم مثل الفاكهة أو التمر أو وجبات طبيعية لا تزيد من المضاعفات الصحية السيئة على أطفالنا.

وفي هذا السياق، دعا زبدي المنظومة التربوية إلى تخصيص دروس حول اللمجة، أهدافها ومكوناتها، مشيرًا إلى أن اليوم الدراسي الذي نظمته المنظمة العام الماضي، رافقه تنظيم حملات تحسيسية على مستوى كثير من المعاهد والمدارس عبر التراب الوطني، إلا أن وزارة التربية، حسبه، لم تواكب هذه المبادرات. وأكد أن المنظمة ستعيد الكرة هذه السنة مع الوزير الجديد، على أمل أن تكون هناك استجابة.

وكشف بالمناسبة أن عملًا قاعديًا جمعويًا ومؤسساتيًا كبيرًا يتم حاليًا من طرف المنظمة، لأجل ضبط مواصفات مشروبات الطاقة، حماية لصحة المستهلك، وخاصة منهم الأطفال.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا